الاموال الليبية المجمدة في بريطانيا تسيل لعاب امريكا وتتذرع باتهام “ابوعجيلة في لوكربي” للاستحواذ عليها
عادت قضية لوكربي إلى السطح مجددا بعد إعادة توجيه الإدعاء الأمريكي إتهامًا جديدًا بالتورط في القضية لمواطن ليبي قالت انه ضابط مخابرات يدعى أبوعجيلة مسعود يزعم الإدعاء توليه مهمة تصنيع ونقل القنبلة المستخدمة في التفجير .
هذا الإعلان الأمريكي يأتي بالتزامن مع حكم قضائي بريطاني يرفع التجميد عن مليارات ليبية في المملكة المتحدة مجمدة بحسابات المؤسسة الليبية للإستثمارات ماحذا بالبعض إلى الربط بين هذا الحكم والإتهام الأمريكي مايعرض تلك الأموال للحجز على اعتبار أن الحادثة وقعت على أرض بريطانية ، وفقًا لهؤلاء .
ولكن ما مدى صدق هذا الإحتمال ؟ وهل يمكن للولايات المتحدة فعلًا وضع يدها على تلك الأموال في حال استقر القضاء الأمريكي على اتهام ابوعجيلة وادانته علما بأن هذا المواطن مسجون في طرابلس منذ سنة 2011 بتهمة ” الولاء ” للنظام السابق ؟
الإجابة على هذا السؤال هي قطعًا لا وفقًا لوثائق تحصلت المرصد على نسخة منها وتنشر لأول مرة ، إذ نص إتفاق تسوية المطالبات الليبي الأمريكي المبرم والموقع بين الجانبين في طرابلس يوم 14 أغسطس 2008 على إغلاق كل هذه القضايا حتى لو كانت قابلة للإستئناف أمام المحاكم وذلك بعد دعاوى رفعتها عائلات أمريكية في نيويورك سنة 2006 وتحصلت على حكم بالتعويض قدره 6 مليارات دولار ليأتي هذا الإتفاق قاطعًا للطريق على هذه التحركات ومنهيًا للخلاف مقابل تعويض قدره 1.5 مليار دولار وأن تدفع أمريكا في المقابل تعويضًا لليبيا وقدره 300 مليون دولار .
وتحمل هذه الإتفاقية المكتوبة باللغتين العربية والإنجليزية توقيع كل من ” ديفد ويلش ” وكيل وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأوسط وأحمد الفيتوري أمين ( وكيل ) شؤون الأمريكيتين في وزارة الخارجية الليبية آنذاك وتنص على تأسيس صندوق يودع فيه الطرفين أو من ينوب عنهما الأموال التي يطلبها كل منهما من الآخر كتعويض .
ونصت الإتفاقية على قبول الطرفين للتسوية المادية مقابل تلك القضايا وتعتبر هذه الأموال المدفوعة تسوية كاملة ونهائية تمامًا ولا يجوز بعدها فتح أي مطالبات جديدة عن أي أفعال ارتكبت من الطرفين بحق الآخر قبل تاريخ 30 الصيف/ يونيو 2006 مايعني أن الولايات المتحدة لايحق لها الآن المطالبة أو حجز أي أموال أو أصول ليبية بعد هذه التسوية الحاسمة وأن لايحق لليبيا أي مطالبة في مقابل أن تدفع الولايات المتحدة تعويضات ضحايا الغارة الأمريكية التي تمت يوم 15 الطير /أبريل 1986 .
ولضمان إحترام هذا الإتفاق طالبت ليبيا ، في مادة منه على إلتزام الولايات المتحدة بتوفير الحصانة السيادية والدبلوماسية لليبيا وبأن لايستلم أهالي الضحايا أي تعويضات من الصندوق المشترك المخصص للغرض إلا بعد توفير هذه الحصانة وهو ماتم بالفعل عبر مراسيم رئاسية وتشريعية أمريكية .
وبالفعل وتنفيذًا لهذا الشرط الليبي أصدر الكونغرس الأمريكي القانون رقم 110/301 الصادر في أغسطس من ذات العام بشأن اعتماد هذه الإتفاقية ونصت المادة 4 من هذا القانون على أن تكون الممتلكات الليبية والأفراد الليبيين المعنيين في مأمن من الحجز أو إجراء قضائي آخر ، وبالمناسبة فإن النائب بالكونغرس ” جو بايدن ” وقتها ، الرئيس المنتخب حاليًا ، هو من تقدم بذلك التشريع .
وفي 31 التمور/ أكتوبر 2008 وقع الرئيس الأمريكي ” بوش ” مرسومًا رئاسياً حمل الرقم 13477 ينص على إلتزام الولايات المتحدة بتسوية الإلتزامات المطلوبة منها والتي ارتكبها مواطنيها على أن تلتزم ليبيا بنفس المبدأ مع الإنهاء التام لأي مطالبات مستقبلية وإقفال أي قضايا مفتوحة من قبل عائلات الضحايا سواء أمام المحاكم المحلية والأجنبية وذلك بعد قيام بعض العائلات برفع قضايا ضد ليبيا بشكل منفرد وحصولها على أحكام بتعويضات مالية ضخمة إلا أنها أصبحت هي والعدم سواء بعد هذا الإتفاق .
وبالتالي ، فإن كل مايقال عن حق وقدرة الولايات المتحدة على حجز الأموال الليبية أو المطالبة بحجز أو معاقبة الدولة الليبية وأصولها هو أمر غير واقعي ولم يعد له أسس وفقًا لهذه الإتفاقية الموقعة بين ليبيا والولايات المتحدة بنفس القوة القانونية وللقانون الصادر بشأن تحصينها من الكونغرس و للمرسوم الرئاسي الصادر والموقع من الرئيس ” جورج دبليو بوش ” .