رفع اسم ليبيا من قائمة تقييم جودة التعليم.. جريمة مرعبة لفبراير الأسود ونكبة على المستقبل
من بين آثار نكبة فبراير الموجعة لملايين الليبيين، انهيار المنظومة التعليمية برمتها في ليبيا، بالرغم من أن التعليم في ليبيا سواء من حيث انتشار المدارس والجامعات أو من حيث القضاء على الأمية ورفع نسبة المتعلمين، وارتفاع نسبة الحاصلين على مؤهلات جامعية، كانت قد حققت كلها مستويات قياسية خلال حكم القائد الشهيد، وكانت هناك بنية تحتية تعليمية قوية في ليبيا، إلا أن ذلك قد انهار في لحظة مع بروز “خونة فبراير”، فالميليشيات المسلحة استباحت المدارس، والحرب دفعت مئات الآلاف للتسرب من التعليم علاوة على فساد مروع في العملية التعليمية برمتها.
ومع بدايات العام الدراسي الجديد، فإن هناك مشاهد موجعة مؤلمة في رحلة انهيار التعليم الليبي خلال “سنوات فبراير”.
وكان قد أظهر مؤشر جودة التعليم العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي دافوس لعام 2020م، خروج ليبيا من نطاق التقييم للعام الخامس على التوالي، وذلك بسبب الافتقار لمعايير الجودة نظرًا لما تمر به البلاد من تقلبات عسكرية وأمنية
وهذا هو الوضع اليوم، أما سابقا فقد كانت ليبيا وفق تقرير صادر عن مندوبية ليبيا لدى اليونسكو في العام 2010م، في الترتيب 48 على المستوى العالمي والترتيب الرابع على المستوى العربي، في نسبة الالتحاق بالتعليم الثانوي في العام 2006م، فيما كانت من حيث نسبة الالتحاق بالتعليم الجامعي، في عام 2008 بالترتيب 37 على المستوى العالمي والترتيب الأول على المستوى العربي، ما عكس اهتماما بالغا وبأرقام دولية معتمدة بالتعليم خلال فترة حكم النظام الجماهيري.
وأظهرت بعض الأرقام خلال النظام الجماهيري، بناء أكثر من ثلاثة آلاف مدرسة و20 جامعة و25 كلية و80 معهدا بين عالي ومتوسط. كما احتلت ليبيا بنهاية عام 2010 المركز 52 دوليًا، ضمن مؤشر التنمية البشرية الصادر من منظمة الأمم المتحدة للعام، مُصنفة في المركز الأول على الصعيد الإفريقي والخامس على مستوى العالم العربي، أما اليوم فإنها خيبة تجر خيبة وسط فوضى الحكم الميليشيوي الذي يضرب ليبيا.
ويؤكد كل المراقبون للفوضى والصراع في ليبيا، أن التعليم كان ولا يزال الخاسر الأكبر في الصراعات والحروب، فالمدرسة غالباً ما تتحول من بيت للعلم إلى مراكز إيواء للمشردين، أو مخازن أسلحة تسيطر عليها الميليشيات.
وكانت قد كشفت وزارة التعليم بحكومة السراج غير الشرعية، قبل مدة وجيزة، أن قرابة 4500 مدرسة تعرضت لأضرار كبيرة وتحتاج إلى صيانة وإصلاح بشكل كامل أو جزئي.
فيما كشفت تقارير للآمم المتحدة أن نحو 54% من المدارس تعاني نقص وتلوث مياه الشرب ومرافق الصرف الصحي، في الوقت الذي تشهد فيه المدارس انقطاعاً متكرراً للتيار الكهربائي يدوم لساعات طويلة، إضافة إلى انقطاع الاتصالات والإنترنت والخدمات الأخرى.
وخلال العامين الماضيين، أطلقت المؤشرات الدولية صيحة فزع حول وضع التعليم في ليبيا،حيث أعلن مؤشر التنمية البشرية لسنة 2018 الصادر من منظمة الأمم المتحدة تراجع ترتيب الدولة الليبية من الرتبة 82 إلى 108، بعد دولة اليمن التي تراجعت من 158 إلى 178، وقبل سوريا التي تراجعت من 128 إلى 155.
واحتل النظام التعليمي الليبي المرتبة 142 من 144 في إحصائية لتقرير الجودة الشاملة وفقا لمنتدى الاقتصادي العالمي دافوس 2013، إلى ان خرج تماما هذا العام.
وقال مراقبون، أن تردي الوضع التعليمي مرده إستمرار الحكومات العميلة المتعاقبة في تصفية حسابات سياسية وانهيار الوضع الأمني ما أثر بالتبعية على التعليم ومدارسه ومؤسساته.
فليبيا تحت حكم فبراير، تحولت الى دولة فاشلة تماما، كما تكشف الميزانيات الموضوعة أنه لا مجال للبحث او الابتكار في ليبيا بل لا مجال للتعليم أصلا برمته، وإذا كانت الميزانية المتاحة لوزارة التعليم لسنة 2017 حوالي 8.3 مليار دينار ليبي، فقد أنفق منها 6.1 مليار، حيث سجلت النفقات على الرواتب 80% منها، والبحث العلمي والتطوير والتدريب 0%، وفقا لتقارير ديوان المحاسبة.
وتبقى جريمة تدمير المنظومة التعليمية في ليبيا، واحدة من جرائم فبراير المروعة، لآن آثارها السيئة تدمر المستقبل بعدما حرم عشرات الألاف من التلاميذ من أخذ فرصتهم في التعليم وبناء مستقبلهم وعقولهم.