في العيد ( 52 ) للإجلاء الأمريكي.. انتصار إرادة الرجال الصنديد الأفذاذ
في مثل هذا اليوم 11 يونيو 1970 ، انتصرت إرادة الشعب الليبي علي صوت هدير القاذفات النووية الاستراتيجية ، في قاعدة هويلس الامريكية ( الملاحة ) بمدينة طرابلس ، التي كانت أكبر قاعدة عسكرية للولايات المتحدة الامريكية خارج اراضيها ، ويتواجد بها اكثر من 4600 امريكي ، ووصفها سفير سابق للولايات المتحدة الامريكية في ليبيا بكونها ( امريكا مصغرة علي ضفاف البحر الابيض المتوسط )
وعزفت لأول مرة الآلات الموسيقية ،نشيد الجمهورية العربية الليبية ورفع علمها خفاقاً مكان العلم الامريكي ، وانتصرت الموسيقي العربية ايضا ، وطغت علي اصوات الطائرات والمدافع المغادرة إلى غير رجعه
واكتشف سكان سوق الجمعه والعمروص والمنقيت وتاجوراء وطرابلس وعموم ليبيا خفايا ودهاليز ومرافق القاعدة التي كانت محرمة عليهم مجرد الاقتراب من الطرق المؤدية اليها ، او الاقتراب من جدرانها !!
كما اكتشفوا حماقة وسذاجة وعمالة العهد الملكي السابق الذي شرعن وجود القواعد الاجنبية ، وعمت الفرحة في ذلك اليوم التاريخي الجميع ، وخلد اسمي الفاتح العربي عقبة بن نافع ، ومن بعده الطفلة الشهيدة معتيقة ، علي واجهة مدخل القاعدة .
تأملوا مشهد وصورة ضباط احرار من صغار الرتب العسكرية الملازم عبدالله محمود الحجازي الاسير المحرر ، والشهيد الملازم الهادي الطاهر امبيرش وجنودهم الشجعان ، وهم يقتحمون اسوار القاعدة ويحاصرونها ، ويفرضون سيطرتهم علي ابوابها ومداخلها ، ويهدمون جدار الخوف ، ويجبرون آمر القاعدة الامريكي صاحب الرتب العالية الامتثال لتعليماتهم ، بتوقيف حركة الطيران وعدم اقلاع الطائرات ، وبقت علي هذه الوضعية لاشهر حتي دخول مرحلة التفاوض والاجلاء
حيث يروي الفريق عبدالله الحجازي في كتابه مذكرات شاب في الستنيات وقائع ومشاهد وذكريات وملاحم ذلك اليوم بالقول : ( بداية أخذنا موقع للبطارية علي بعد حوالي ( 50 ) ياردة من سياج قاعدة الملاحة موجهين مدافعنا صوب القاعدة ، وقد هلع الجنود الامريكان لهذا الامر ، وقاموا بتعزيز الحراسة بسرعة ، ثم بدأ اقلاع طائرات الفانتوم ومغادرتها القاعدة إلى اماكن اخري دون عودة ، وكانت الارض في تلك اللحظات تهتز من تحتنا ، كلما اقلعت طائرة ، وجهزنا احدي الرشاشات ، ووضعناها بجانبنا انا والملازم الهادي امبيرش للتعامل مع اي مقاومة او اعتراض من الجانب الامريكي )
ما اجمله واعظمه من يوم وموقف وتاريخ مشرف لصناعه والوطن .
الإرث التحرري الليبي بطرد القواعد العسكرية الاجنبية ، وبقايا المستعمر الفاشي الايطالي ، له عنفوانه الخاص ، ورجاله وابطاله بتنوع ادوارهم التاريخية .
ينبغي ان يحظي من قبل الكتاب والمؤرخين بالتوثيق لوقائعه ، واحتفاء الشعب بقيمته المادية والمعنوية ، وان يتصدر هذا الانجاز المناهج الدراسية من الروضة حتي الدراسات العيا والدقيقة ، وان التفريط في هذا المكسب القيمي ، تفريط في الشرف الوطني ، ويعد من الخطايا الكبري التي لا تغتفر .