محلي
“مخاوف حقوقية أخرى في ليبيا”.. رسالة هامة من منظمة “رايتس ووتش” إلى لودريان قبل اجتماعه وقادة عالميين حول ليبيا
وجه مكتب منظمة هيومن رايتس ووتش، بفرنسا، رسالة إلى وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، حول المُساءلة والمخاوف الحقوقية في ليبيا، قبل اجتماعه المزمع عقده، اليوم الخميس، حول ليبيا.
وأرسل مكتب “رايتس ووتش”، نُسخة من الرسالة، التي طالعتها “أوج”، إلى الأمين العام للأمم المتحدة، ووزراء خارجية إيطاليا وألمانيا والإمارات ومصر وتركيا، وممثلي الدول الدائمة العضوية والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، وجاء نص الرسالة كالآتي:
معالي الوزير لو دريان،، نكتب إليكم قبيل الاجتماع الوزاري المزمع عقده برئاستكم ورئاسة نظيركم الإيطالي وبمشاركة قادة عالميين حول ليبيا على هامش انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، الخميس، 26 الفاتح/سبتمبر 2019، لحثكم على العمل مع زملائكم من إيطاليا ودول أخرى على إعطاء الأولوية في المناقشة للمخاوف الحقوقية والحاجة إلى المساءلة عن الجرائم الخطيرة.
لاحظنا بقلق متزايد غياب المساءلة وحقوق الإنسان عن المفاوضات المتصلة بالهدنة والتسوية السياسية لإنهاء حمام الدم الحالي في ليبيا، ونؤمن بشدة بضرورة زيادة التركيز على العدالة والمساءلة لمعالجة التجاوزات والانتهاكات في ليبيا والحيلولة دون المزيد من الجرائم.
اندلعت الاشتباكات الحالية في محيط طرابلس في الطير/أبريل 2019م، مع قيام خليفة حفتر، بشن هجوم ضد الجماعات المسلحة في طرابلس الداعمة لحكومة الوفاق المدعومة دوليًا، وقتلت المعارك ما يزيد عن ألف شخص، منهم أكثر من 100 مدني، ونزوح ما يزيد عن 120 ألفا آخرين، والجماعات المسلحة الداعمة لجميع أطراف النزاع مسؤولة عن أضرار جسيمة لحقت بالبنية التحتية المدنية، كما استهدفت الكادر الطبي وانتهكت الحظر المفروض على الأسلحة عدة مرات.
بدأت محنة ليبيا قبل الصراع الحالي بفترة طويلة، ووثقت “هيومن رايتس ووتش” على مدار السنوات الخمس الماضية انتهاكات للقانون الدولي في شرق ليبيا وغربها وجنوبها، بما فيها إعدامات غير قانونية وعمليات اختطاف وإخفاء قسري وهجمات على البنية التحتية المدنية، وما يزال أكثر من 48 ألف شخص من تاورغاء قرب مصراتة مهجّرين منذ 2011م، رغم اتفاقات المصالحة المتعددة بين تاورغاء والمسؤولين في مصراتة، ولا يمكن لعائلات بنغازي ودرنة وأجدابيا، العودة إلى منازلها في شرق ليبيا خوفًا من التعذيب، والاحتجاز التعسفي، والإعدام خارج نطاق القضاء.
آلاف الليبيين هم رهن الاحتجاز التعسفي المطوّل في ظروف سيئة وبلا تهمة في سجون تديرها وزارات العدل والداخلية والدفاع التابعة للحكومتين المتنافستين في شرق البلاد وغربها، ووثّقنا سوء معاملة واسع النطاق ومنهجي وظروف مزرية في هذه السجون.
ويعاني المهاجرون وطالبو اللجوء المحتجزون على يد المهربين والمتاجرين بالبشر أو ضمن مراكز الاعتقال التابعة لحكومة الوفاق، من المعاملة اللاإنسانية والاكتظاظ والظروف غير الصحية والعنف، بما في ذلك الاعتداء الجنسي والضرب والجَلد، وساهم قيام مؤسسات الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه بنقل مسؤولية ضبط الهجرة إلى السلطات الليبية، وتنازل الاتحاد الأوروبي جماعيا عن مسؤولية الإنقاذ في البحر، في تفاقم الوضع في ليبيا.
ويتعرض الصحفيون والإعلاميون والنشطاء إلى المضايقة واعتداء السلطات والجماعات المسلحة المنتظم ضدهم في جميع أنحاء البلاد، ونتيجةَ لذلك، فر معظم الصحفيون المستقلون من البلاد، واختفت بالكامل تقريبًا مساحة الانتقاد، وتعرض المحامون والقضاة ووكلاء النيابة، بالمثل، لهجمات الجماعات المسلحة وضغوطاتها، ما أدى إلى انهيار جزئي لنظام العدالة الجنائية الوطني.
ثمّة حاجة ماسة إلى معالجة ثقافة الإفلات من العقاب في ليبيا، وينبغي للمجتمع الدولي العمل على ضمان مواجهة مرتكبي الجرائم الخطيرة المستمرة في البلاد عواقب ملموسة، ونتيجةً للانهيار الفعلي للقضاء الجنائي المحلي، لم تحقق السلطات الليبية مع المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة أو تحاكمهم، وبينما ولاية “المحكمة الجنائية الدولية” تشمل ليبيا، يُرجح اقتصار نطاق عملها بدوره على بضعة أفراد ينظر إليهم على أنهم الأكثر مسؤولية عن الجرائم المرتكبة.
لذا، نحثكم والجهات الفاعلة المعنية الأخرى على التصريح علنًا وبشكل لا لبس فيه على وجوب محاسبة أي مسؤول عن انتهاكات القانون الدولي، ويشمل ذلك كبار المسؤولين الحكوميين الليبيين، مدنيين وعسكريين، ممن لم يبذلوا جهودا جادة لإيقاف الانتهاكات التي ترتكبها الجماعات الخاضعة لقيادتهم أو منعها.
ضمان إدراج حقوق الإنسان والمساءلة كجزء أساسي من أي محادثات تسوية سياسية، وينبغي دعم مجموعة متنوعة من النشطاء الحقوقيين الليبيين لقيادة هذه الجهود.
وضمان تنفيذ أقوى لبرنامج العقوبات الذي بدأ العمل به عام 2011م، بالنظر إلى الانتهاكات واسعة النطاق لحظر الأسلحة الذي فرضه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على ليبيا وأسفر عن وصول أسلحة وذخائر إلى الجماعات المسلحة المسؤولة عن انتهاكات حقوقية خطيرة.
دعم دعوة المنظمات غير الحكومية الليبية والدولية إلى إنشاء آلية تحقيق دولي تتمتع بصلاحية توثيق حالة حقوق الإنسان في ليبيا، ورصدها، وإعداد تقارير علنية عنها، وذلك في دورة الربيع/مارس 2020م، في مجلس حقوق الإنسان كونها الفرصة الآتية الأفضل، وينبغي أن تعمل الآلية على تحديد المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات الحقوقية الخطيرة، ومنها تلك التي تستهدف المهاجرين واللاجئين، بهدف المساهمة في جهود المساءلة الموثوقة على الصعيدين الوطني والدولي.
حظيت هذه الدعوة بتأييد المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا غسان سلامة ومفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان.
اشتراط تقديم أي دعم إلى السلطات الليبية أو العمل المشترك معها بإنهاء الانتهاكات ضد المهاجرين وطالبي اللجوء، ودعوة السلطات الليبية إلى إغلاق مراكز الاحتجاز، وتسهيل إجلاء المهاجرين المحتجزين وطالبي اللجوء إلى أماكن آمنة خارج ليبيا، وينبغي لفرنسا تسريع إعادة توطين اللاجئين الذين تم إجلاؤهم من ليبيا إلى بلدان أخرى آمنة.
دعم جهود المحكمة الجنائية الدولية في ليبيا، بما في ذلك الضغط من أجل تسليم المطلوبين من قبل المحكمة وضمان امتلاك المدعية العامة للمحكمة موارد كافية لتنفيذ عملها بفعالية.
شكرًا لكم على عنايتكم، ونتطلع إلى مناقشة هذه القضايا بالتفصيل معكم في الوقت الذي ترونه مناسبًا.
وكان وزير الخارجيّة الفرنسي، جان إيف لودريان، أعلن أنّه سيترأس مع نظيره الإيطالي اجتماعًا مخصّصًا لليبيا في الأمم المتّحدة، اليوم الخميس، بهدف الدّفع نحو تنظيم مؤتمر دولي لإخراج البلاد من النزاع الدموي.
وقال لودريان في مؤتمر صحفي عشيّة انعقاد الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة، أن الهدف هو الانخراط في عمليّة سياسيّة، وأنه لن يكون هناك حلّ عسكري في ليبيا، مُضيفًا أنّ الذين يعتقدون ذلك يُخطئون ويُخاطرون بجَرّ البلاد نحو منزلق خطر.
وبدأت أعمال الدورة الـ 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة، بمشاركة رئيس المجلس الرئاسي المنصب من المجتمع الدولي، فائز السراج، الذي يأمل في عقد لقاءات على هامشها مع مسؤولين غربيين، لشرح وجهة نظره حشدا للدعم هذه الدول في حرب المستعرة في العاصمة طرابلس منذ الرابع من الطير أبريل الماضي.
يذكر أن خليفة حفتر، أعلن يوم 4 الطير/أبريل الماضي، إطلاق عملية لـ”تحرير” العاصمة طرابلس من قبضة “الميليشيات والجماعات المسلحة”، بالتزامن مع إعلان المبعوث الأممي في ليبيا، عن عقد الملتقى الوطني الجامع، بين 14- 16 الطير/أبريل الماضي بمدينة غدامس.
وكان الأمين العام للجامعة العربية دعا جميع الأطراف الليبية لضبط النفس وخفض حالة التصعيد الميدانية الناتجة عن التحركات العسكرية الأخيرة في المناطق الغربية من البلاد، والالتزام بالمسار السياسي باعتباره السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة في ليبيا، والعودة إلى الحوار الهادف للتوصل لتسوية وطنية خالصة لإخراج البلاد من الأزمة التي تعيشها.
وتمر ليبيا بأزمة سياسية عسكرية مستمرة، منذ العام 2011م، حيث يتنازع على السلطة حاليًا طرفان، هما؛ حكومة الوفاق المدعومة دوليًا، بقيادة فائز السراج، والطرف الثاني، حكومة شرق ليبيا المؤقتة، والتي يدعمها مجلس النواب المنعقد في مدينة طبرق.