محلي
بين حرب بيئية وأخرى عسكرية.. تقرير لـ”إندبندنت عربية” يكشف كيف تحولت طرابلس إلى عروس القمامة؟
نشرت النسخة العربية لصحيفة الإندبندنت البريطانية، تقريرًا بشأن انتشار القمامة في شوارع العاصمة طرابلس، مشيرة إلى أن هناك جبالاً من النفايات التي احتلت أرصفة الشوارع وتجرأت على مداخل المنازل.
واعتبرت الصحيفة، في تقريرها، الذي طالعته “أوج”، هذه الظاهرة كارثة بيئية تتربص بسكان العاصمة، مؤكدة أن المواطنين اتخذوا من الكمامات حلاً للوقاية من بعض الأمراض المنقولة عن طريق الجهاز التنفسي.
وأشار التقرير، أن عددًا من المواطنين اتخذوا من منصات التواصل الاجتماعي وسيلة للضغط على حكومة الوفاق المدعومة دوليًا للتحرك والحد من هذه المشكلة، التي تهدد جميع الأجيال عن طريق إطلاق عدد من الهاشتاجات، مقترحين تغيير اسم طرابلس من عروس البحر إلى عروس القمامة.
واستطلعت الصحيفة في تقريرها آراء عدد من المواطنين، حيث وصفت رانيا، التي تعيش في العاصمة، الوضع بالكارثي، قائلةً: “الروائح الكريهة تطاردنا في كل مكان في المنزل، فلا يمكنني فتح النوافذ خوفاً من جحافل الحشرات التي لم يسبق أن رأيتها”، متسائلة: “أين عمداء البلديات؟ هل يجوز أن تكون العاصمة السياسية لليبيا التي تستقبل كل يوم وفودًا أجنبية بهذا الشكل؟”.
ووفق التقرير، أعربت رانيا عن رغبتها في الانتقال من العاصمة إلى مدينة أخرى ريثما تُعالج هذه المشكلة، خوفاً على صحة عائلتها من الأمراض التي سبق لها أن تفشت في مدن ليبية أخرى بسبب التلوث، مثل الكوليرا والملاريا.
وعلى صعيدٍ متصل، بادر المركز الوطني لمكافحة الأمراض، بإطلاق دورات تدريبية لـ21 متدرباً لمكافحة مرض اللشمانيا، وهو مرض جلدي ينتقل عبر بعوض الرمل، التي تتغذى على قمامة الإنسان، حيث نبه المدير العام للمركز بدر الدين بشير النجار، إلى خطورة انتشار النفايات، التي تُعد البيئة الحاضنة لهذا المرض، خاصة وأن ليبيا سجلت العام الماضي حوالى 5 آلاف إصابة به.
وطالب النجار، وزارة الحكم المحلي بتفعيل مكاتب الإصحاح البيئي في كل البلديات، لمتابعة رشّ شركة النظافة العامة للشوارع التي تحوّلت إلى مكبات للنفايات بالمبيدات، مشيرًا إلى أن حكومة الوفاق عاجزة عن توفير المصل الخاص بهذا المرض، الذي جرى توحيد بروتوكولات الوقاية منه.
وحسب التقرير، سارعت بلدية طرابلس المركز إلى رش أماكن تجمع القمامة بالمبيدات، وخصصت صناديق لبقايا البلاستيك وأخرى للفضلات المنزلية، في حل اعتبرت شركة النظافة العامة أنه لا يستوعب حجم الكارثة التي تحدق بالعاصمة.
وأكدت البلدية، في بيانٍ لمكتبها الإعلامي، أن الاشتباكات تمنع الوصول إلى المكبات الرئيسة، التي يبقى أهمها المكب البلدي لسيدي السايح، ما دفعها إلى رفع جزء من القمامة إلى المكب المرحلي المخصص لمنطقة أبو سليم، لتغزو بقية النفايات شوارع طرابلس، نتيجة عدم توفر مكبات بلدية.
وفي سياق متصل، قررت بلدية سوق الجمعة التابعة لطرابلس المركز، عدم التعويل على الحكومة وتعاقدت مع شركات نظافة خاصة، تتم تغطية نفقاتها من جباية يتقاسمها سكان المنطقة، حيث أشار عميد البلدية، هشام بن يوسف، في بيان، إلى أن شركة النظافة العامة أخلّت بواجبها على الرغم من دعمها بحوالي 22 شاحنة نقل قمامة.
وتساءل عميد بلدية سوق الجمعة، عن مصير الأموال المرصودة من قبل حكومة الوفاق للبلديات، لافتًا إلى أنه تم تخصيص 10 آلاف مليون دينار للبلديات لم تحصّل منها بلدية سوق الجمعة إلا 250 ألف دينار ليبي، قائلاً: “الأموال ضخمة والقمامة في تضخم”.
جدير بالذكر، أن العاصمة طرابلس، سبق وأن عانت من تكدس النفايات عام 2015م، لتعود الأزمة هذه السنة وتدخل طرابلس بين فكَّي حرب بيئية قد يطول مداها، وحرب عسكرية تحول دون الوصول إلى مكبات النفايات الرئيسية.
وتمر ليبيا بأزمة سياسية عسكرية مستمرة، منذ العام 2011م، حيث يتنازع على السلطة حاليًا طرفان، هما؛ حكومة الوفاق المدعومة دوليًا، بقيادة فائز السراج، والطرف الثاني، حكومة شرق ليبيا المؤقتة، والتي يدعمها مجلس النواب المنعقد في مدينة طبرق.