محلي

مطالبة لدول حلف الناتو بتحمل مسئولية إعادة إعمار ليبيا بعد تدميرها في 2011

قال الباحث والخبير السياسي، محمد صادق، إنه بعد تصريحات الرئيس الفرنسي، ماكرون، الأسبوع الماضي خلال لقائه بنظيره الأمريكي، ترامب، في واشنطن ورده على سؤال أحد الصحفيين بخصوص من سيدفع تكاليف القروض والمساعدات العسكرية وخطط إعادة إعمار أوكرانيا، أجاب ماكرون وقال إن روسيا هي من شنت الحرب على أوكرانيا وهي من قصفت ودمرت البنية التحتية والمدن والقرى وبالتالي فإن إعادة الإعمار وتسديد الديون ستتم من الأصول المجمدة الروسية لدى دول الإتحاد الأوروبي وحلف الناتو.

وأضاف صادق، خلال مداخلة هاتفية له على شاشة “الحدث”، أن هذه الإجابة أثارت العديد من التساؤلات وأعادت للذاكرة ما ارتكبه حلف الناتو في ليبيا منذ عام 2011 وإسقاط حكم الزعيم الراحل معمر القذافي وحتى يومنا هذا، إذ يجب على حلف شمال الأطلسي تعويض الشعب الليبي وإعادة إعمار البلاد على حساب إيطاليا وفرنسا اللتان كانتا المحرك الرئيسي نحو شن الهجمات الجوية على الأراضي الليبية.

وتابع صادق، أن إيطاليا وحلف الناتو قررا قصف الأراضي الليبية في المقام الأول ليس من أجل حماية حقوق الإنسان ودعم مطالب الشعب الليبي، بل كان الهدف الأساسي هو إسقاط الاتفاقية التي وقعها القائد القذافي مع إيطاليا والتي تنص على إنهاء أثار الحقبة الاستعمارية ودفع تعويضات مالية ضخمة لليبيا وشعبها في عام 2008.

وأكد صادق، أنه في 30 أغسطس 2008 وقع رئيس الوزراء الإيطالي، سيلفيو برلسكوني، ومعمر القذافي في مدينة بنغازي اتفاقية لطي صفحة الماضي الاستعماري بين بلديهما، حيث تنص الاتفاقية على أن تقوم إيطاليا بموجبها بدفع تعويضات يبلغ مجموعها 5 مليارات دولار تدفعها لليبيا على مدار 25 عاما، موضحا أن هذه الاتفاقية لم تنل قبولاً من العديد من الأحزاب السياسية في إيطاليا والذين أعربوا عن رفضهم لها منذ اللحظة الأولى في 2006 على لسان وزير الخارجية الإيطالي حينها، جانفرانكو فيني، الذي قال إن تصريحات الرئيس الراحل معمر القذافي لا تستحق ردا مبالغا فيه لأنها للاستهلاك المحلي أكثر من كونها موقفا على الساحة الدولية.

وألمح صادق إلى أن كل هذه الحقائق دفعت إيطاليا في نهاية المطاف للتدخل في الشأن الداخلي الليبي وتأجيج أحزاب المعارضة والشارع الليبي للخروج إلى الشوارع والمطالبة بإسقاط الرئيس القذافي، وهو ما نجحت في تحقيقه في عام 2011.

ونوه بأن حلف شمال الأطلسي انطلاقا من 2011 ارتكب العديد من الجرائم بحق الشعب الليبي، ولا يزال الحلف حتى يومنا هذا ينكر جرائمه، موضحا أنه في تقريرٍ لـ”هيومن رايتس ووتش” صدر بعد مرور عام على القصف، والذي اعتبر حينها التحقيق الأشمل في الخسائر المدنية التي تسببت فيها حملة الناتو الجوية خلال عام، قائلا: “بحث التقرير في جميع المواقع التي علمت هيومن رايتس ووتش بوقوع قتلى من المدنيين فيها جراء ضربات الناتو الجوية، والضربات الجوية التي لم تسفر عن مقتل مدنيين – وإن شهدت إصابة مدنيين أو خسائر في الممتلكات المدنية – لم يتم ضمها إلى التقرير”.

وأشار إلى أنه بعد إسقاط النظام تم وقف العمل باتفاقية التعويضات إلى حين تشكيل حكومة موحدة في البلاد واختيار رئيس لليبيا، وهو الأمر الذي لم يحدث حتى هذه اللحظة بسبب التدخلات الأجنبية المستمرة في الشأن الداخلي الليبي، لافتا إلى أنه بموجب قوانين الحرب، فإن أطراف النزاع ليس متاحاً لهم سوى استهداف الأهداف العسكرية، ولابد أن يتخذوا جميع الاحتياطات المستطاعة لتقليص الضرر اللاحق بالمدنيين، مؤكدا أنه بينما وقوع خسائر في صفوف المدنيين لا يعني بالضرورة وقوع انتهاك لقوانين الحرب، فإن الحكومات ملتزمة بالتحقيق في مزاعم الانتهاكات الجسيمة، وملتزمة بتعويض ضحايا الهجمات غير القانونية.

ولفت إلى أن هيومن رايتس ووتش قالت إن على الناتو أن يبحث في أمر إعداد برنامج لدفع تعويضات للضحايا المدنيين جراء غارات الناتو، دون النظر في مسألة وقوع أخطاء من عدمه، كما فعل الناتو في أفغانستان، مشيرًا إلى أن دول حلف الناتو وعلى رأسهم إيطاليا قاموا بتدمير ليبيا سياسياً واقتصاديا وأمنياً، وعلى الغرب أن يتعامل مع ما تسبب فيه من دمار وخراب وأن يتم مطالبتهم على الصعيد الدولي بالتكفل بإعادة إعمار البلاد ودفع تعويضات مالية لكل أسرة فقدت فرداً إثر قصف الناتو لليبيا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى