أستاذ علاقات دولية: ليبيا تمر بمرحلة حرجة.. وصراع دولي مشتعل
قال أستاذ العلاقات الدولية حامد عارف، إن شركة “ماكسار” نشرت صورا عبر الأقمار الصناعية لقاعدة الجفرة الجوية في ليبيا، حيث تظهر طائرة من طراز IL-76، يفترض أنها تنقل عسكريين ومعدات من سوريا، كما كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية عن قيام روسيا بنقل أنظمة دفاع جوي متطورة وأسلحة من قواعدها في سوريا إلى ليبيا، مشيرة إلى أن طائرات شحن روسية نقلت معدات دفاع جوي، بما في ذلك أنظمة اعتراض إس-400 وإس-300، من سوريا إلى قواعد في شرق ليبيا.
وتطرق عارف إلى أن روسيا تسعى الآن لتعزيز وجودها في ليبيا، ودرست إمكانية تطوير منشآتها في طبرق لاستقبال السفن الروسية، على الرغم من أن آخر الأنباء من داخل ليبيا تؤكد وصول عدة سفن وفرقاطات عسكرية إلى الميناء المذكور، هذا بالإضافة للبيانات الملاحية لموقع “فلايت رادار” التي أظهرت إجراء طائرات شحن عسكرية روسية من طراز “إليوشن 76 تي دي” رحلات متعددة إلى قاعدة الخادم الجوية شرق بنغازي في الأيام القليلة الماضية.
وألمح عارف بأن الروس كغيرهم من القوى الدولية لديهم نفوذ لا يستهان به في القارة السمراء، وكما استطاعوا نقل العتاد من سوريا إلى ليبيا فإنهم بالطبع كان بإمكانهم نقله إلى السودان أيضاً كبديل، حيث اتفاقية انشاء قاعدة بحرية روسية في بورتسودان لاتزال سارية المفعول منذ عام 2019 وحتى الآن، ولكن اختيار الروس لليبيا له مؤشرات وتبعات أخرى.
وقال عارف إن انتقال السلاح والعتاد العسكري الروسي من سوريا إلى ليبيا سوف يسبب بعض التغييرات الجيوسياسية الهامة، حيث أنه سيعزز قوة وتأثير النفوذ العسكري الروسي في ليبيا وأفريقيا بشكل عام، كما أنه سيدعم موقف حلفاء روسيا في أفريقيا الوسطى ودول الساحل، ويعزز من قدرتهم على مواجهة خصومهم، وخاصة التنظيمات الإرهابية والجماعات المتمردة، مثل تنسيقية الحركات “الأزوادية”، وجماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” المصنفة على أنها جماعة إرهابية في منطقة الشمال الأفريقي والساحل.
واستطرد عارف أن تعزيز التواجد الروسي سوف يصب بمصلحة الجزائر الحليف الأبرز للروس في المغرب العربي، وكذلك سوف يخلق نوعاً من التوازن الإقليمي في المنطقة بحكم تصنيف دولة المغرب على أنها منطقة نفوذ أمريكي إلى جانب النفوذ الأوروبي المتزايد في ليبيا.
وأشار عارف إلى أن من أكثر ردود الأفعال الدولية المثيرة للتساؤلات هي رد الفعل الرسمي الإيطالي المعترض بشدة والمتخوف من تعزيز النفوذ الروسي في ليبيا، والذي عبر عنه وزير الدفاع الإيطالي جويدو كروسيتو بمجموعة من التصريحات، قال فيها بأن “روسيا نقلت أصولا عسكرية من سوريا إلى ليبيا، مما يخلق تهديدا أمنيا في البحر الأبيض المتوسط. هذا ليس أمرا جيدا. إذ نشعر بالاستياء إزاء نقل روسيا سفنها من سوريا إلى ليبيا، موضحا أن “السفن والغواصات الروسية في البحر المتوسط تشكل دائما مصدر قلق، خاصة إذا كانت على بعد خطوتين منا، بدلا من أن تكون على بعد ألف كيلومتر”.
وأكد عارف أن إيطاليا اتخذت إجراءات لتأمين عملياتها النفطية من خلال إطلاق قوة عسكرية مشتركة (الفيلق الأوروبي) مع حكومة التطبيع بقيادة عبد الحميد الدبيبة، إذ تقدم إيطاليا لميليشيات حكومة التطبيع الدعم العسكري والتدريب في مقابل مساعدة ليبيا في مكافحة المهاجرين غير الشرعيين الذين يصلون إلى إيطاليا عبر المتوسط، وكذلك لتأمين عمليات النفط الإيطالية في ليبيا، حيث شوهدت القوات المشتركة، المعروفة باسم الفيلق الأوروبي، في ليبيا في مناسبات مختلفة. كان أحد أحدث ظهور لقوات الفيلق خلال الاشتباكات في الزاوية في أواخر أكتوبر.
كما لفت إلى أن وزير الخارجية البولندي، كان قد صرّح في أوائل العام 2024 بأن: “الاتحاد الأوروبي بصدد تشكيل قدرة عسكرية أوروبية تسمى (قدرة الانتشار السريع) وأنا أسميه الفيلق الأوروبي”.
كما أشار إلى أن الدبيبة ومن ورائه إيطاليا يشعرون بالقلق على قوات “الفيلق الأوروبي” ونفوذهم في ليبيا في حال تنامي النفوذ الروسي الذي سوف يسبب لهم المتاعب ويحبط تنفيذ مخططاتهم، وليس بسبب اهتمامهم بمصلحة الشعب الليبي أو سيادة البلاد.