أبرز الأزمات الاقتصادية التي واجهها المواطن في 2022
انقضت 2022 بسلسلة من الأزمات، كانت الاقتصادية من بينها بسبب الفساد الذي كان السمة الأبرز في هذا العام.
بدأ الفساد من حكومة الدبيبة التي أنفقت المليارات دون أي نتائج على الأرض، ودليل ذلك قرارات القبض والتحقيق التي أصدرتها النيابة العامة في حق عدد من المسؤولين في مختلف القطاعات، كما رصد هذا الفساد تقرير ديوان المحاسبة الأخير الذي أثار ضجة إعلامية كبيرة في الشارع الليبي الذي طالب بمحاسبة الحكومة.
الفساد لم يكن بعيدا أيضا عن مجلس النواب الذي ثبت صرفه ملايين الدينارات في مرتبات ونثريات لم يستفد منها الشعب أي شيء.
ووسط هذا الكم من الفساد تكررت أزمة توفر السيولة في العديد من مناطق ليبيا خاصة قبل الأعياد وشهر رمضان، الأمر الذي أجبر المواطنين على الوقوف طوابير في انتظار الحصول على الحد الأدنى من سقف السحب.
طوابير المواطنين لم تنتهي عند المصارف بل كانت أيضا أمام محطات الوقود التي تشكو من تكرر نقص الوقود وخاصة في المنطقة الجنوبية التي ترتفع فيها الأسعار لأكثر من الضعف بسبب استغلال ضعاف النفوس لأزمة نقص الوقود، وكانت الطوابير أيضا موجودة أمام المخابز التي اجتاحتها عدة أزمات بدأت من تكرر نقص الدقيق، وارتفاع أسعاره إلى أكثر من النصف الأمر الذي تسبب في زيادة أسعار الخبز، مرورًا بتواصل تجاهل الحكومة والجهات المعنية لأزمة الدقيق الأمر الذي جعل المطاحن وأصحابها يعتمدون على الاستيراد الشخصي من الخارج، فوصل للبلاد دقيق من أردأ الأنواع، إضافة إلى وجود مواد مسرطنة كبرومات البوتاسيوم فيه، وانتهاءً باضطرار العديد من أصحاب المخابز إلى إقفال الأبواب أمام الزبائن بسبب المشكلات المستمرة وارتفاع أسعار المواد المستخدمة في صناعة الخبز.
وبالحديث عن الخبز فإن الأمر يجرنا إلى أزمة الغذاء، وفي هذا الصدد أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) أن قرابة 32 ألف طفل وطفلة في ليبيا يعانون من سوء تغذية حاد، موضحة أن معدل انتشار سوء التغذية الحاد بلغ نسبة 3.8٪، فيما تقع المنطقة الجنوبية بنسبة 6.1٪ تحت مستوى التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي.
وأضافت المنظمة أن حوالي 70 ألفاً يندرجون تحت سوء التغذية المعتدل، محذرة بأنه إذا لم تتم إدارة هذا الملف في الوقت المناسب، فإنها ستؤدي لسوء التغذية الحاد الشديد.
الأزمة في ليبيا لم تقتصر على الغذاء، بل انسحب إلى المياه أيضا، وفي هذا الإطار عبّرت يونيسيف عن قلقها إزاء تدهور وضع المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية في ليبيا، مؤكدة أن أكثر من 4 ملايين شخص، بينهم 1.5 مليون طفل سيواجهون مشاكل مائية وشيكة إذا لم يتم التوصل لحلول فورية وتنفيذها.
وأوضحت رئيسة قسم التواصل في اليونيسيف في ليبيا سعاد المراني، أن “تقديرات المنظمة في تقريرها الأخير جاء بناء على حالة مشروع النهر الصناعي العظيم الكبير وتحلية المياه بسبب الهجمات المتكررة على أنظمة النهر الصناعي، والتي تسببت في خروج حوالي 190 بئرًا من الخدمة”.
سوء التغذية والأزمات الاقتصادية وتفشي الفساد انعكس على الأوضاع الصحية في ليبيا، حيث انتشرت الأورام وتوفي 9 أطفال بهذا المرض نتيجة الإهمال وعدم توفير العلاج وفرصة لهم للعلاج بالخارج، وهذا ما أكده رئيس الحكومة عندما قال إن “الأورام منتشرة في ليبيا وبعض الأدوية المستوردة تسببت في أمراض لم نعرفها”، ولكن الكاتب الصحفي رد على الدبيبة بتوضيح سبب انتشار الأورام بالقول إن العديد من أدوية الأورام والقلب المستوردة فاسدة متهما وزير الصحة المكلف ونائب رئيس الحكومة رمضان أبو جناح بالتورط في ذلك.
وفي سياق متصل عانت ليبيا لأشهر من عدم توفر الأمصال المضادة للعقارب والتطعيمات الخاصة بالأطفال، الأمر الذي تسبب في وفاة عدد من الضحايا.
بالعودة للحديث عن الفساد خاصة في الحكومة، يمكن الإشارة إلى أبواب النهب والسرقة التي فتحت على مصراعيها بعد قرارات الدبيبة المتعاقبة بصرف منح الزواج التي بلغت ملايين، إضافة إلى منحة الزوجة والبنات فوق 18 سنة، إلى جانب الزيادات في المرتبات التي قررها الدبيبة بعد كل اعتصام كان يقوم به فئة من الموظفين والعاملين في قطاعات الدولة، الأمر الذي تسبب في حدوث كساد اقتصادي كبير أدى إلى إغلاق مئات المحال التجارية الكبرى في سوق الكريمية الذي يعد أكبر الأسواق التجارية بطرابلس، إضافة إلى ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق.
وعلى صعيد آخر لم تجدي اجتماعات توحيد المصرف المركزي بين شرق البلاد وغربها أي نتائج ملموسة، فلا يزال الانقسام موجودا على الرغم من التوافقات المبدئية الظاهرة والمعلنة.
وفي سياق ذي صلة كان لمحافظ المصرف المركزي في البيضاء علي الحبري مساحة مهمة من الحديث خلال عام 2022، حيث تم إقالته من قبل مجلس النواب، وذلك بعد رفضه توفير دعم لحكومة باشاغا.
وبشأن الإقالات والتعيينات، فقد أقال الدبيبة رئيس مؤسسة النفط مصطفى صنع الله من منصبه، ووافق على مقترح مجلس النواب بتكليف فرحان بن قدراه في مكانه، وذلك على الرغم من أن حكومة الدبيبة بأكملها مقالة من البرلمان، إلا أن هذا القرار جاء في مسعى للتوافق والتهدئة بين الجانبين.
مشهد اقتصادي مأساوي يبدأ من عدم توفر السيولة ولا ينتهي عند نقص الغذاء وارتفاع أسعاره.