خطرها على “التغريبة الليبية” في زمن الأخطاء ..
– على رحلة وسيرة العطب ..
السيرة التى تعكس” تراكمات وطبقات هوية ومسيرة جيل العقد السادس” .. جيل الأحلام الكبرى وجيل الخيبات الكبرى .. وتحاول أن تجسد “سردية” الجيل الحالم والطامح .. الجيل المحبط واليائس ..
الجيل الذي مازال “من تبقى منه حيا” يصر على ان :
يحكي .. أن يهذي .. إذا شئتم ..
السيرة المكونة من (30) مشهد ومحطة .. وانتظار دائم ترافق معها ..
(1)
ياصديقي ..
نحن جيل المحرومين :
الذين دخلنا المدارس الإبتدائية “فقراء وتعساء ومعدمين ” مصاب أغلبنا بفقر الدم ” الأنيميا” والتراكوما “الرمد الربيعي ” في المدينة الثالثة في الدولة الثانية الأفقر في العالم .. والذين لولا مساعدات الأمم المتحدة المتمثلة في”كيس حليب وكيس تمر” يوزع في مدارسنا لمات أكثرنا بالحصبة والحمى الصفراء والجوع .. ولألتهم “القمل والصيبان ” دماء من تبقى منا ..
(2)
ياصديقي ..
نحن جيل المعتلين :
الذين اصطفوا فى طوابير “الصحة المدرسية ” للكشف الدوري الإجباري عن الهزال .. عن “فقر الدم والتراكوما والحصبة” .. بعد أن دأب اباؤنا على معالجتها ومعالجة “لدغات العقارب” بالرقية الشرعية .. ولنتعرف لأول مرة على ممرض يرتدي معطف أبيض .. بديلا لصورتنا عن طبيب النجع التقليدي “الفقي” والذي يمتلك الى جانب عصاه الطويلة الجاهزة لتأديبنا وصفات معبأة من “غسول لوحه” المطلي بالطين “الحجر الجيري” والمكتوبة “آياته” بريشة “القصبة” بعد غطسها في “دواية الفحم” .. نقيع الصوف المحروق ..
(3)
يا صديقي ..
نحن جيل البيان :
الذين شهدنا ندائه ذات إنبلاج لفجره .. وتعرف عليه أكثرنا من خلال تردد اذاعة مسموعة .. إذاعة صدحت ببيان حماسي عقبه نشيد لامس عواطف ووجدان اكثرنا : بشاير ياليبي بشاير .. والشعب مع الثورة ثاير .. يهلل بيها يرحب بيها .. بشاير .. لذلك تحمس وهتف الجميع لها دون أن يعوا او يعرفوا ماحدث حقيقة .. فليس اسوأ من مانعيش .. وليس بعد التحت تحت ..
(4)
ياصديقي ..
نحن جيل التغيير :
والذين كانت أول نقطة تماس لنا بماحدث .. تمثلت بالفرحة والإبتهاح والترحيب والفرح بالإحساس بأن حياتنا ستتغير الى الأحسن .. حين بدأنا الانتقال الى مدارس جديدة .. والتى كانت عبارة عن فصول متحركة “تريلات ” كنا نحسد بعض الأجانب العاملين في الشركات القريبة علي التمتع برفاهيتها .. وحين تم توزيع الكتب الجديدة علينا .. والتى احتوت تغيير في عناوين ومناهج كتاب “القراءة” .. من المملكة الليبية إلى الجمهورية العربية الليبية .. وتسميات شخصيات قصصها .. من سالم وحليمة الى عادل وسعاد .. ودون ان ندرك الفرق بينهما ..
(5)
ياصديقي ..
نحن جيل الإسمنت :
الذين شهدوا الإنتقال من بيوت الطين “القالب ” ومدارس “الحجر والرشاد” ذات الصبغة الحكومية والرسمية الى “الشعبيات” السكنية .. بيوت البومشي الصحية .. وكان نموذج شعبيات “البلغار” – والذي بدا ضمن مشروع ادريس الإسكاني الذي تكامل في بداية السبعينات – مبهرا ومتميزا ومختلفا عن بناء “مدرسة الجيلاني ومدرسة اكريفيت” المشونة بالأحجار والصخور والمطلية بالجير الأبيص .. وحين تم تخصيص أحد تلك البيوت الجديدة منها كمدرسة ابتدائية لنا ..
(6)
ياصديقي ..
نحن جيل الراديو :
الذين صدقوا لعقود كل ماسمعوه منه .. خاصة مايتم تناوله بعد دقات ساعة “البيق بن” وعبارة “هنا لندن “القسم العربي بهيئة الاذاعة البريطانية” والتى تسبق نشرة الواحدة ظهرا بتوقيتهم .. والتى لم نعرف لماذا اجهش اباؤنا بالبكاء وهم يستمعون إلى صوت مذيعها المتهدج وهو يعلن خبر وفاة الرئيس جمال عبدالناصر .. كان ذلك يوما حزينا .. من دون أن نعرف لماذا ..
(7)
ياصديقي ..
نحن جيل الكهرباء :
الذين شهدنا زيارة “توماس أديسون ” الأولى لأحيائنا .. جيل الإكتشاف والتعرف على الكهرباء .. والذي حل بديلا “لفنار” القاز المتلاشي و”لكلوب” الغاز الاكثر ترفيها ..الجيل الذين بقينا لشهور “نتأمل ونتعجب” كيف يضيء هذا المصباح السحري “اللامبة” الشارع والبيت وفي نفس الوقت .. وكيف يمكن للأسلاك و”الفنجاجين الفخارية” أن تسبب وتساهم في ذلك .. دون أن نشعر بالرغبة في اطفائها والذهاب إلى النوم ..
(😎
ياصديقي ..
نحن جيل الإسفلت :
الذين تعرفنا على المعدات والآليات الضخمة وهي تزيل اكواخنا لتشق الطرق تمهيدا لرصفها .. وضحكنا بمتعة ونحن نشاهد “قطيع الماعز ” وهي تحاول التخلص من زيت “قطرانها” السائل الذي التصق بجلدها بسبب الحرارة الشديدة .. ولم نعرف آنئذ مساوىء النفط في البيئة المتصحرة ..
(9)
ياصديقي ..
نحن جيل القروض :
الذين ذهب اباؤنا الى فروع مصارف الأمة والتجاري للحصول على قروض لبناء مساكن لذوي الدخل المحدود وبكل سهولة ويسر .. البيوت الصحية كما كانوا يطلقون عليها .. والتى لاتتجاوز مساحتها المائتين متر بفرحة كبيرة .. خاصة حين يتم الموافقة على الزيادة “المزيودة” علي قيمة القرض الرئيسي والتى لاتزيد على الف جنيه لقرض لاتتجاوز قيمته الخمسة الألاف جنيه .. ولم نعرف آنئذ معنى اعفاء ذوي الدخل المحدود من اقساط تلك القروض …
(10)
ياصديقي ..
نحن جيل الموضة :
الذين سعوا الى تعبئة طلبات الإنتساب لمفوضيات أشبال وفتيان الحركة العامة للكشافة والمرشدات بسبب الإنبهار باخلاقهم وإنضباطهم .. والأهم التعلق بجمال وأناقة ملابسهم وزيهم .. والذي كان سبب رئيس في جذب بعضنا للإنضواء فيها بمزية الحصول على الزي المميز لهم فقط .. الماليات والشورتات الخضراء والبنية المخصصة للحركة الكشفية والتى يتم منحها مجانا وفي اليوم الاول .. ومن دون ان نعرف كيف يمكن لفكرة الإنبهار بالموضة أن تحول حياتنا إلى سوق استهلاكية متحركة ..
(11)
ياصديقي ..
نحن جيل التلفزيون :
الذين لم يحلموا يوما باقتنائه في بيوتهم .. حين كان يقتنيه حصرا ميسورى الحال ويضعونه في سياج بيت الطوب “القالب” .. فناء بيت الطين العربي الفسيح .. بعد رشه بالمياه في عصر ذلك اليوم .. وافتراش “حصران الديس والبلاستيك ” استعدادا لإستقبال تجمع أبناء العمومة والجيران الذين لايمتلكونه في منازلهم .. وقبيل إعلان بدء برامجه بالأبيض والأسود .. مع حذرنا وإنتباهنا لأطراف تلك الحصران الباردة التى تستهوى “العقارب” الباحثة عن دفء تلجأ اليه بعد نهار حار .. ولنجدها في “ثنايا مخدات الإسفنج المتلونة بخرائط عرق قائظ القيلولة” .. ولنتابع وننصت بعد القضاء عليها بإهتمام وتركيز لكل فقراته وبرامجه .. ومن نشيد الإفتتاح الى نفس النشيد في الإختتام بعد اربعة ساعات .. ومن الرسوم المتحركة الى جنة الأزهار مع فكرية آدم .. إلى مقالب غوار الطوشة .. الى فكر واكسب لقزقيزة والعجيلي .. الى نشرة التاسعة ومايليها من مادة سياسية في برنامج عين على الاحداث .. إلى برنامج الرياضة لفيصل السنوسي .. او انغام خالدة لسالم صبرة .. الى أغنية السهرة المملة الطويلة لأم كلثوم او فائزة احمد او نجاة الصغيرة او عبدالحليم حافظ او عوض الدوخي او شادي الخليح او فريد الأطرش او عبدالوهاب الدوكالي او عبدالهادي بلخياط اوصباح فخري وهو يشدو بمال الشام الضائع .. إلى مسلسلات السهرة .. فارس ونجود لمحمود سعيد وسميرة توفيق .. او العبقرى لمحمد رضا اوبنت الحرامي وولد الشاويش لإحسان صادق وسميرة البارودي .. او طائر الليل الحزين لهند ابى اللمع او عبدالمجيد المجذوب ونهى الخطيب في مسلسل “لمن تغني الطيور ” وبطلته دارين مازن هلال ..
(12)
ياصديقي ..
نحن جيل مركبات الرفاهية :
الذين تطورت وسائل ركوبنا من الحمار الذي يجر عربته “الكرطون” إلى الدراجة الإيطالية والدوبيا الى السيارة الفولكس فاجن والداتسون مائة وعشرين ومائة واربعين والمازدا والدجي ال والميتين ال .. التى يتم استلامها من شركة تيبستى وشركة المحركات العامة في نفس يوم تسديد جزء من ثمنها وبعد تقسيط الباقي .. والتى نزينها في مساء نفس اليوم ومن محل “الإكسسوارت” القريب بغطاء المقود الناعم وفرش المقدمة والمؤخرة و”سراويل ” عازلة للطين و”مسجل توشيبا” وكاسيتات شادي الجبل ومحمد موسى المشاى وابوعبعاب ووردة وعبدالحليم حافظ وفتح الله الكيلاني .. وعدد من “الكاسيتات الفارغة” لتسجيل “مجاريد الخميس القادم “.. والتى نتعمد رفع صوتها لاسماعها لكل من نمر به إشهارا وإعلاما بتغير الحال والذائقة .. تحفيزا له لصناعة حلمه وتحقيق قطيعته ..
(13)
ياصديقي ..
نحن جيل الأحلام :
الذين انبهروا بألق الأحلام القومية .. وشعرنا بخسارة الأرض العربية ولعنا خذلان وعمالة وضعف الأنظمة الرجعية الملكية .. وتطوعنا للجهاد لإسترجاع فلسطين وأراض سوريا ولبنان المحتلة .. وهتفنا بملء حناجرنا “يسقط أنور السادات” حين اعتقدنا انه فرط في حقوقنا المقدسة .. وانتهك رمزياتنا بزيارة القدس المحتلة .. الجيل الذين اعترف فيمابعد بزيفها جميعا واعتنقنا القارية والافرقة .. ومن دون ان نتوقف عن دفع ” ضريبةالجهاد من مرتباتنا وقوت اطفالنا ” ومن دون أن نعرف في أى محاور تسكب اليوم ..
(14)
ياصديقي ..
نحن جيل الإيديولوجيا :
الذين لبوا دعوات الإلتحاق بمعسكرات الثورة العربية والتثقيفية والعقائدية التى كانت تقام على شواطيء بحر طرابلس وبنغازي في عطلة الصيف المدرسية .. كفرصة لقضاء بعض أيام العطلة الصيفية على شواطيء المدن المتخيلة .. التى تداعب حكايات القادمين منها كل رغباتنا السرية “المكبوتة والمقموعة” بعادات وتقاليد القبيلة والقرية والواحة .. وتهدهد “رغبتنا السرية” في الخروج من أسرها الى رحابة المدينة التى تمنحنا الحرية الأكثر .. والتى سرعان ماتم تلبية الدعوة للذهاب إليها .. وبقناعة راسخة لدى اغلبنا “بأهمية وصدقية ” كل ماكان يتم “تلقينه” لنا فيها ..
(15)
ياصديقي ..
نحن جيل الاشتراكية :
الذين صفقوا وهتفوا بحماس شديد .. وبإنبهار وفرحة لإقفال وتدمير وازالة دكاكين التجار المتعددة بسوق المدينة .. وبسلب مالكيها نقطة اختلافهم وتميزهم عنا .. وبإفتتاح اسواق شعبية ضخمة بديلا عنها .. أسواق تحتوي كل شيء .. من الأبرة وعالة الشاهي المعدنية الى الأثات والملابس العربية “الصينية”.. ولتشعرنا بمساواة شكلية .. مساواة نفسية وليست مالية أو حقيقية ..
(16)
ياصديقي ..
نحن جيل الرأسمالية :
الذين لم يعارضوا اقتصاد السوق العائد بعد هزيمة نقيضه .. المستأنف لمسيرته بتؤدة وخوف .. في صيغة تجارة او فهلوة لاتخلو من فساد وإفساد .. حين تعايشوا مع فكرة “الموزع الفرد ” .. كعودة لفكرة تاجر الشارع القديم .. صاحب كراسة “الدين المؤجل ” .. ومن دون شعور بأنهم يتحولوا رويدا الى قبول الفكرة الراسمالية ومايستتبعها والتى تم معاداتها طويلا .. وبتجاهل ونسيان لمقولة : التجارة ظاهرة استغلالية .. أو الموقف القديم من المقاول”الحاح عمر” او القطاع الخاص المستغل والشره ..
(17)
ياصديقي ..
نحن جيل السياسة :
الذين وبسبب مناخ تطلعي وطموحات لأبناء الفقراء والطبقة المتوسطة الناشئة قررنا ان نلتحق بالإطار السياسي الوحيد المتاح .. حركة للجان الثورية .. وان نجرم الأحزاب ونكفر بالرجعية والرأسمالية .. وان نؤمن بالجماهيرية التقدمية والاشتراكية .. من دون أن يعي بعضنا ويعرف الفرق الدقيق بينها .. وما اذا كانت تتراكم او تتكامل او تتقاطع وتتناحر .. وقبلنا أن “نجرم ونحرم” كل فكر أو سلوك معارض .. سلمي اوعنيف .. بل نذهب الى الرد بهتاف “تصفية كل الخصوم بالدم ” .. خصوم مانعتقد أنه حقيقة واضحة بذاتها للعيان .. حقيقة اعتقدنا انهم ينكرونها عمدا وتآمرا .. ونكاية بنا وليس اختلافا عنا ..
(18)
ياصديقي ..
نحن جيل المعارك العالمية :
الذين اعتقدنا ان الغرب وأمريكا سبب لكل مصائبنا وأزماتنا .. وقررنا أن نواجههم بممارسة مختلف أنواع الكفاح الثوري المستمر ضدهم .. وبكل الطرق وفي كل الساحات .. بقناعة تامة بأن انتصارنا عليهم لن يكون غير مسألة إرادة ووقت .. وأننا لانقل عنها رغبة في خلق مجال حيوي لنا .. بدأ بتدخلنا في الجارة القريبة تشاد .. التدخل الذي شحذنا له كل هممنا ومبرراتنا واذاعاتنا .. ولنجيش له كل قوانا البشرية النظامية وغير النظامية .. بمافي ذلك طلاب المدارس الثانوية المتعسكرة .. فنحن في سياق ثورة أممية .. تبرر وتخوض كل معاركها .. اولويتها على استحقاقات الثورة المحلية .. ودون ان نسأل انفسنا .. هل هناك طرق اخرى تؤدي الى ذات الهدف .. ام انه طريق وحيد .. مقدس ..
(19)
ياصديقي ..
نحن جيل العولمة :
الذين “لسوء قدرنا وحظنا ” شهدنا التحولات الدراماتيكية الكبرى على الهواء مباشرة .. تمثلت في لحظة نهاية الصراع بين ايديولوجيتين معاصرتين محددتين .. ونهاية الجدال والسجال بين فكرتين مختلفين .. بكل مافي تفاصيل الإنتقال من استقطاب وصدمة وتناقض وحيرة .. وعشنا فترة الانتقال بين قرنين وزمانين ..حين شهدنا انزواء قرن الفكرة القومية .. قرن الدولة الامة .. ودخول قرن الفكرة العالمية .. قرن الفضاءات القارية والعولمة .. حين رأينا كيف يحدث أن تنكمش الإمبراطوريات التى كانت تتقاسم العالم .. وتتحول الى دول قزمية .. وكيف يمكن ان تتمدد الدول القزمية .. لتفكر في أن تصبح مشاريع عابرة للتاريخ وللحدود والقارات وامبراطوريات سياسية متخيلة بدافع الثروة والمال فقط ..
(20)
ياصديقي ..
نحن جيل الأفرقة :
الذين وافقوا على أن يلعنوا العرب والدول العربية التى خانت قضاياهم وخذلتهم .. ونفذت قرارات الحصار الدولي عليهم .. وان يقبلوا الإتجاه الى قارة افريقيا دون نقاش او حوار .. و من دون ان يكتشفوا او يتنبهوا الى التمييز بين الدول العربية القطرية القائمة .. مشروعياتها واولوياتها .. سلوكياتها المتوقعة .. وبين مشروع الأمة العربية ودولتها العربية المأمولة .. ممكناته وشروط ومراحل تحققه .. او حتى الإختلاف بين تجارب دول أفريقيا العربية ودول افريقيا السمراء ..
(21)
ياصديقي ..
نحن جيل الغد :
الذين أبتهجنا وفرحنا بخطاب أحد يشبهنا ويتحدث مثلنا .. ويشير الى مانعاني دون خوف ممن نخاف .. ويستطيع ان يعبر عن ذلك كما لم نفعل .. ذلك الذي قرر ان لايكتفي بما كان .. بمانحن عليه .. ليغازل مانصبو اليه ومانحلم به .. لصالح “إصلاح “وعدنا بالكثير الذي سيحققه .. ولم يحقق لنا الكثير من ماوعدنا به .. ولتتضاءل احلامنا الى الحلم بشقة بعد قلق .. وبزواج بعد تأخر وعزوف ..وبمركبة ليست تاكسي .. وبصوت مكتوب على صفحات صحيفة لامقص لديها .. وبليبيا التى تشبه دبي .. فلم يكن يعنينا من يحكم ولا كيف سيأتي الى حكمنا .. اذا كنا سنعيش حياة أفضل ..
(22)
ياصديقي ..
نحن جيل التغيير الثاني :
الذين كنا “نجض” من واقع حياة ليست على مقاس احلامنا .. لذلك كنا نعرف “ما لانريد” ولكننا لم نتحقق بأننا نعرف “مانريد ” .. ودون أن نعي او نعرف من كان يتشارك فيه معنا ممن لايريد .. او ماهو تصور الخطوة الثانية بعد هدم ما لانريد .. ولم نكن نعلم بمخططات وخطوات من سيشاركنا في ما لانريد أو ماذا يريد .. ليبيا كان او اجنبيا .. والذين لم نقتنع يوما “بجودة كيف نعيش” حين لم نكتف يوما بمالدينا واردنا ان نطلب المزيد .. تقليدا وتكرارا لما طلبه وفعله جيراننا من الذين يعيشون ظروف تبرر لهم بطريقة اكثر وأوضح مافعلوا .. او الذين لايريدوا أن نفعل مانفعل .. وهو الفهم الذي حرضنا علي التلاقح مع مناخ “ربيع” لآخرين .. وتفاعل مع صدى قنوات لا رأفة لها بنا .. تبث إلينا من جزر لاتحدنا .. لا رأى آخر لديها .. لذلك لم نتبين أى “رأي آخر” نريد .. ولنذهب الى غايات بررت كل الوسائل .. ومن دون سياسة وتدبير ..
(23)
ياصديقي ..
نحن جيل الحبر :
الذين “ذهبنا جميعا الى الإنتخاب .. ولم ينتخب أحد من نجح” .. ولنكتشف ونشعر ان تجربة انتخابات المؤتمر الوطني او انتخابات مجلس النواب لم تكن تعبيرا عنا او تحقيقا لذلك الذي “نريده و لانعرفه” .. حين عبرت وافرزت من يشبهنا وليس منا .. ولنبدا عمليا بالتعرف على الفرق بين “مانريد ومايريد من التحق بنا” في لحظة تعاطف وطيبة وحماس .. لحظة تصديق وغياب ..
ولنكتشف “خطأ اللحظة الاولى ” التى اكتفينا فيها بالتعبير عن “مالانريد ” .. على إحباطنا وخيبتنا .. فيهم وفي انفسنا .. وحين بدات حيرتنا حول تلمس الإختلاف والتناقض بين “مانريد” ومايريد “الآخرين” ..
(24)
ياصديقي ..
نحن جيل الرصاص :
الذين اقنعنا “بعض منا’ بمقولة ” ان ماتنتجه الانتخابات من “مالانريد”.. لايمكن ان يتم تصويبه الا بواسطة “السلاح” .. بفرض “مانعتقد أننا نريد” .. وان الطريق الى ذلك لابد ان يستند على “أحكام قضائية” .. من قضاء لايعمل في مناخ يسمح بإقتناع الآخرين بعدالة مايحكم به ..
وكان ذلك “خطا اللحظة الثانية” الذي نقترفه .. والذي أردنا فيه “فجر لليبيا” لنفقد “الفجر وليبيا” معا ..
(25)
ياصديقي ..
نحن جيل الكرامة :
الذين وبعد “ثالت العرس” .. أيام أو سنوات .. وبعد استفاقة وصحوة من فرح وهتاف اكتشفنا المئات من “الذبائح ورؤوس الجتث” المقطوعة والملقاة على قارعة الطريق .. من الذين رافقونا وفرحوا وهتفوا معنا ولنا .. من الوجوه التى قضت بسبب إستهدافات وإغتيالات طالت الوظيفة أو اختلاف الرأى وليس رصد لفعل يجرمه القانون .. من المواطنين والجيش والشرطة والمصلين .. والتى اعتبرت جرائمها “ضد مجهول معلوم” من دون بلاغات لمراكز شرطة مقفلة بسبب مخالفتها لعقيدة الجاني .. وليستجب “بعض منا” في لحظة ذهول وغرق ويأس الى صيحات “ذكرى” مؤسسات الشرطة والجيش .. والى الصيحة ألأبرز والأعلى منها .. تلك التى أطلقها “ضابط سابق منها” يريد الثأر لكرامتها ومقاومة الخطر على ماتبقى منها .. دون أن نتساءل عن “شرعية وكيفية أو مدى” امكانية وفعالية ذلك .. وعن غايات الفزعة وحدودها ..
وكان ذلك “خطأ اللحظة الثالثة”.. والذي اردنا فيه “دولة بجيش وشرطة” ولنحصل على “جيش وشرطة بدون دولة” ..
(26)
ياصديقي ..
نحن جيل الشرعية :
الذين لم يدعونا أحد من الدول الى “ماراثون الحمل” بحوارات الأزمة الليبية .. ولم يستمع الى رأينا احد في مانتج عنه “مولود الصخيرات” .. حين لم يشارك أغلبنا في مراحل الرغبة او التعرف او الخطبة .. ولم نحضر حفل عقد القران وإشهار الزواج .. الذي تم بحضور “مأذون غير شرعي ” من أهل الكتاب .. ولم ندعى لحفل التوقيع عليه .. هناك وليس هنا .. ولذلك لم نقرأه بتمعن ولم نعتبره شرعيا .. ولذلك لم نعارض أن تقذف “فرقاطة” بمخرجاته في لحظة “التخلص من النشوة”على شواطيء عاصمتنا .. ومن دون إذن من أحد منا .. فقبلنا “على مضص” مخرجاته .. وانتظرنا سنوات أربع لنكتشف أن مولودها غير قادر على السير بسبب عيب خلقي .. ولنكتشف أن تلك المخرجات لاتريد مانريد ..
وكان ذلك “خطأ اللحظة الرابعة” .. التى أردنا فيها “شرعية لسلطة للدولة” ولنحصل على “شرعية بلا سلطة وبلا دولة” ..
(27)
ياصديقي ..
نحن جيل البركان :
الذين “غضبنا” حين اقنعنا “طرف” ما بأن طرابلس تتعرض لعدوان وان الدولة المدنية “التى لانعرف تعريفها او مضمونها” تتعرص لخطر العسكرة .. الذي لم يختلف عن مانمارس من سلوكيات وأهداف وغايات .. وان “الموت القادم من الشرق” .. هذه المرة هو قرمطي يستهدف الخوارج .. يستهدف الكعبة وحجرها الأسعد الأسود .. النفط ومخزن عائداته بالقرب من السرايا .. وذهبنا الى مواجهته والتصدي له حين لم نجد من يستمع الينا .. الى مخاوفنا .. الى احتياجاتنا ومتطلباتنا .. ولنكون “ضحايا الاستخدام والشيطنة” وفي آن ..
وكان ذلك “خطأ اللحظة الخامسة ” .. ولم نتعقل او نتساءل حول ما إذا كان الطريق الوحيد “للحياة والنمو والتطور “هو الموت .. او انه الطريق الوحيد الذي لايؤدي اليها .. للمفارقة ..
(28)
ياصديقي ..
نحن جيل الحوار السياسي الليبي برعاية دولية ..
الدين ذهبنا الى حوار سياسي .. اختارت بعثة الأمم المتحدة للدعم والمساعدة من يكون فيه لإعتبارات لانعلمها حتى اليوم .. وبهدف تحقيق أي نتيجة افضل من “الإحتراب والقتال ” بين ابناء الشعب الواحد .. وحرصنا على تحقيق ما اعتقدتا أنه “مكسبه الوحيد” المتمثل في ارساء طريقة “ديمقراطية شفافة” في اختيار “سلطة تنفيذية” تعبر بنا من “مرحلة الحرب ” الى مرحلة “عودة الحياة ” ..
ولنفاحأ بأننا كنا كمن يختار بين “الكرعين ” .. ولتنتصر ارادة من قرر ان يشتري “السلطة بالمال” لأنه تعود على ذلك .. وقرر ان يعود الى “مسرح جريمة 2005” .. ليجدد العقود ويستلم العمولات المتأخرة ..
وكان ذلك خطأ “اللحظة السادسة” حين اخترنا ان نصمت عن “كشف المستور” تحت وهم ان الوطن يمر بلحظة أخطر ..
(28)
ياصديقي ..
نحن جيل الحوار الليبي الليبي ..
حين اقتنعنا ان برلمان منته الصلاحية .. وتم اعادة انتاجه وفقا لمواد اتفاق سياسي .. ويقوده شخص ينتمي الى ثقافة ” القرون الوسطى” يمكن ان يحقق لنا ما عجزنا عن تحقيقه .. وأن يفرز لنا “حكومة وطنية ” عصرية جدا ..
وكان ذلك خطأً “اللحظة السابعة” التى اردنا فيها “ارادة ليبية مستقلة ” من خلال حوار ليبي ليبي .. لتقابل بارادة “القوى المسلحة لاحياء طرابلس ” .. والتى تعتبر اسطنبول اقرب من بنغازي .. بحجة انه لم يتم التشاور معها في من يتقلد وزير الداخلية ووزير الحكم المحلي .. ولأي مدينة ينتمى من تم اختباره لهما ..
(29)
ياصديقي ..
نحن جيل السلطة مهما كان الثمن ..
الذين صمتوا عن محاولات رهن بلادنا لعقود بتفاهمات واتفاقيات مع القوى الاقليمية البازغة .. لتكون “ضحية نموذجية” لهيمنة بلدان لاتمتلك اى “خبرة او معرفة” حول ماورد في مواد الاتفاقيات الموقعة معها .. ولنكتشف اننا مازلنا رهن ثقافة “الدولة العثمانية” .. وان “ايالة طرابلس” مازالت تتبع “الآستانة ” .. لأن حكامها “ولاتها ” وليس شعبها ارادوا ذلك ..
وكان ذلك خطأ “اللحظة الثامنة” التى اقتنعنا فيها بأن من نختاره ليحكمنا يمكن ان يكون وطنيا وديموقراطيا وإن رفع الشعارات المعبرة عنها .. وليس “تابعا ومنفذا” لاجندات الدول الأجنبية او مستفيدا منها لترسيخ حكم العائلة .. ومهما كان الثمن ..
(30)
ياصديقي ..
نحن جيل الإنتظار ..
والذين ينتظرون “توافق ليبي لن يأت” .. بين “معتوهين” اخترناهم في دوائرنا الانتخابية .. في لحظة تيه وتصديق .. او “موهومين ” يريدون ان يحكموننا بفوهات البنادق ..او “شيوخ الخرف ” الذين يريدون ان يحكموننا “باقناعنا بفكرة دوام الخوف ” .. وبوهم امتلاك صكوك الغفران وخريطة الجنة وامتلاكهم لوصفةً “الخلاص” من كل ذلك ..
والذين ينتظرون “توافق دولي لن يأت ” بين دول مايسمى “المجتمع الدولي” .. التى لاتقبل باستمرار ترتيبات وخرائط مابعد الحرب العالمية الثانية ..
و الذين ينتظرون ان يأت “مبعوث جديد” .. وبعد ان مر علينا “مبعوثين” من كل قارات العالم عدا امريكا الجنوبية واوقيانوسيا ..
لذلك كله ..
ياصديقي ..
نحن كل ذلك .. وأكثر ..
الجيل الذى اراد التقدم والتطور والنمو ..وحصل على التيه والحيرة والفقد والحزن والحرمان ..
وما يجمعنا اليوم ويؤلف بين “أزندتنا” هو :
الإشتراك في ترقب وإنتظار مصير الموت المتبادل .. المجاني والطائش .. العبثي والتراجيدي ..
فنحن :
الحزاني والمقهورين .. اليتامى الذين لاولي لنا اليوم ..
ولعل ذلك ..
“يفسر ولايبرر” الكثير من مانشاهده اليوم .. مانحن عليه ..
