أكد البنك الدولي، أن توقعات الإنفاق الحكومي في ليبيا للعام الجاري تتميز بحالة عدم اليقين، في ظل عدم اعتماد الميزانية، وقدر محدود من المساءلة والشفافية بإنفاق حكومة الوحدة المؤقتة.
وسلط البنك الدولي، في تقرير له حول “الآفاق الاقتصادية المتوقعة في ليبيا خلال الأشهر المقبلة”، الضوء على مساعي الدولة للتعامل مع ثلاث أزمات متزامنة، وهي الحرب الأهلية وجائحة كورونا، والأزمة الروسية – الأوكرانية التي اندلعت في النوار فبراير الماضي.
وبحسب التقرير، فإن الأعباء الاقتصادية المتزايدة يتحملها الليبيون نتيجة الانقسام السياسي المستمر ووجود حكومتين الوحدة المؤقتة برئاسة عبدالحميد الدبيبة، والحكومة المرتقبة برئاسة فتحي باشاغا تتنافسان على السلطة، إذ تتعقد عملية الإنفاق الحكومي، وتقل الخدمات العامة ويتعرقل تمويل المشاريع الإنمائية، حسبما رصد البنك الدولي.
وتحدث البنك الدولي، عن ما جناه الاقتصاد الليبي من مزايا خلال الفترة الماضية مع ارتفاع أسعار النفط وتعديل سعر صرف الدينار، فقد شهد ميزان المالية العامة مساراً عكسياً، إذ تحول من عجز يساوي 1.64% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2020 إلى فائض بنسبة 6.10% من الناتج المحلي الإجمالي في العام الماضي.
وارتفع الإنفاق الحكومي بالدينار بنسبة 87% في العام 2021 مع ارتفاع الإنفاق في جميع الفئات أو البنود الرئيسية للميزانية إلا أنه، ونظراً لانخفاض سعر الصرف منذ يناير 2021، انعكس ذلك إلى انخفاض بنسبة 44% في الإنفاق بالدولار.
كما أن تراجع عائدات النفط وقرار الاحتفاظ بالإيرادات في حساب المؤسسة الوطنية للنفط بالمصرف الليبي الخارجي يحد من قدرة السلطات على تمويل النفقات.
وقال البنك الدولي، إن حجم الدين العام يبقى كبيراً، ولكن يمكن إدارته طالما تواصل إنتاج النفط وتصديره؛ مع الإشارة إلى انخفاض الإنتاج إلى ما دون مليون و200 ألف برميل خلال الأسبوع الجاري.
وفي نهاية العام 2021، قدر حجم الدين العام المحلي بمبلغ 156 مليار دينار، وهو ما يمثل 83% من الناتج المحلي الإجمالي.
وتحدث البنك الدولي عن تسجيل كل من الميزان التجاري وميزان الحساب الجاري في ليبيا انتعاشاً في العام 2021 وأوائل العام 2022 بفضل تعافي صادرات وإيرادات النفط، ففي 2021 تضاعفت صادرات ليبيا أكثر من ثلاثة أضعاف مع ارتفاع أسعار النفط العالمية وانتعاش أحجام صادرات النفط بعد رفع الحصار الذي تم فرض في العام 2020 على محطات التصدير.
ونتيجة لذلك، وعلى الرغم من مضاعفة واردات السلع مقارنة بالعام 2020، تشير التقديرات إلى أن الميزان التجاري سجل فائضاً بنسبة 7.21% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2021 مقارنة بعجز قدره 7.14% في 2020.
وبحسب التقرير فقد تحول الحساب الجاري، من عجز بنسبة 3.15 % من الناتج المحلي الإجمالي في 2020 إلى فائض بنسبة 1.21 % في العام الماضي، وتكشف البيانات المتعلقة بتجارة السلع لشهري يناير وفبراير من العام الجاري فائضاً تجارياً قدره 3.5 مليار دولار.
وفيما يتعلق بصافي الاحتياطات من العملة الأجنبية، فهي في مستوى مريح، حيث تشير التقديرات إلى أن مستوى الاحتياطات الليبية لا يزال مريحاً للغاية، ووصل في العام الماضي عند حدود 46 شهًرا من الواردات.
وأرجع البنك الدولي الفضل في ذلك إلى تواصل تدفق الدولار على شكل عائدات تصدير النفط، وتخفيض سعر الصرف في يناير 2021، مما قلص الفجوة بين سعر الصرف الرسمي والسعر في السوق السوداء بشكل كبير.
وعرج البنك الدولي على الآفاق الاقتصادية المتوقعة والمتميزة بحالة عدم اليقين، حيث إنه من المستحيل التنبؤ بالنتائج بسبب التطورات السياسية والأمنية غير المتوقعة.
ويقول البنك الدولي، إنه في حال تمكنت ليبيا من الحفاظ على مستويات إنتاج النفط وصادراته أو زيادتهما في مجمل العام الجاري مقارنة بالعام الماضي، أو على الأقل تجنب وقف الإنتاج والتصدير لفترات طويلة، فقد تستفيد من الارتفاع الكبير في أسعار النفط العالمية، مما سيترجم إلى نمو اقتصادي قوي وإيرادات مالية أعلى وتدفق للعملة الأجنبية، الأمر الذي يؤثر إيجاباً على كل من الميزان التجاري وميزان الحساب الجاري وميزان المالية العامة.
وتبقى المخاطر عالية، حسب البنك الدولي، ويتمثل الخطر السلبي الرئيسي في احتمالات الانزلاق مجدداً إلى مربع العنف والصراع المسلح.