حكاية صلاح رافع الورفلي.. جريمة تُدمي القلب
توفي الشاب صلاح رافع الورفلي، البالغ من العمر 26 عام، بسبب الإهمال الطبي في مستشفى بنغازي الطبي 1200.
وأوضح عضو هيئة التدريس بكلية الهندسة جامعة قاريونس رافع الورفلي وهو والد الشاب المتوفي في منشور له على صفحته على فيسبوك، ما حدث لابنه حتى انتهى به الأمر للوفاة في جريمة إهمال ممنهج.
وقال الورفلي: لقد توفي ابني “صلاح رافع” ضحية الإهمال الطبي والفساد الاداري؟
يوم 2/8/2021 دقّ جرس الهاتف على تمام الساعة 18:13 (السادسة والربع مساء) فقمت بالرد وإذا بمتحدث يقول لي: أنا كابتن طيار في قاعدة بنينا الجوية. هل لديك ابن اسمه “صلاح” فقلت: نعم. فقال لي: لقد حدث له حادث سير وها هو يتحدث معك: يا ابي لقد حدث لي حادث سير والمسعفون سيسعفونني إلى المستشفى فتعال إلى لقائي في المستشفى. أجبته: في أقرب وقت سأكون عندك. بعد ربع ساعة وصلت الى المستشفى فوجدته ملقى على السرير في دمائه يقف جانبه طبيب وطبيبة يقومون ببعض الإسعافات وطمأنوني بأن الأمور جيدة وتحت السيطرة. طُلب مني شراء بعض الادوية من الصيدليات الخارجية وفعلت، ومن بينها “ابرة ترامادول” وكانت قد رفضتني أكثر من صيدلية بحجة “غير متوفرة”. في الصيدلية الأخيرة يقول لي الصيدلاني: يا استاذ هذا الكلام لا يليق بك، وهذه ادوية محرمة. فقلت له: يا ابني اريدها لعلاج ابني الذي حالته بين الحياة والموت. فأعطاني الابرة غير واثق مما قلته له. استمر وضع ابني لمدة ساعتين كاملتين دون تحسن مذكور. الساعة التاسعة إلا ربع تخبرني الطبيبة بأنه يجب إجراء صورة مقطعية (CT)، فقلت لها توكلي على الله. فقالت: أجهزة المستشفى عاطلة عن العمل. فقلت لها: ما العمل؟ قالت: يجب عليك أن تحمله إلى عيادة خاصة لإجراء الصورة. وأصرت على أن أحصل على موافقة من العيادة قبل نقل ابني. استقليت سيارتي وذهبت إلى أكثر من عيادة لأجد الأبواب موصده بحجج مختلفة (التأخير، عدد الحالات لا يسمح، الفني غير موجود، ,,, ، وهكذا. بمساعدة صديقي الدكتور خليل السعيطي استطعت أن أحصل على الموافقة من إحدى العيادات رجعت حينها مسرعا لمستشفى 1200 وأعلمتهم بأنني حصلت على الموافقة من العيادة، فطلبت منى الطبيبة توفير سيارة إسعاف. فقلت لها أنا لا أملك سيارة اسعاف، فقالت: يمكنك اللجوء إلى سيارات الإسعاف الخاصة نظرا لعدم توفر سيارات المستشفى. بعد جهد جهيد ومساعدة بعض حراس المستشفى تمكننا من توفير سيارة الإسعاف. دخلت المبنى وتحدث مع الطبيبة واعلمتها أنني تحصلت على سيارة وبعد 10 دقائق ستكون هنا. وطلبت منها الاستعداد لنقل ابني. قالت الطبيبة: هذا لا يكفي والوقت يسبقك يا حاج. إنك تحتاج أيضا إلى طبيب تخدير. فقلت لها من أين لي ان أحصل على طبيب تخدير وأنا ليس لدي دراية بذلك، ابني أمانة في اعناقكم. قالت: لدينا طبيب تخدير واحد ولا يستطيع مغادرة المستشفى. صرخت في وجهها قائلا: كيف يمكن أن يحدث هذا؟ حرام عليكم. اتصل بي سائق سيارة الإسعاف قائلا: لقد تأخرت يا أستاذ. شرحت له الموقف. فاتصل بطبيب تخدير خاص الذي وافق ووعد بالحضور في غضون ربع ساعة.
حضر طبيب التخدير ودخلت للمستشفى من جديد لأجد الطبيبة تحمل ابني لغرفة العناية وهي تقول لي تأخرت فلا يمكنك الآن نقل ابنك نظرا لحالته الحرجة. ومجرد محاولتك نقله ستكون مشاركا في نهايته. بعد ساعة ونصف تقريبا طلب منا الطاقم الطبي توفير أكياس دم. كان ذلك في منتصف الليل الساعة 12). وأنطلق أصدقاء ابني الذين توافدوا من كل حد وصوب للبحث عن الدم وفعلوا في النهاية ولكن ذلك كان متأخرا. حوالي الساعة الثانية والنصف ليلا انتقل إلى رحمة الله ابني بعدة أسباب:
أولا: كان على الأطباء طلب صورة مقطعية بمجرد وصول ابني إليهم وليس بعد ساعتين تقريبا. ثم أنه كان على مجموعة الأطباء التي جاءت لتعالج ابني نسيان خلافاتهم الشخصية حين كان بعضهم يتبادلون التهم وتصفية حسابات سابقة لديهم بجانب ابني. حسبي الله ونعم الوكيل.
ثانيا: هل كان لزاما علي توفير صورة مقطعية وسيارة اسعاف وطبيب تخدير وأدوية؟ إين إدارة المستشفى البائسة الهشة؟ أين ما يسيّل لهم من أموال؟ هل الامر لا يكفي لصيانة جهاز التصوير المقطعي؟ هل نُهبت سيارة الإسعاف وتم تمليكها لآخرين؟ هل كان واجبا علي توفير طبيب تخدير؟ وهل يثق المستشفى في الطبيب الذي أحضره لهم؟ هل لديه مؤهل؟ أو هل هو مؤهل لذلك؟
ثالثا: أين مدير المستشفى وإدارته من كل ما يحدث؟ هل هو نائم؟ ألا يخشى الله؟ الا يخشى أن يحتضنه هذا المستشفى يوما ما بنفس الطريقة؟ أم أنه قد أمّن لنفسه مهربا؟ إذا كان غير قادر على العناية بالأمانة التي كلف بها فعليه ترك المنصب للرجل المناسب. وفي لحظة ما، وأمام أجهزة التصوير سنجد القائمين على المستشفى يتحدثون عن إنجازاتهم الضخمة وما قدموه من تضحيات.
لا حول ولا قوة الا بالله، وحسبي الله ونعم الوكيل، فهكذا انتهى ابني في جريمة ممنهجه شارك فيها عدم كفاءة الأطباء، ومدير المستشفى والطاقم الإداري.
حسبي الله ونعم والوكيل فيمن كان السبب أو شارك فيه من قريب أو بعيد. وهذه دعوى مني لمدير المستشفى والطاقم الاداري بالاستقالة حفظا لماء الوجه، وعلى كلية الطب مراجعة وضع خريجيها.
هكذا ختم رافع الورفلي تدوينته مسلما أمره لله ومحتسبا وصابرا.