في ذكرى ثورة 23 يوليو.. العالم العربي بين الأمس واليوم

تحل اليوم الذكرى الـ 69 لثورة 23 يوليو في مصر.. تأتي في ظروف تشكو فيها الأمة العربية من الدمار والخراب والتبعية للمستعمر بعد موجة ما سمي بالربيع العربي الذي أطاح بالدول وأهدر ثرواتها وخيراتها، وجعل أراضيها مباحة لكل استعمار أجنبي أو إرهابي.

ثورة 23 يوليو تمكنت من توحيد الجهود العربية وحشد الطاقات العربية لصالح حركات التحرر العربية، وأكدت للأمة من الخليج إلى المحيط أن قوة العرب في الوحدة العربية وتحكمها أسس أولها تاريخي وثانيها اللغة المشتركة لعقلية جماعية وثالثها نفسي واجتماعي لوجدان واحد مشترك، كما أقامت الثورة تجربة عربية في الوحدة بين مصر وسوريا في فبراير 1958.

قامت الثورة بعقد اتفاق ثلاثي بين مصر والسعودية وسوريا ثم انضمام اليمن، وساهمت في الدفاع عن حق الصومال في تقرير مصيره، علاوة على مساهمتها في استقلال الكويت، ودعم الثورة العراقية .

بعد ثورة 23 يوليو أصبحت مصر قطب القوة في العالم العربي مما فرض عليها مسئولية الحماية والدفاع لنفسها ولمن حولها، وساعدت مصر اليمن الجنوبي في ثورته ضد المحتل حتى النصر واعلان الجمهورية، وساندت الثورة الشعب الليبي في ثورته ضد الاحتلال، كما دعمت الثورة حركة التحرر في تونس والجزائر والمغرب حتى الاستقلال.

واليوم تعيش الأمة في أحلك الظروف، فقد أصبحت الجامعة العربية إحدى المنظمات الأممية التي تستهدف الأمة وتدعم التوسعات الغربية، فقد ساهمت في الحرب على العراق، ولا تزال الجامعة وعلى مدى خمس سنوات تمد الارهابيين بالمال والسلاح لأجل احلال الدمار والخراب بسوريا، كما نقلت الجامعة العربية الملف الليبي الى اروقة الامم المتحدة فتم تدويله واستصدار قرارات اممية ادت الى احداث حالة من الفوضى الامنية والاقتصادية والاجتماعية، حكومات متتابعة، مليشيات منتشرة، دولة أصبحت تحت الوصاية الدولية، وملاذ آمنا للمجرمين ومصدر ازعاج لدول الجوار.

وفي هذا السياق يمكن تذكر أولئك الرجال في مؤتمر القمة العربية بالخرطوم الذي أعقب حرب يونيو 1967 مباشرة حين انطلقت اللاءات العربية الثلاث من ذلك المؤتمر (لا صلح، لا تفاوض، لا اعتراف) فهكذا عندما تمتلك الأمة قيادات تاريخية لم تستسلم للعدو، بل البدء في مرحلة جديدة من العمل العربي المشترك لجولة قادمة مع العدو الصهيوني فأعدوا العدة على المستوى السياسي والاقتصادي والعسكري، واستعدت الأمة العربية قاطبة تعززها ثقافة المقاومة، وأثبت العرب أنهم قادرون على هزيمة ما يسمى بالجيش الذي لا يقهر وتحقق النصر بعون الله.

للأسف في ذكرى ثورة يوليو المصرية، لم يعد عدونا واضحا (رغم أنه لم يتغير، وإن ازداد شراسة وطغيانا فحسب) وأصبحنا نخطب ود محتلينا السابقين من الأتراك العثمانيين إلى الفرنسيين والإنجليز، ولا أظنه بقي سوى وقت قصير قبل أن نفعل الشيء نفسه مع العدو الرئيسي وهو الاحتلال الصهيوني في فلسطين ومبرراتنا جاهزة، وترسخت عبر السنين منذ بدأنا نسفه كل ما كان من تاريخنا وليس فقط ثورة يوليو وعبد الناصر.

لم تكتفي مصر بالمساهمة بدور لا يمكن التغافل عنه في الدول العربية وحركات التحرر فيها، حيث كان لها دور ومساهمات عالمية بعد ثورة 23 يوليو إذا تم تشكيل حركة عدم الانحياز مع يوغسلافيا بقيادة الزعيم جوزيف بروز تيتو ومع الهند بقيادة جواهر لال نهرو مما جعل لها وزن ودور ملموس ومؤثر على المستوى العالمي، ووقعت صفقة الأسلحة الشرقية عام 1955 والتي اعتبرت نقطة تحول كسرت احتكار السلاح العالمي، وكان للأزهر الدور الأبرز في نشر الدعوة الإسلامية في أفريقيا وآسيا، ودعت الثورة إلى عقد أول مؤتمر لتضامن الشعوب الأفريقية والآسيوية في القاهرة عام 1958.

Exit mobile version