غدامس كانت الخيار الأمثل ويا يوم من أيام سلامة وستفني
أنتهي ملتقى الحوار في جنيف الي لا شئ. بل أنه أنتهى متراجعا وبشكل شبه كامل عن خارطة الطريق التي صاغها هو نفسه في تونس في بداية العام وكأنه يحرص على المحافظة على تقليد سياسي ليبي مارسه الفرقاء حيث اعتادوا الإتفاق لينقضوه لاحقا واعتادوا التفاهم ليختلفوا في الصباح التالي.
فكرة مؤتمر غدامس التي طرحها غسان سلامة وكانت في طريقها للتنفيذ في أبريل 2019 كانت الفكرة المثالية للوصول الي بدايات حل للأزمة كونها، وهذا أهم ما فيها، عمل ليبي خالص مع دعم دولي يقف عند أطراف الخيمة الجامعة التي كان يجري اعدادها في غدامس. الا أن ذلك تبعثر يوم 4 أبريل من نفس العام والأسباب معروفة.
تلك الفكرة هي التي تم تطويرها ونقلها الي خارج ليبيا: تونس أولا ثم جنيف ولأسباب كثيرة الا ان أهمها أن الوضع الأمني في الداخل لم يعد يسمح بعقد مؤتمر من هذا النوع في الداخل بعد 13 شهرا من الحرب الي جانب طبعا مؤثرات أخرى منها الجائحة مثلا.
تحوير الفكرة جاء على مستويين/ الأول حضور أقل تقليلا لهامش الخلافات والثاني ضغط دولي اكبر يتعدى النصح والعون الي ما هو أكثر لليبيين المعنيين والي الأطراف الدولية ولهذا جاء مؤتمر برلين 1. وهذا كله ضمن إستراتيجية ذكية رسمها سلامة وتقوم على فكرة الضغط الخارجي باتجاه الداخل. ولهذا صدر القرار الدولي رقم 2510 ولكن للأسف لم يجد طريقه الي التنفيذ حتى بعد أنعقاد برلين 2, حين أنعقد مؤتمر برلين 1 كان مجلس الأمن منقمسا تماما وكانت الفكرة أعادة جمعه وهذا ما حدث.
تقدمت ستفني ويليمز لقيادة بقية مهمة سلامة وأبدعت في أمرين: الأول قدرتها على قيادة فعالة لحوار بين متخاصمين يسهل تفريقهم كما يسهل جمعهم أيضا متى توفرت القيادة. ولكن يصعب توافقهم. والثاني قدرتها على جمع المتناقضات تحت سقف واحد، والأهم، من أجل هدف واحد. ستفني ويليمز أخبرتني انها من البداية كان عقد عملها مع البعثة لمدة سنتين فقط وكانت تعرف أن هذا سيترك فراغ بعد الفراغ الذي تركه غياب سلامة لأسباب صحية. ولكنني اظنها الآن تأسف أن الفراغ حدث في القيادة وليس في جمع الناس او التوفيق بينهم فقط! قيادة كوبيش فاشلة وضعيفة وغيابه بسبب مرضه بالكورونا ترك ادارة الحوار، وهي الأهم هنا، لموظفين عاديين غير معنيين كثيرا بالأمر الا في جانبه الإداري/اللوجستي والتفصيلي اليومي من قبيل: مواعيد الأنعقاد/مواعيد الأكل/مواعيد السفر/الإقامة…الخ. أخطر ما في غياب كوبيش هو أنه فتح الباب للمشاركين لكي يتجرأوا على البعثة ويتخطوا حدودها التي رسمتها بناء على توافقهم السابق وليس فرضا دكتاتوريا من قبلها!
واهم ما فعله كوبيش منذ وصوله هو تغيير تركيبة البعثة من الداخل بطريقة جعلته الحكم للكل وصاحب القرار رغم أن مجلس الأمن كان قد عدل في تركيبة البعثة بفصل الشق السياسي عن الإنساني/الإغاثي قبيل وصول كوبيش بفترة قصيرة.
طبعا هذا كله لأن الليبيين لا يريدون التوافق بينهم بعيدا عن التدخلات الدولية التي هي سبب البلاء وكان يمكن أن تكون سببا في أستعادة بلدهم لو ان غدامس مضى كما أراده له سلامة.
الآن فشل الحوار وباعلان رسمي من أدارته وهذا تقدم الي الوراء. أن تعلن البعثة الفشل يختلف عن الأعلان عنه من قبيل كل المشاركين أو بعضهم.
هنالك قول هندي مأثور يقول: “في النهاية سيكون كل شئ على ما يرام وان لم يحدث ذلك معناها هذة ليست النهاية!” وانا أقول أيضا أنه وفي النهاية ستكون ليبيا على ما يرام ولكن المشكلة ان تلك النهاية قد تعني عقد أخر أو أثنين وسنوات من أنقطاع الكهرباء ومذلة العيش وتعطل الحياة!
الخلاصة: يا يوم من أيام سلامة وستفني! والعار واللعنة على ساستنا وأسيادهم الأجانب!