الأمم المتحدة التي ترفع يافطة كتبت بكل لغات الارض وتفننت في تزيينها كانت قبل عشرت سنوات قد اوقعت الليبيين في أكبر مأزق تاريخي حين جاءت بشعار حماية المدنيين لتحيل البلاد دمارا وتخربها وتجلس على تلها .. وتمكن شذاذ الافاق من مقاليد البلاد رغما عن إرادة الليبيين التي اعلنوها في مسيرات مليونية .
الامم المتحدة التي سبق وان تأسست لهدف وغاية لاعلاقة لها بتحرر الشعوب تكشف الان عن وجهها الحقيقي المقيت الذي لم تفلح في اخفاءه خلال الحفلة التنكرية الجارية في جنيف .. فهي الان بدأت فعليا بمحاولتها المستميتة لانتزاع حق الشعب الليبي في تقرير مصيره !!
ولكن ما الذي يجري في كواليس الحوار السياسي الذي كتبت فصوله وحددت اللاعبين فيه واخرجته الامم المتحدة ؟.
خلافات وشكوك كبيرة بل وكارثية تحوم حول القاعدة الدستورية في ملتقى الحوار الليبي والتي كان من المفترض أن تكون أساسا لانتخابات 24 الكانون/ديسمبر القادم ..
لقد كشفت الجلسات عن كوارث بالجملة : أطراف تعمل بكل ما اوتيت من دهقنة ومن دهاء وباستخدام الدسائس إقصاء خصومها وقطع الطريق عليهم من خلال بنود يتم تضمينها لتنفرد بالمغنم كما تتصوره .. وأطراف تحاول عرقلة الإنتخابات واستبعاد اجراؤها ملوحة بكل مافي جعبتها من وسائل حتى بالترهيب والتهديد لمن ينادون بضرورة اجراءها كما هو مقرر لها .. وفي المقابل يسعى منسقو الملتقى وعلى رأسهم المبعوث الأممي يان كوبيش لإنهاء أعمال الملتقى على أسرع وجه وبأي طريقة كانت ومهما خلص اليه من نتائج حتى ولو كانت وبالا على الليبيين فكل مايهم هو ان تنتهي هذه الحفلة التنكرية كسابقاتها.
تجاهل البعثة لمخرجات اللجنة القانونية امر اكثر من كارثي وأن سمحت – على سبيل المزايدات الدولية – بتقديم ما يسمى بالمقترحات من قبل مجموعات الضغط التي م تشكيلها حديثا داخل أروقة ملتقى الحوار السياسي.
فالثابت هنا ان المبعوث الاممي يان كوبيش يحاول انتزاع إرادة الشعب الليبي ومصادرة حقه في تقرير مصيره من خلال إشارته إلى أن البرلمان هو من سيختار الرئيس إذا لم يتم الإتفاق على القاعدة الدستورية .. وهذه ثالثة الاثافي اذ انها تعميق للمأساة الليبية وهروب الى الامام في هذه الكارثة .. ايضا من ناحية اخرى فان كل المشاركين في ملتقى الحوار “مسرحية جنيف” لا احد من الشعب الليبي انتخبهم اوخولهم الحضور باسمه او حتى يعرفهم بالاساس بل تم فرضهم على الشعب الليبي من خلال توافق الدول الغربية – التي يمثلون مصالحها – فيما بينها.
من ناحية اخرى فإن القاعدة الدستورية نفسها يشوبها العديد من الغموض وتحوطها علامات الإستفهام إذ انها إقصائية حيث تستبعد بعض فئات المجتمع بطريقة فجة حيث تشترط احدى بنودها المتعلقة باليمين القانونية أن يكون اليمين بالاخلاص لما يسمونه “ثورة فبراير” وليس للوطن، وبالتالي فهو يقصي عن سبق اصرار وترصد أنصار النظام الجماهيري بشكل مباشر وقد تم تفصيله لاجلهم .. إلى جانب اشتراط الجنسية الواحدة، الذي بدوره يقصي معارضي النظام الجماهيري الذين اضطروا للعيش في دول اخرى حملوا جنسياتها .
تسريبات من دهاليز الملتقى تفيد بأن العمل يتم للدفع نحو تأجيل الإنتخابات واطالة عمر حكومة الدبيبة التي تعمل بكل ما اوتيت من امكانات للتأجيل .. واعضاء في الملتقى يكشفون بان التهديد قد طالهم في هذا الصدد بدعوى ان “حكومة الدبيبة باقية شاء من شاء وابى من ابى” .. وتلافيا لاى طارئ ثمة من يعمل للدفع باتجاه ان يكون اختيار الرئيس من البرلمان وحرمان المواطن الليبي من انتخاب رئيسه لان الشعب يعرف مايريد بعد ان جرب وعاش الأمرين في هذه العشرية السوداء .