بعد برلين الثانية
كان اظهر ما في برلين الأولى و ما تلاها هو تركيز الأميركيين تحديداً على التواجد العسكري الأجنبي في ليبيا و ضرورة إنهائه عاجلا ، و إجراء الإنتخابات في موعدها ..
اميركا أكثر المتحمسين لهذا ، و هي تفعله في مواجهة روسيا ، و لا يهمها غيرها حتى و ليس بين يديها اي دليل على الوجود الروسي إلّا ما يُشاع عن مجموعة الخدمات الأمنية 【Wagner Group, Группа Вагнера 】؛ لأن محاصرة روسيا في صميم استراتيجيتة أميركا و ستفعل كل ما أمكنها لإبعادها عن ليبيا تحسباً لأن لا تتكرر ليبيا الأربعين الخالية ..
في هذا الشأن تكون الحكومة التركية هي أكثر المحرجين و حتى الخاسرين ، فقد تحولت مذكرة التفاهم التي وقعتها مع ليبيا و تجاوزت دلالتها القانونية في تطبيقها إلى حجة عليها تثبت تواجدها العسكري ( جنود نظاميين و مرتزقة) و تلزمها بإنهائه وفقا لمقررات برلين الأولى لو أن التزاما بها سيكون …
بطبيعة الحال لا يخفى أن الحكومة التركية فعلت ما فعلته نيابة عن أميركا و لمصلحتها غير ان طمعها قد دفعها للتعاون مع روسيا على نحو ما جرى في سوريا لإقتسام المصالح في خفاء عن موكلها فظهرت له وكيلا تجاوز في وكالته و اضر بموكله بوضعه في حرج ، حد أن جعله يصرح و يداوم على التصريح في المطالبة علنا بصيغة لم تتغير: إنسحاب العسكريين و المرتزقة الأجانب من ليبيا و الألتزام بإجراء الإنتخابات في موعدها !!
و لذلك تكون الحكومة التركية هي أكثر من له مصلحة في عدم الوصول للإنتخابات و ستفعل ما في وسعها من أجل ضمان ماحققته من مكاسب و لعل سعيها نحو مصر لدفن القطيعة معها، عمل في هذا المسار ..
تركيا لن تتنازل عن موقفها تجاه ليبيا بسهولة و لن تتردد في بعث خلاف على نتائج الإنتخابات لو جرت؛ إن أمكنها؛ إذا كان ذلك ينفعها، لأن التاريخ لم يُسجل ان تركيا غادرت برغبتها مكانا وطئته …
بطبيعة الحال هناك تقاطعات أخرى في الملف الليبي الذي اجتمعت عليه الأيدي بين مستعجل للمغانم كالحكومة المصرية التي وقّعت مذكرات تفاهم مع ليبيا تتجاوز دلالتها القانونية؛ تماما كما فعلت الحكومة التركية و بين متربص يراقب من بعيد لم يفصح عن مكنونه حتى الآن كالصين و آخر ماكر غادر كبريطانيا مصلحتها في أن يظل الملف مفتوحاً على نحو مسلسل “المناصب السيادية و الميزانية”، و طامع يحرص على أن يظل متصلا بالملف كالمانيا و إيطاليا عسى أن يناله من نتائج الحل إذا تحقق نصيب مهما ضَئُل و حائر دل على الطريدة و أوقعها ثم فشل في الحصول على نصيب منها كفرنسا ، أو متسلح بالغموض و مناور بدبلوماسيته ضامن مكانه كشريك لن يكون حل بدونه و لن ينال احد مصلحة في غيابه أو على حساب مصالحه كروسيا …
بقي أنه من الإساءة لليبيا التي كانت و ستكون ان يُقال أن رئيساً كالجزائري أو حكومات كالمغربية و الإماراتية و القطرية على علاقة بما يجري فيها حتى و الأمر كذلك .. فليبيا مهما وهنت يجب ان لا يجعل أهلها من الصغار انداداً لهم فلم يصلُب عودها إلا على هذا ..