عملية تبديل المرتزقة دون خروجهم من ليبيا
تطرح تصرفات السلطة الانتقالية في ليبيا، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، أسئلة عديدة حول مدى التزامها بفترة ولايتها التي تنتهي شرعًا ديسمبر القادم، موعد إجراء الانتخابات الليبية، ومدى التزامها كذلك، بالمطالب الشعبية الجماهيرية في ليبيا بضرورة إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة.
المثير ان هناك اتفاق وقف إطلاق النار، في أكتوبر 2020 الماضي، يقضي بخروج المرتزقة خلال 90 يومًا من البلاد، وبالطبع تم تمديد هذا الموعد مرتين، دون أي تقدم يذكر في هذا الملف. بالرغم من أن حكومة الدبيبة،- إن كان في نيتها إخراجهم- لن تبذل جهدًا كبيرًا سوى الطلب من تركيا إنهاء وجود المرتزقة والعناصر التابعة لها على الأرض الليبية ووقف “المخصصات المالية” التي تصرف لهم، وتصل وفق بعض التقديرات ما بين 60-100 مليون دينار شهريًا كمرتبات للمرتزقة.
وفي الوقت الذي يرى فيه المراقبون، تعامل حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، بشكل مهترىء وضعيف، مع “قضية شائكة وبالغة الخطورة”، هى وجود آلاف المرتزقة على الأرض الليبية، يشكك آخرون في خلفيات هذا التصرف والإبقاء على هؤلاء المرتزقة في ليبيا، وعما إذا كانوا “ورقة للابتزاز وتأجيل الاستحقاقات الانتخابية المقبلة”.. ستظهر في الوقت المناسب.
في السياق ذاته، رأوا أن حديث وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، عن ضرورة خروج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا، يبقى حديثًا دبلوماسيًا فارغا ما لم تكن هناك سياسة تعلوه من جانب الحكومة كلها بضرورة إعطاء الملف ما يستحقه.
يأتي هذا في الوقت الذي كشف فيه المرصد السوري لحقوق الانسان بعض آلاعيب ومناورات تركيا، للإبقاء على المرتزقة في البلاد.، فهى تسحب عدد صغير من العناصر ثم ترسل دفعة أكبر منها في عملية تبديل أو بالأحرى مناورة لزيادة أعدادهم، والإيحاء في الوقت نفسه بخروج البعض منهم ومغادرتهم الأراضي الليبية. وآخرها سحب أنقرة نحو 140 مرتزق وإعادتهم إلى سوريا، وارسال دفعة مكونة من 200 آخرين للاراضي الليبية، خلال الساعات الأخيرة، بما يؤكد أن أنقرة غير جادة تمامًا في سحب المرتزقة وتعمل للإبقاء عليها طويلا كقوة احتلال جاسمة فوق صدور الليبيين.
وقبل نحو يومين، من انطلاق مؤتمر برلين2، كشفت مصادر دبلوماسية، بعض ملامح الوثيقة النهائية للمؤتمر، والتي ستشدد على وجوب إجراء “الانتخابات الليبية في موعدها”، وتوحيد المؤسسات الأمنية وسحب المرتزقة”.
وأوضحت المصادر، أن برلين تواصل العمل مع الأمم المتحدة من أجل إعداد وثيقة من 51 نقطة سيتم الإعلان عنها في ختام المناقشات، وستتمحور بالأساس حول خروج المرتزقة والقوات الأجنبية من الأراضي الليبية. كما سيركز المؤتمر، على أهمية إنشاء قوات أمن ودفاع ليبية موحدة تحت سلطة موحدة، فضلا عن التسريع في تفكيك الجماعات المسلحة والميليشيات ونزع سلاحها، وإدماج بعض الأفراد المؤهلين منها في مؤسسات الدولة.
ولا يزال في ليبيا وفق بعض التقديرات- وما نقلته سكاي نيوز عربية”، أكثر من 6630 مقاتل ومرتزق سوري، ممن جلبتهم أنقرة للقتال، إلى جانب ميليشيات حكومة الوفاق السابقة، في حين قالت ستيفاني ويليامز، المبعوثة الأممية السابقة إلى ليبيا أن نحو 20 ألف مرتزق لا يزالون موجودون في عموم البلاد، في نحو 10 قواعد عسكرية أجنبية.
وتندرج أغلب عناصر فصائل المرتزقة في ليبيا، في فصائل، “العمشات والسلطان مُراد وفرقة الحمزة”، فيما ينضوي آخرون في “فيلق المجد والسلطان مراد وفرقة المعتصم”..
ووفق المرصد السوري لحقوق الانسان، فإن عودة المرتزقة السوريين منذ مارس الماضي، تتم بشكل فردي وبناءًا على بعض تقارير طبية أو مرضية، ولا تتم في إطار سياسة رسمية لسحب آلاف المرتزقة من البلاد.
وقبل نحو يومين، وخلال قمة الناتو في بروكسل قال الرئيس الفرنسي ماكرون، انه اتفق مع أردوغان على ضرورة خروج المرتزقة من ليبيا، وأن أردوغان على حد تصريحاته وافق على العمل مع فرنسا في إطار هذا الملف- وهذا بالطبع ضمن عملية الصراع الضاري ولعبة المصالح السافرة بينهما على الأرض الليبية، ورغم ذلك، فإن أصحاب الشأن أنفسهم – والمقصود حكومة الدبيبة، والدبيية نفسه لا يوليان لملف المرتزقة والقوات الأجنبية أي اهتمام، بل إن زيارة “عبد الحميد الدبيبة” لتركيا أسفرت عن عشرات الاتفاقات مع أردوغان، دون الاقتراب من المرتزقة.
والسؤال.. هل لهذا ترتيبات بما سيتم في المستقبل من جانب الحكومة الموجودة الآن؟ أم ماذا بالضبط؟