في ذكرى مجزرة السبت الأسود ببنغازي.. صنبور الدماء لا يتوقف
سنوات ثماني مرت على مجزرة السبت الأسود في بنغازي، صنبور يقطر دماء فتح في ليبيا منذ عام 2011،
واستمرت سلاسل المجازر والمذابح والتفجيرات في مختلف المناطق من البلاد، وآخرها كان بالأمس القريب حيث قتل ضابطين في تفجير إرهابي في سبها.
اليوم ونحن نستذكر ذكرى المذبحة التي وقعت في مدينة بنغازي في مثل هذا اليوم عام 2013، نستحضر مقتل 40 شخصان وجرح أكثر من 150 آخرين، خرجوا في مظاهرات سلمية وتجمعوا أمام مقر “درع ليبيا1” في منطقة بودزيرة في المدخل الشرقي للمدينة مطالبين آمر الدرع الإرهابي “وسام بن حميد” بتسليم المقر لقوات الجيش.
المتظاهرون رفعوا لافتات دعت بن حميد ومليشاته بتسليم المقر إلى جهة رسمية، سعيا لإعادة الدولة للمدنية، ورفض كافة التشكيلات المسلحة الخارجة عن سيطرة الدولة.
ولكن بن حميد رفض ذلك علنا، وهدد المتظاهرين بالرصاص في حال عدم الابتعاد عن المقر، وأمام إصرار المتظاهرين على موقفهم، فتح الإرهابي بن حميد وعناصره الرصاص الحي على المواطنين العزل مستخدما الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، ما أجبر بعض المسلحين على الانضمام للمتظاهرين وتحول الأمر إلى مواجهة بالأسلحة.
أحد شهود العيان الشاب سعيد، يروي تفاصيل الحادثة قائلا “كان المتظاهرون يطالبون بخروج كافة التشكيلات المسلحة ببنغازي، وفعلا ذهب المتظاهرون أمام المعسكر وطالبوا قيادته بالخروج وتسليم أسلحته للجهات الرسمية، لكن وبعد تداولات لعدة ساعات أمام مقر الكتيبة خرج بعض من المسلحين وفتحوا النار بطريقة عشوائية صوب المتظاهرين الذين لم يكن لهم لا حول ولا قوة لصد تلك الرماية”.
وأضاف، “العديدين نجوا بصعوبة من تلك المجزرة، فقد كانت النيران كثيفة جدًا وبطريقة وحشية أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى. لقد كان المشهد مرعبا والجثث أصبحت ملقاة على الطريق لعدة ساعات دون أن يستطيع أحد الاقتراب منها”.
وتابع، “بعض المتظاهرين اتجهوا إلى داخل منتزه بودزيرة للاختباء لساعات كي يتسنى لهم النجاة من كثافة النيران، إلا أن الرماية لم تتوقف والطريق أصبحت خاوية تماما من المارة لساعات طويلة. ساعات والمتظاهرين لايزالون محاصرين داخل المنتزه حتى تدخلت القوات الخاصة الصاعقة للفصل بينهم”.
وقال، “خرج المتظاهرين من مخابئهم وبدأت سيارات الإسعاف تصل تباعا لنقل جثث الضحايا، وماهي إلا لحظات حتى حدث تبادل إطلاق نار مباشر بين عناصر الدرع وأفراد القوات الخاصة. استمر الوضع هكذا حتى تمكنت الصاعقة من طرد عناصر “درع ليبيا1″ من المقر”.
المظاهرات التي كانت سلمية في بدايتها لم تكن وليدة اللحظة.. بل أنها تداعيات لأحداث بدأت في 2012، عندما أسس حراك انقاذ بنغازي الذي كان يهدف الى اخراج وحل التشكيلات المسلحة وحصر السلاح فى يد الجيش والشرطة والتنديد بالتدخل القطري الداعم للإسلاميين واذرعهم المسلحة وقد تطور الموضوع الى مواجهات بين السكان ومسلحي الدروع وإرهابيي انصار الشريعة موقعاً ضحايا بين المتظاهرين.
زاد من حدة الاحتقان بيان صدر عن قيادة أركان الجيش حينها بالعاصمة طرابلس تلاه الناطق باسم رئاسة الأركان علي الشيخي، وصف الاعتداء على مقر درع ليبيا ”بالأمر الخطير“، حيثُ أكَّد أن درع ”ليبيا 1“ قوة احتياطية تابعة للجيش.
بعد هذه المجزرة، أصدر المؤتمر العام برئاسة محمد المقريف في 9 يونيو 2013 قرارا يتضمن مطالبة مكتب النائب العام بفتح التحقيق في المجزرة، ولكن بعد مرور ثماني سنوات لم تظهر أي نتائج في الحادثة وتم طي صفحتها ككل مجزرة وجريمة في ليبيا.
المؤتمر العام آن ذاك وجه الأمر للحكومة باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة، بما في ذلك استخدام القوة لإغلاق كافة الدروع والتشكيلات المسلحة، ولكن حتى الآن لازالت التشكيلات المسلحة موجودة في عدد من المناطق الليبية، ولازالت قوتها وسطوها موجودة، حتى أنها تتحكم في الحكومة وقيادات الدولة، وتجبرهم على إصدار قرارات معينة.
مجزرة غرغور، وبراك الشاطئ وغيرها من الأحداث الدامية التي مرت على ليبيا خير دليل على استمرار هذه العمليات الإرهابية.. حيث لازلنا نسمع حتى اليوم عن مقتل شباب في سبها بدون أسباب واضحة، وبالأمس كان التفجير الذي وقع ببوابة أمنية.
أمثال بن حميد لازالوا موجودين ومتغلغلين في كل مفاصل البلاد فأولائك كانوا يحمون التواجد القطري ويتلقون دعما منه، أما الموجودين اليوم فيتلقون الدعم من تركيا ويحمون وجودها، والحكومات المتعاقبة على البلاد لم تتمكن من زعزعة وجود تلك المليشيات.. حيث أن المجازر لازالت ترتكب، ولكن هذه المرة بغطاء يحمل شعار وزارة الداخلية أو الدفاع.
بعد مجزرة السبت الأسود في بنغازي طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش السلطات الليبية آنذاك بإجراء تحقيق سريع وشامل فيما حدث ودعت السلطات لمحاسبة المسؤولين عن مخالفة القانون واصفة المجزرة بالمروعة .
وعلى الرغم من مقتل غالبية القادة والمتورطين فى تلك المجزرة بأي شكل من الاشكال كالارهابي وسام بن حميد الذي ظهر فى الصور وهو يرمي الرصاص الحي نحو العزل ، الا ان آخرين لازالوا على قيد الحياة ويتواجد غالبيتهم فى اسطنبول بعيداً عن قبضة العدالة التي لم تتحقق بعد ولو بتقرير يتيم من مكتب النائب العام .
هذه المليشيات لا تفرق عند ضغطها على الزناد بين مدني وعسكري، بين شاب وشيخ، بين طفل وامرأة، كل ما يهمها أن تنفذ الأوامر وتتمكن من الاستيلاء على السلطة أيا كان الضحايا.