على مدى قرن كامل ويزيد منذ وعد بلفور المشؤوم عام 1917، الذي أعطى الكيان الصهيوني حق تأسيس دولة في فلسطين وإلى عقود قادمة لا يعلم عددها أحد، ستظل القضية الفلسطينية واحدة من القضايا الأزلية عند العرب وسيظل الصراع العربي- الصهيوني مستمر. والسبب أن هناك إرادة صهيونية بإلغاء الآخر الفلسطيني تماما وعدم الاعتراف بحقه في الوجوده.
وبالرغم من أن السنوات التي أهدرت فيما سمى بالتسوية السياسية في فلسطين منذ اتفاق أوسلو 1993 لم تصل إلى أي نتيجة حتى الآن على الأرض، قد أقرت بحق الدولتين في الوجود واقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف، في استجابة لقرار تقسيم قديم ابتلعه الكيان الصهيوني، صادر عن الأمم المتحدة عام 1948وقت النكبة، إلا أن الكيان الصهيوني لا يعترف بحل الدولتين هذا ولا يتحرك ناحيته، وعلى مدى قرابة العقدين الماضيين لم يحدث أي جديد في القضية الفلسطينية باستثناء، تفجر انتفاضة غزة أو ما عرف بحرب غزة عام 2006 للبحث عن الجندي الصهيوني جلعاد شاليط.
وازاء تصعيد دموي مستمر قبل عدة أيام، على خلفية اقتحام مستوطنين وجنود صهاينة لساحة المسجد الأقصى ورغبة البعض مدعومين من شرطة الاحتلال الصهيوني بطرد السكان الفلسطينيين من منازلهم في “حي الشيخ جراح” في القدس، فقد اندلعت المواجهات الأخيرة والتي اسفرت حتى اللحظة عن سقوط أكثر من 50 شهيدا فلسطينيا وإصابة المئات.
مراقبون للوضع قالوا، إن الأزمة في فلسطين لم تخرج عن المربع التقليدي المعتاد منذ عقود، وان الفكرة التي طرحها القائد الشهيد معمر القذافي، قبل اكثر من 15 عاما في احدي القمم العربية هى الفكرة الأكثر واقعية وذكاءا.
وهى فكرة اقامة دولة واحدة اقترح لها اسم “إسراطين” فبدون تقسيم وبدون حل الدولتين، الذي لن يرى النور وفق بعض المحليين، بسبب التعنت الصهيوني من ناحية، والخوف من أن تكون على الحدود المباشرة لدولة الكيان الصهوني، دولة فلسطينية مكتملة السيادة لها جيش وشرطة، فإن الحل الأذكى للصراع هو أن يقبل الطرفان بدولة واحدة، وهو المقترح الذي طرحه القائد وتذكره ملايين العرب، قبل عدة شهور، عندما طرح الرئيس الأمريكي السابق ترامب فكرة ما سمي بصفقة القرن، وكانت تشبه هذه تماما، دولة واحدة “للطرفان” لكن رفضتها السلطة الوطنية الفلسطينية لأنها رأت أنها بذلك ستذوب داخل الكيان الصهيوني، كما ان هناك نوايا خبيثة تجاه القدس وملايين اللاجئيين الفلسطينيين.
وأما العقم السياسي للقضية الفلسطينية، تذكر الكثيرون مدى الدعم الذي كانت تقدمه ليبيا للمقاومة الفلسطينية إيمانا منها بأهمية استمرار الدفاع عن قضيتها، وفي الوقت نفسه المقترح الذي قاله القائد الشهيد، القذافي، ليوقف أنهارا من الدماء ويجد حلاّ لمشكلة مزمنة.
على الأرض تصاعدت المواجهات طيلة الساعات الماضية بين عناصر المقاومة الفلسطينية وبين قوات الاحتلال الصهيوني. واذا اعترف الاحتلال بسقوط أكثر من 1000 صاروخ فلسطيني على تل أبيب وبلدية اللد ومنطقة ديمونا وعسقلان والمستوطنات المجاورة لقطاع غزة، وفشلت القبة الحديدية في حماية الكيان الصهيوني من صواريخ المقاومة الفلسطينية.
فإنه على الناحية الأخرى، توعد رئيس وزراء الكيان الصهيوني باستمرار الحرب: وقال قتلنا قيادات كبيرة للمقاومة الفلسطينية وقصفنا أكثر من 500 هدف وتم مسح أبراج واحياء سكنية تماما في قطاع غزة، وتشارك في قصف القطاع نحو 80 طائرة مقاتلة صهيونية.
وأمام حالة شلل سياسي اقليمي ودولي فمن المرجح ان ينزلق الصراع الدائر في قطاع غزة حاليا إلى حرب شاملة وفق بعض التحذيرات، ولا مناص عن استذكار بعض الأفكار المتوهجة العملية، التي قد تكون فعلا طريقا حقيقيا لحل اشكالية الصراع لو صدقت النوايا.