الحكومة الانتقالية تواجه تحديات سياسية واجتماعية صعبة بعد نيلها الثقة

منح البرلمان في جلسته المنعقدة بسرت ثقته للحكومة الانتقالية التي يرأسها عبد الحميد الدبيبة، بأغلبية 132 صوت الأربعاء لتجد الحكومة نفسها أمام تحديات سياسية واجتماعية صعبة.
وفي هذا السياق أبدى المحلل السياسي الليبي، محمد العمامي، تفاؤله بمنح الثقة للحكومة قائلا: “يجب أن ننظر بشيء من الأمل والتفاؤل إلى تلك الحكومة، ولانلتفت إلى القيل والقال” .. متابعا في حديثه إلى “سكاي نيوز عربية”، أن الليبين يتطلعون إلى الأمر كبادرة خير لقيام دولتهم، مكملا “لن تكتمل الصورة الإيجابية للمشهد إلا بالتخلص من المرتزقة، وإيجاد حل للمليشيات سواء بالحل أو بتفكيكها، أو انتظام أفرادها بالمؤسسات الأمنية والعسكرية”.
وأردف العمامي قائلا ان كل هذه الأمور أساسية، ويجب أن نتشبث بالأمل، وهذا التوافق الذي حققه مجلس النواب يجب أن نقدره، ونتكاتف ونعين ليبيا لتخرج من مأزقها، وهذا أفضل من أن ننزلق إلى القتل والتهجير مجددا، ونعود إلى زمن إصدار الأحكام المسبقة”.
وعندما سئل الباحث عن الملفات الكثيرة أمام دبيبة، والتي يحتاج للتعامل معها حتى الانتخابات في 24 الكانون/ديسمبر، أجاب “لو نفذ نصف الملفات سيكون ذلك إنجاز، ومنها القضاء على مشكلة السيولة النقدية ومعالجة أزمة الكهرباء والوقود، أو تهريب العملة الأجنبية والبشر، والقضاء على المرتزقة”.
وأردف “خلال هذه الفترة، لو أنجز بعض تلك التحديات، سيكون من حقه أن يطلب مزيدا من الوقت، فهو لا يملك عصا سحرية، وعلينا الآن أن نبدي النوايا الطيبة ونقف معه، أما الرأي الآخر الذي يرفض كل ما يكون وسيلة لخروج البلاد من المأزق فهو غير صائب، يجب أن نتعاون، وبل نغض الطرف عن الأخطاء البسيطة دون المساس بكرامة المواطن والدولة ومؤسساتها”.
وفي المنحى نفسه، أبدى الباحث السياسي الليبي، أحمد المهدوي، احتفاءه بتوافق النواب على منح الثقة للدبيبة، معقبا على حديث الدبيبة، مستبشرا بما جاء فيه بشأن “مكافأته من يعمل، واستبعاد ومعاقبة من يثبت تقصيره أو عليه شبهات فساد”.
وأوضح في حديثه إلى “سكاي نيوز عربية”، “الفترة قصيرة جدا لأن الحد الأقصى هو 10 أشهر، والشعب الليبي يعاني من وضع اقتصادي ومعيشي متردي، ومن أزمة في الكهرباء، وعدم توفير لقاح فيروس كورونا إلى الآن”.
وأضاف أن الشعب لا يركز على الأسماء التي تشارك في الحكومة، بقدر ما سيهتم بمسألة توحيد المؤسسات والتوزيع العادل للثروات”.
وأردف ان الدبيبة أرضى الشعب الليبي الذي امتعض من أسماء بعض الوزراء الذي رشحهم، وحامت حولهم اتهامات الإرهاب والفساد المالي والإداري، وقد تفادي الأخطاء وحذفهم من قائمته، بل وتعهد بالالتزامات الأساسية وهي تنظيم الانتخابات وتحقيق المصالحة”.
واختتم قائلا ان الدبيبة لن يستطيع أن ينجز شيئا لوحده في ملف المصالحة، إلا بتعاون الجميع معه، وضم كل الشرائح في هذا الملف؛ ومن بينهم انصار نظام القذافي المسجونون لدى المليشيات دون أي تهمة حقيقية”.
ويرى المحلل السياسي الليبي أحمد العبود أن البرلمان نجح في الاستحقاق الأهم، وهو اعتماد حكومة الوحدة، وتبقي أمامه تحديات اعتماد ميزانيتها ومراقبة أعمالها، واعتماد المناصب السيادية خلال هذه الفترة القصيرة، وإعداد القواعد الدستورية التي يمكن بها الوصول إلى الانتخابات التشريعية والرئاسية في الكانون/ديسمبر المقبل”.
وتابع في حديثه إلى سكاي نيوز عربية ان الحكومة الانتقالية اليوم عليها الشروع في العمل وفق خارطة الطريق، وتوحيد مؤسسات الدولة المنقسمة، وتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية للمواطن الليبي، وتنفيذ خطة إصلاح اقتصادي عاجلة وتنفيذ مخرجات المسار العسكري والأمني ضمن لجنة 5+5، ودعم مفوضية الانتخابات”.
وأردف” الحدث إيجابي، وعلى الليبيين انهاء مراحل الفشل والانقسام التي ارتبطت بالمراحل الانتقالية المتعاقبة السابقة، وأن نشرع في هذه المرحلة الإعدادية الأخيرة للتأسيس مرحلة جديدة تتصدي للقضايا المؤجلة كالمصالحة الوطنية، والعبور إلى مرحلة الاستقرار والسلام والتنمية”.
ويرى المحلل السياسي الليبي، عز الدين عقيل، أن نجاح حكومة الدبيبة مرتبط بإرادة المجتمع الدولي في مساعدته من أجل تحقيق اختراقات في ملفات عدة.
وأوضح عقيل: “المجتمع الدولي عليه مسؤولية أخلاقية وقانونية لمساعدة الليبيين مباشرة بإنهاء أربع تهديدات مركزية، وهى نزع السلاح وتفكيك المليشيات وطرد المرتزقة، وإعادة هيكلة مؤسستي الجيش والأمن”.
وفي كلمته عقب منحه الثقة، شكر الدبيبة النواب على منحهم الثقة لحكومته وتغليب المصلحة العامة والتئامهم في هذه الجلسة التاريخية”، مؤكدًا أن حكومة الوحدة “هي حكومة كل الليبيين”.
وشدد الدبيبة على أن “ليبيا واحدة ولا يمكن قول غير ذلك”، داعيا إلى “المصالحة بين جميع الليبيين نوابا وشعبا وحكومة”، وأردف: “المهمة صعبة، لكن بالإرادة يمكن الوصول بليبيا إلى بر الأمان”.
ووعد الدبيبة بالالتزام بالإشراف على الانتخابات في 24 الكانون/ديسمبر المقبل، قائلا إنه “لن يسمح بتكرار الحرب، أو يقتل الليبيين بعضهم”.
وناشد مجلس النواب إلى مواصلة الالتئام والانعقاد بنفس الشكل لمناقشة العديد من القضايا الأخرى، ومنها الموازنة العامة الموحدة، كما لفت إلى التزامه بمسألة “اللامركزية” في إدارة الأقاليم، متعهدا أن يستمع إلى جميع الليبيين.
ووجه رئيس الحكومة الانتقالية الشكر للبعثة الأممية وأعضاء ملتقى الحوار ولكل الدول التي دعمت الحوار ومنها ألمانيا وسويسرا وتونس، وتوجه إلى كل الدول “الشقيقة والجارة” بالشكر، والتي دعمت هذا المسار.
وقال الدبيبة ” أحتاج إلى مساعدتكم في هذه الشهور الضيقة القليلة، وأريدكم أن تكونوا معي، وأتمنى أن تجتمعوا في أي مكان في ليبيا ليس سرت أو غدامس، نريدكم أن تجتمعوا في طرابلس وسبها والجفرة، ويجب أن نرفع كلمة ليبيا واحدة”.

Exit mobile version