توجه الدكتور فادي فرطاس مدير عام مستشفى الهواري العام بنغازي بنصائح من موقعه كطبيب الى عموم الليبيين حول جائحة كورونا ومواجهتها .
واوضح الدكتور ان الأطقم الطبية والطبية المساعدة والتسييرية في مستشفى الهواري العام وبرج الأمل لمكافحة وباء كورونا وصلت بل تجاوزت الحد الأقصى من القدرة على التحمل .
واوضح الدكتور انه لا يقصد القدرة على التحمل على الصعيد المهني او الطبي .. بل قدرتهم على التحمل على الصعيد النفسي .
شارحا ان السبب في ذلك يعود للاصابات بالجملة .. حيث اقسام العناية ممتلئة عن أخرها رغم انها تعمل بقدرتها القصوى .. والقسم ممتلئ عن أخره و يعمل بقدرته القصوى .
ويقول الدكتور بمرارة ان استهلاك الأكسجين تضاعف خمسة او ستة مرات عن معدلاته السابقة .. مضيفا ان المبكي والمحزن والمدمي للقلب هو كم الوفيات الهائل وازدياده بصورة مخيفة بين صغار السن بالإضافة إلى كبار السن .
ويسترسل الدكتور “لكم ان تتخيلوا مريض هذا الفيروس اللعين يدخل بأعراض مثل أعراض البرد ثم تزداد وتيرة المرض و يكشر الفيروس اللعين عن أنيابه ويبدأ في غزو الرئتين و اغراقهما بالسوائل حارما إياها و الجسم من الأكسجين فيبدأ الجسد والخلايا بالصراخ و ينهار تحت وطأة هجوم هذا الفيروس المقيت و تضع المريض على قناع الأكسجين في البداية متأملا أن يتجاوز هذه المرحلة لكن للأسف لا يتحسن فتنتقل الى المرحلة الأخرى تضعه على القناع لكن بجهاز التنفس الصناعي و لكم ان تتخيلوا كمية العذاب التي يمر بها المريض و هو تحت رحمة مضخة تضخ الأكسجين بقوة رغما عنه الى رئتية ولكن للأسف لا يتحسن و تتدهور حالته و يزداد ألمه و عذابه ونحن معه فلا نستطيع ان نتركه يتعذب أكثر فنضطر ان ندخله في غيبوبة صناعية ونضع له أنبوب التنفس الصناعي ولانعد في هذه اللحظة المريرة نملك له من الأمر شيئا الا الدعاء له .. فأمره في هذه اللحظة بين يدي المولى عز وجل ..
ويضيف الدكتور ان كل هذا يحدث خلال أيام طويلة ثقيلة نكون خلالها قد تعرفنا على مريضنا وعرفنا اهله وسمعنا ضحكاته وبكائه وعشنا معه لحظات راحته ولو لدقائق من عذاب المرض وعشنا معه لحظات آلامه الطويلة و يشاء الله أن يأخذ امانته ويتوفاه الله وتكون المهمة الأصعب ان نتقبل موته ونخبر أهله ونعزيهم ونبكي معهم فقيدهم ومن ثم نكفكف دموعنا في صمت لانه لا وقت لدينا للحزن .
لازالت العناية والقسم ممتلئة عن آخرها بالمرضى المحتاجين لنا .. لا وقت للحزن لا وقت للراحة .. لكم ان تتخيلوا أن هذه كانت حياتنا طوال عام كامل منذ ان اجتاحت هذه الجائحة بلادنا و حتى هذه اللحظة وكتابة هذه الكلمات ..
ويستطرد الدكتور فادي متحدثا: “أبناؤكم من الأطقم الطبية والطبية المساعدة والتسيرية في الخط الأمامي لهذه الجائحة يصرخون قائلين لكم .. لقد تعبنا .. لقد وصلنا لحدنا الأقصى من التحمل النفسي .. لا نريد ان يأتي وقت تنهار فيه معنوياتنا و لا نقوى حتى على تقديم الخدمة ..
ويتوجه بكلماته متضرعا: أرجوكم .. لا نطلب منكم المستحيل .. كل ما نريده منكم أهلنا ان ترتدوا الكمامة أثناء الخروج و أن تعقموا أيديكم بالكحول بإستمرار والإبتعاد عن التجمعات قدر الإمكان .. لم نطلب منكم المستحيل او شئ لا تقدرون على فعله … أرجوكم ضعونا و ضعوا أهلكم نصب أعينكم حتى لاتفقدوا أحبائكم و أنتم لا تملكون لهم من أمركم شيئا .