عاشور المزيني.. أول شهيد مدني يسقط دفاعا عن الوطن في نكبة فبراير

 

عاشور حمد بوخليفه المزيني.. ليبي كرس حياته لخدمة الوطن.. عشا ومات مناضلا من أجل الوطن.. كان أول المدنيين الذين استشهدوا في نكبة فبراير.

نجله يستذكر قصة استشهاده بدموع ملونة بالأحمر.. وقلوب يعتصرها الألم.. فيقول: دخل والدي البيت مضرجا في دمائه الطاهرة، فبحث عنا واحدا واحدا وكانه يتفقدنا ويودعنا كما يودع أركان البيت واللحظات الجميلة التي أسبغها على أسرته التي يستعد لفراقها.

كانت دمائه تقطر في أرجاء المكان لكنه كان يقاوم حتى يطمئن علينا.. دماؤه الطاهرة النقية تلك، كانت أول دماء وطنية تسيل على أيدي خفافيش الظلام في سبيل ليبيا.

أولئك الخفافيش الذين لم يرحموا طفلا ولا رجلا ولا امرأة ولا حتى كهلا.. لم يكن لديهم فرق بين المدني والعسكري.. ولكن اللوم ليس عليهم.. بل على العملاء والخونة الذين سمحوا لسلسال الدم بالنزيف، ومكنوا المستعمر من أن يذيق الليبيين مرارات الفقر والعوز والحرمان خلال عشر سنوات عجاف.. هكذا كان التعبير الحانق لنجل بوخليفة عندما يتذكر تلك الأيام.

كان معلما مربيا ذو حكمة وسعة صدر.. اتخذ التعليم مهنة له فكان معلم لغة انجليزية.. كفاءته وخبرته أهلته لأن يكون موجها للمخيمات الصيفية.. ثم أخير أمينا للمؤتمر الشعبي الأساسي أم الرزم، وفي نفس الوقت عمل منسقا لفريق العمل بدرنة.

المزيني تميز بالجدية في العمل، مع اللطف في التعامل ما كان له أثر في المساهمة في الحفاظ على اللحمة الاجتماعية داخل درنة، خاصة وأنه كان شخصية تحظى بالاحترام والتقدير، ما أهله لأن يكون مصلحا اجتماعيا لفض المشاكل والمنازعات بشكل ودي، وبعيد عن العنف والصراعات القبلية.

أعماله الخيرية كانت واسعة وبرزت في 2011، حيث حاول تهدئة الأوضاع بالنصح والتوجيه بعيدا عن الاستفزاز والعنف، ولكن التكفيريين تعمدوا استهدافه منذ الأيام الأولى للنكبة كي لا يقف ضد نواياهم الخبيثة، فهجموا عليه وباغتوه في 17 فبراير 2011وأبرحوه ضربا على كل جسده ورأسه حتى استشهد متأثرا بضرباتهم بعد أصابته بنزيف حاد في الرأس.

هكذا كانت سيرته.. وهذه هي ذكراه تحل علينا في أيام صعاب عجاف.. نستذكر فيها بحسرة أيام الاستقرار والأمان ورغد العيش، والشخصيات الوطنية التي كانت تحتوينا.

Exit mobile version