خلال العقد الأسود.. الجزء (2) أبرز الأحداث السياسية والعسكرية والاقتصادية في ليبيا

خلال العقد الأسود: الجزء الثاني

تتابعت المآسي والأحداث المؤلمة على ليبيا خلال العقد الأسود الماضي.. تنوعت ما بين قتل اختلفت أشكاله وتدمير واحتلال وخطف وإخفاء قسري وانتهاكات، كما شملت المشاكل انهيار في البنى التحتية وصراعات على السلطة والنفوذ.. أمام كل ذلك كان المواطن دائما هو الضحية.. رغم تخلل تلك السنوات العشر إعلانات وتعهدات بوقف إطلاق النار، ووعود بحل الأزمات، وتدخلات دولية عديدة تحت عباءة إيجاد حلول سلمية للأزمة.
كان من الصعب على حكومة الوفاق بقيادة فايز السراج الدخول للعاصمة طرابلس وسط الفوضى التي قام بها الإخوان ومليشياتهم في المدينة، لذلك اعتبر أن دخول السراج للعاصمة على فرقاطة ووصله إلى قاعدة أبو سته البحرية إنجازا في 2016، ومع ذلك واجه صعوبات، حيث أنه لم يحظى باعتراف مجلس نواب طبرق، ولذلك بقيت في ليبيا 3 حكومات إحداهما في الشرق، وأخرى في الغرب يعترف بها المجتمع الدولي، وثالثة هي حكومة الإخوان التي لم ترغب في ترك السلطة.
شهد 2016 إطلاق قوات الكرامة عملية “البرق الخاطف” للسيطرة على منشآت النفط الرئيسية في منطقة “الهلال النفطي”، كما تمكنت مليشيات مصراته الغير مؤهلة عسكريا من تحرير مدينة سرت من تنظيم الدولة بدعم من الأفريكوم.
في 2017 تركزت الأنظار على طرابلس التي شهدت تناحرا بين مليشيات السراج ومليشيات حكومة الإخوان الرافضة ترك السلطة، ثم أعلنت مليشيات السراج التصدي لقوات الكرامة التي أعلنت التحرك نحو الغرب والسيطرة على طرابلس، مقر حكومة الوفاق المدعومة من الأمم المتحدة، وذلك بعد إعلان “التحرير الكامل” لبنغازي من التشكيلات المسلحة، ثم إعلان السيطرة على الهلال النفطي.
كما تمكنت «غرفة محاربة تنظيم الدولة» من الإعلان عن تحرير صبراته من التنظيم الإرهابي ، ولكن من جانب آخر نصبت مليشيا القوى الثالثة مصراتة التابعة للإخوان كمينا لـ134 ضابطا في قاعدة براك الشاطئ الجوية وقتلتهم جميعا وهم عزل من السلاح، وحرى في هذا العام أيضا الكشف عن تقرير صادم بثته شبكة «سي ان ان» الأمريكية عن وجود سوق لبيع البشر في ليبيا.
وفي العام ذاته شهد شهر يوليو بباريس الفرنسية أول اجتماع أو اتفاق بين فايز السراج وخليفة حفتر اللذان تعهدا بإخراج البلاد من الفوضى وتعهدا بالعمل سوياً لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في 10 ديسمبر 2018، كما أعلن في العام نفسه بتونس إعادة تشكيل المجلس الرئاسي من 3 أعضاء وإسناد صفة القائد العام للجيش الى مجلس خاص.
ولكن ما يمكن أن يبعث على الأمل في ذلك العام القاتم، هو الإعلان عن إطلاق سراح الدكتور سيف الإسلام القذافي، بعد أن ظل محتجزًا لمدة ست سنوات.
الإخفاقات المستمرة للحكومات، والصراعات على السلطة، والاحتراب، كان لهم تأثير انعكس على الاقتصاد الذي لا يزال يمر بأزمات عدة، منها نقص السيولة والوقود، وتدني سعر صرف الدينار في مقابل العملات الأجنبية، وما صاحب ذلك من نقص العديد من السلع، في ظل تقلص القاعدة الإنتاجية وصغر حجم القطاع الخاص، خاصة مع إصرار المليشيات الإرهابية على إفشال أي اتفاق سياسي يؤدي لاستقرار الأوضاع.
2018
ورغم الاتفاق المعلن في باريس بين حفتر والسراج، إلا أن الصراع ظل قائما وظهر ذلك علنا في مؤتمر باليرمو بإيطاليا عندما قاطع الأول المؤتمر وانسحبت تركيا منه، وتزامن مع هذا الصراع اعتداء نفذه انتحاريان من تنظيم الدولة على مقر اللجنة الانتخابية في طرابلس وأسفر عن مقتل 14 شخصاً.
وشهد العام ذاته إعلان قوات الكرامة إطلاق عملية لتحرير درنة من تنظيم الدولة والجماعات المتشددة، وبدء عودة أهالي تاورغاء لمدينتهم، إضافة إلى قرار المصرف المركزي بتثبيت سعر صرف الدولار عند 3.90 دينار.
في 2019 أعلنت قوات الكرامة الدخول للجنوب بدعم من القبائل المحلية حيث سيطر عليها بلا معارك في سبها والشرارة أحد أكبر الحقول النفطية في البلاد، ثم أعلنت التقدم باتجاه طرابلس، حيث واجهت مقاومة عنيفة من المليشيات الموالية لحكومة الوفاق، تزامن ذلك مع زيارة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الى ليبيا، قبل أيام من انعقاد “المؤتمر الوطني الجامع” الذي أعدت له الأمم المتحدة ودعا إلى وضع خارطة طريق سياسية لإخراج البلاد من أزمتها.
وسعيا من حكومة الوفاق للخروج من الأزمة وقع رئيسها وقّع فايز السراج اتفاقا للتعاون العسكري والأمني مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وبدأت الاتهامات تتوالى من عدة شركات ودول بانتهاك حظر الأسلحة المفروض على ليبيا منذ 2011 عبر إرسال أسلحة ومقاتلين إلى الطرفين.
2020 العام الذي يفترض أن يكون بداية لانفراج الأزمة في ليبيا، كان في بدايته حافلا بالاشتباكات في طرابلس، خاصة بعد إعلان أردوغان بدء نشر عسكريين في ليبيا بعد موافقة البرلمان التركي على ذلك.
سعت ألمانيا لحلحلة الأزمة بعقدها مؤتمر برلين حضرته أكثر من عشر دول برعاية الأمم المتحدة، وأكد على ضرورة وقف إطلاق النار وإطلاق عملية سياسية شاملة، وتعهد المشاركون في المؤتمر بعدم التدخل في الحرب لدعم الوكلاء على الأرض، بالإضافة إلى احترام حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة. أما أطراف النزاع (الوفاق وقوات حفتر)، فرغم مشاركتهما في المؤتمر إلا أنهما رفضا اللقاء وجها لوجه.
استمر الدعم التركي لمليشيات الوفاق، ما ساعدها على السيطرة على قاعدة الوِطْيَة الجويّة ثم سيطرت على ثلاثة معسكرات جنوب طرابلس، ما مثل انتكاسات جديدة لقوات الكرامة التي خسرت عدة مدن ساحلية غرب البلاد، حتى تراجعت إلى مدينة سرت التي حاولت أن تدخلها قوات الوفاق إلا أن مصر هددت بالتصدي لها في حال تجاوز الخط الأحمر الذي حددته سرت الجفرة.
كما شهد بداية العام إعلان قوات الكرامة إغلاق المرافئ النفطية الكبرى الواقعة في الشرق، ما أدى إلى انخفاض كبير في إنتاج النفط، ولكن بعد أشهر جرى اتفاق وأعلن إعادة استئناف إنتاج وتصدير النفط.
ووسط ذلك فاجأ رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج، الجميع بإعلان رغبته بتقديم استقالته، مضيفا أنه يرغب بتسليم مهامه إلى السلطة القادمة، في موعد أقصاه نهاية أكتوبر. لكن بحلول أكتوبر، أعلن مجددا تراجعه عن قرار الاستقالة، قائلا إنه استجابة لمطالب استمراره في منصبه.
وأخيرا أعلنت الهدنة، وعسريا تم التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار بين الجانبين، وسياسيا اجتمعت 75 شخصية في تونس بقيادة الأمم المتحدة تحت مظلة ملتقى الحوار الوطني واتفقوا على إجراء انتخابات في 24 ديسمبر 2021.
وبالتزامن مع ذلك احتضنت مدينة بوزنيقة المغربية، مباحثات بين مجلس نواب طبرق والدولة الإخواني، للوصول إلى تفاهم حول اختيار السلطة التنفيذية.
ولكن ظلت الأوضاع الإنسانية وسط هذا الاحتراب تزداد سوءا حتى اندلعت مظاهرات في بنغازي وبعض مدن شرق ليبيا تبعتها مظاهرات مماثلة في طرابلس، للمطالبة بتحسين الخدمات والأوضاع المعيشية.
عشر سنوات من الدمار والخراب والاقتتال شهدتها ليبيا.. مؤتمرات ولقاءات داخلية وخارجية.. إعلان سيطرة ومن ثم فقدانها.. اتفاقات وبعدها نقض للمواثيق.. وجوه مختلفة تتناوب على المناصب.. ولكن الوضع المعيشي الذي يعانيه المواطن يزداد سوءا يوما بعد آخر.

Exit mobile version