حذّر نائب رئيس الوزراء بحكومة الشرق، عبدالسلام البدري، من تأثير ما وصفه بـ”التدخل الواضح” من صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي في تحديد سعر صرف العملة الليبية.
وقال في تصريح لصحيفة “الشرق الأوسط”، طالعتها “أوج”، إن القرار يخدم مصالح هذه الجهات فقط، وبالنسبة لليبيين فإن القرار أكثر خطرًا من قذائف الطائرات، لأن الأخيرة قد لا تصيب وتقتل الجميع، بينما القرار يستهدف خبز الليبيين ومعيشتهم.
وطالب البدري المصرف المركزي بإعادة النظر بشأن قراره، الخاص بتعديل سعر الصرف خلال أسرع وقت ممكن، مُعتبرًا أنه غير عادل لتضمينه إلى جانب سعره الرئيسي سعرًا إضافيًا، يعادل ما كان يُفرض من ضريبة على بيع العملة الأجنبية، مُبينًا أن القرار غير قانوني، ما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار كل السلع والخدمات بالبلاد، التي ترتبط بسعر الدولار.
وفي سياق آخر، أقر البدري بأن أسبابًا جوهرية أدت إلى اندلاع الاحتجاجات في بنغازي، في الفاتح/سبتمبر الماضي، مُعتبرًا أن تلك الأسباب لا تزال موجودة، داعيًا إلى تفهم تعذر معالجتها بشكل كامل، في ظل استمرار التدخلات الدولية بالبلاد، فضلاً عن صعوبة الإنجاز تحت ضغط احتمالية تفجر الأوضاع بأي لحظة، – حسب قوله.
وأوضح البدري، أنه لا توجد سيطرة من الدولة الليبية على جميع أراضيها ومقدراتها، مُستدركًا: “تركيا تحتل عبر أعوانها من أركان حكومة الوفاق غير الشرعية طرابلس والغرب برمّته، والكل يرصد كيف حوّلت الوطية إلى قاعدة عسكرية خاصة بها، وكيف تستميت للسيطرة على حقول وموانئ النفط بالشرق الليبي أيضًا، وقد أُبرمت مؤخرًا اتفاقية بين حكومة الوفاق وشركة تركية، يملكها صديق للرئيس التركي، ستتولى إدارة الجمارك والإشراف على البضائع الواردة إلى البلاد ومراقبتها”.
واسترسل أنه في نفس التوقيت يحاول أعوان تركيا وقطر إشعال الموقف، والدفع نحو المواجهة العسكرية، مُعربًا عن آماله أن تؤدي العقوبات المرتقبة على تركيا لتقليل حجم شحنات الأسلحة التركية، التي لا تزال تصل إلى الغرب الليبي.
وفيما فيما يتعلق بالأزمات المرحلية، كالوقود وتأخر صرف الرواتب، أعرب البدري عن أمله في انتهائها تدريجيًا مع بداية العام المقبل، مُتابعًا: “احتلال ليبيا موقعًا متقدمًا في قائمة الدول الأكثر فسادًا أمر مؤلم، لكنني أقر به وهو موجود بعموم البلاد، وفي الغرب أعلى بكثير من الشرق الليبي، فالأخير لا يملك بالأساس موارد ليتم نهبها، وللأسف معدلات الفساد تضاعفت بدرجة كبيرة في ظل الفوضى التي شهدتها البلاد منذ 2011″، – حسب قوله.
وفيما يخص تقديره لحجم الأموال الليبية التي تم توجيهها إلى تركيا، قال البدري: “الرقم المعلن هو 10 مليارات دولار، في شكل ودائع أو قروض من دون فوائد، ومن غير المتوقع استعادتها، فضلاً عن استغلال الأصول الليبية الموجودة في تركيا، أما الرقم غير المعلن فهو كبير جداً، وتكفي الإشارة فقط لما قامت تركيا بنهبه عبر رواتب المرتزقة السوريين، والتي قُدِّرت بما يقرب من 40 مليون دولار شهريًا، إضافة إلى الفساد في ملف علاج الجرحى الليبيين بالخارج”.
وفي ختام حديثه، حذر البدري من خطورة تركيز بعض الأطراف بالدولة على الانقسام السياسي، دون الاهتمام بمشكلات أخرى قد تهدد المجتمع في السنوات القادمة، مُستدركًا: “لدينا ارتفاع في معدلات الجريمة والعنف بعموم البلاد، كنتيجة منطقية لانتشار السلاح بمختلف أنواعه بأيدي الليبيين، فضلاً عن تحول ليبيا خلال العقد الماضي إلى سوق استهلاكية واسعة لتعاطي المخدرات”.
وأقر مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي بطرابلس، الأربعاء الماضي، بالإجماع تعديل سعر صرف الدينار الليبي، بما يعادل 4.48 دينار للدولار الواحد، على أن يسري هذا السعر على جميع الأغراض واستعمالات النقد الأجنبي الحكومية والتجارية والشخصية، ويبدأ العمل به اعتبارًا من 3 آي النار/يناير 2021م.
وأشار بيان المركزي إلى تغيير قيمة الدينار الليبي مقابل وحدات حقوق السحب الخاصة لتصل إلى 0.1555 وحدة حقوق خاصة لكل دينار وهو ما يساوي القيمة المذكورة.
وجاء القرار بناء على اجتماع مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي مجتمعا في أول لقاء له عام 2020 م، لمناقشة التقرير المقدم من اللجنة الفنية المكلفة بدراسة خيارات تعديل سعر صرف الدينار الليبي.
وورد في البيان أن مجلس إدارة المصرف سيكثف اجتماعاته خلال الأسابيع المقبلة بما يمكنه من اتخاذ مزيد من القرارات الهادفة إلى حلحلة المشاكل والمعوقات التي تعانيها القطاع المصرفي بالشكل الذي يحقق استدامة السلامة المالية والنقدية.