في ظرف شديد الاضطراب، وإبان حكم سلطة مشكوك في نزاهتها وتردي الأحوال الاقتصادية والمعيشية في ليبيا وتفشي الفساد.
جاء قرار بريطانيا رفع التجميد عن الأموال الليبية في لندن، والخاصة بالمؤسسة الليبية للاستثمار. ليثير أسئلة عدة حول توقيت القرار وإمكانية الاستفادة منه ومدى الثقة، في الحكومات الموجودة في ليبيا بالاستفادة من هذه الأموال لمصلحة الشعب الليبي وعدم ضياعها في بالوعة الفساد.
وكان قد أكد مدير مكتب الإعلام بمؤسسة الاستثمار، لؤي القريو، رفع التجميد عن الأموال الليبية في بريطانيا ،ومنح ليبيا الحق في إدارة أصول الدولة الليبية المجمدة ببريطانيا. وأضاف أن رفع الحراسة جرى وفقا للشروط المتفق عليها بين المؤسسة الليبية للاستثمار والحارس القضائي، معتبرا الخطوة إيجابية كونها تسمح بإدارة الأصول الليبية في بريطانيا مباشرة من قبل إدارة المؤسسة وهي تحت التجميد.
قبل هذه الخطوة بأيام قليلة، كان رئيس مجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار، علي محمود قال، إن المؤسسة لا تسعى إلى رفع التجميد المفروض على أصولها، وإنما “إجراء تغييرات طفيفة على نظام التجميد؛ بما يكفل الحفاظ على هذه الأصول”.
وفي الوقت الذي يرى فيه مراقبون، أن توقيت رفع التجميد عن أموال المؤسسة الليبية للاستثمار، يرتبط بالأساس بالتطورات السياسية التي دفعت عددا من الحكومات، إلى الاعتقاد بأنه حان وقت التحرر من تبعات الاستيلاء على أموال الليبيين، قبل أن تتولى شؤون البلاد حكومة مركزية، يكون لها حق المطالبة بالتعويض عما تم نهبه من هذه الأموال.
وعوائدها الضخمة طوال السنوات الماضية والتي استولت عليها الدول الأوروبية دون ضابط قانوني أو أخلاقي، فإنه يحق لليبيين ايضا أن يتساءلوا عن مستقبل ثرواتهم التي ستعود إلى أيدي فاسدة.
وما “يزيد الطين بلة” ما تكشف في الفترة الأخيرة، عن أن فساد حكومة السراج غير الشرعية، شمل كافة القطاعات الليبية المسيطرة عليها، وسط إفلات تام من العقاب.
وكشفت النيابة العامة في ليبيا، قبل عدة أسابيع عن هدر أكثر من 800 مليون دولار في استثمارات غير مدرجة في الخارج “استثمارات وهمية”.
وأكد رئيس التحقيقات في مكتب النائب العام الصديق الصور، وجود قضايا لدى المدعي العام الهولندي والسويسري وشركة ديلويت بخصوص المؤسسة الليبية للاستثمار، (الصندوق السيادي الليبي) التي تستثمر أكثر من 68 مليار دولار بالخارج، مشيرًا إلى وجود تعاون مع شركات دولية للمساعدة في التحقيق حول إهدار المال العام.
وفي سبتمبر2020 الماضي، استدعى رئيس ما يعرف بالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد نعمان الشيخ، رئيس مجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار لاستبيان بعض التجاوزات، وتعرضت المؤسسة الليبية للاستثمار للنهب والفساد جراء تدخل الميليشيات المسلحة المتحكمة في العاصمة طرابلس، من خلال التعيينات التي تفرض بالقوّة، وفقا لما كشفه تقرير أممي حول ليبيا، في سبتمبر 2018.
بعدما كشف فريق الخبراء المعني بليبيا في الأمم المتحدة، وجود انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان واختلاسات مالية ضخمة.
وفي أواخر عام 2018، أكدت وسائل إعلام بلجيكية، سحب مبالغ من فوائد الأموال الليبية المجمّدة في بلجيكا، ورغم نفي المؤسسة الليبية الأمر، إلا أنها عادت عقب ذلك للإقرار بأنها استلمت فوائد الأموال الليبية المجمدة في البنوك البلجيكية حتى نهاية شهر أكتوبر 2017، لكنها اعترفت أنها لا تعلم مصير هذه الأموال والجهات التي استفادت منها!!!
وتعد المؤسسة الليبية للاستثمار، الغطاء الذي يجمع جميع الاستثمارات الليبية بالخارج والداخل، وتقدر قيمة أصولها بنحو 68 مليار دولار بنهاية العام 2015، ويتبعها نحو 550 شركة وتشمل أرصدة نقدية مجمدة تشكل نحو 50% من قيمة الأصول والباقي موجود في شكل استثمارات طويلة الأمد في عدد من المؤسسات الليبية.
ويبقى السؤال انه إذا كانت هناك سعادة برفع بعض الدول الأوروبية وفي مقدمتها بريطانيا يدها عن الأموال الليبية المجمدة لديها دون وجه حق قبل قرابة 10 سنوات.
فإن سؤال آخر مهم، حول مدى الاستفادة الليبية من هذه الأموال والضمانات المدرجة حتى لاتنهب من قبل ميليشيات الفساد والحكم في طرابلس.