قال المحلل الاقتصادي سليمان الشحومي إن “مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي يعود تحت ضغط المجتمع الدولي و مطالبات النخب الاقتصادية الليبية و السياسية بضرورة توحيد مؤسسة النقد الليبية ، ولعل اكبر مسرع لعودة التئام اجنحة المصرف المركزي المنكسرة هو اتفاق سوتشي حول ارجاع تصدير النفط مقابل حجب العوائد عن خزائن المصرف المركزي حتي يتم التوحيد الحكومي و المؤسسي للمصرف المركزي ، و في ظل الصراع الورقي و الشفوي بين اقطاب و اطراف مسؤلي المؤسسات الحكومية ، تسارعت الخطي و اشرئبت الاعناق بعقد الاجتماع التمهيدي و بعدها الدعوي للاجتماع الذي سينظر فيه مسألة تعديل سعر الصرف قريبا .”
ورأى أن “كل ذلك كلام جميل و يعد بتحسن الاوضاع الاقتصادية بشكل عام ، فالمركزي لم يجد حل وسط النار المشتعلة بينه و بين السلطة التنفيذية و مؤسساتها الا ان يعود الي قواعده و يتحالف مع نفسه بعد قطيعة سبع سنوات عجاف ليعود للمشهد عبر بوابة تعديل سعر الصرف و ان يكون في متناول الجميع ، ذالك المطلب العتيد و الذي استمرت المطالبات به لسنوات و تم فرض ضريبة علي النقد كحل بديل من قبل الحكومة”.
وأضاف الشحومي “في كل الاحوال تعديل سعر الصرف سيكون امامه خيارات صعبة و في تقديري فهو امر ليس بالبساطة بما كان بسبب عدم وجود التنسيق بين السياسة النقدية من طرف و السياسات المالية و التجارية من طرف اخر ، التعديل عبر قرار مجلس ادارة المصرف المركزي بسعر ثابت جديد و الذي سيكون في مدي السعر الرسمي مع الضريبة الحالية مع زيادة محدودة جدا لتقليص فجوة التوقعات بحجم الطلب علي شراء الدولار ( بين 3.80- 4.25) و لا يمكن ان تكون قريبة من اسعار السوق الموازي كونها تزيد من حالة التضخم و الركود معا و تزيد من حالة عدم الثقة بالسوق” .
ولفت الشحومي إلى أن “التعديل يعني ضرورة اعادة تقييم الاصول النقدية للعملة الاجنبية و سيزيد من حجم الانفاق بالموازنة الحكومية القادمة و يرفع المستوي العام للاسعار ، و يتطلب ان يتم اخطار صندوق النقد الدولي لاعادة تقييم العملة الليبية امام وحدات حقوق السحب الخاصة ، وحتما يتطلب تعديل السعر ان تعدل الحكومة مشروع الموازنة العامة وفقا للسعر الجديد و تقوم بمعالجة دعم الوقود و رصد المخصصات اللازمة لمعالجة الانخفاض في الدخل الحقيقي للمواطن و حماية الفئات الهشة وعلي الاغلب يكون ذلك عبر علاوة العائلة المتوقفة و التي تراكمت عبر سنوات من عدم الصرف ، و اطلاق مشروع جديد للمرتبات و الاجور و اعادة هيكلة الانفاق الحكومي الاخري لمجابهة العجز المتوقع في الموازنة و التوافق مع المصرف المركزي في آليات تمويل العجز بالميزانية القادمة و سداد و تسوية الالتزامات الدين العام السابقة عبر اجراء تعديل لتقيم الاحتياطيات” .
وأشار إلى أن “هناك حاجة ان يصاحب اقرار السعر الثابت الجديد للعملة الليبية ان تعلن الحكومة عن مشروع اصلاحاتها الهيكلية و ان يتدارسها مجلس ادارة المصرف المركزي ليتمكن من استكشاف السعر الجديد و اقراره في وقت لاحق بعد اجراء التعديل الاساسي الان ، اما غير ذلك فقد يجد المصرف المركزي نفسه امام الضغط برفع سقف السعر الثابت الجديد بشكل تقديري ليقلص فجوة التوقعات حول ما ستقوم به الحكومة من اجراءات و سداد الدين العام السابق وحجم عرض النقد بالاقتصاد”
وتوقع الشحومي أن “المركزي قد يتجه لإقرار سعر جديد و يشترط علي الحكومة ان تعلن عن برنامجها و تباشر تنفيذ الاصلاحات المالية و التجارية وذلك لمراجعة السعر و التاكد من انه يحقق التوازن المطلوب.”
ونوّه المحلل الاقتصادي إلى أن “اجراء الاصلاحات الاقتصادية يتطلب توافق و تناغم المفقود حاليا بين الاطراف المسؤلة عن اقرار و تنفيذ الاصلاحات المرتبطة بتاثير تعديل سعر الصرف”.
وأضاف “وعلي صعيد السوق سيتم تقييم عملية تعديل سعر الصرف في ضوء التزام المصرف المركزي برفع القيود علي عمليات الطلب و الشراء للدولار ، و سيقيم المواطن عملية التعديل لسعر الصرف بمدي تحسن الاسعار بالسوق و مدي التزام الحكومة بتحسين دخله الحقيقي و مدي مقدرته علي حل ازمة السيولة المربكة” .