تقاريرمحلي

ما بين الصراع السياسي وانهيار البنى التحتية وكورونا.. يبدأ موسم الدراسة في ليبيا

 

عودة الدراسة.. معاناة جديدة توضع على كاهل المواطن.. وأعباء مادية أخرى تضاف إليه في ظل ضعف المنظومة التعليمية في ليبيا.

الحكومات المختلفة في شرقي البلاد وغربها وضعت خططا متباينة لانطلاق العملية التعليمة بعد توقف لفترة طويلة بسبب أزمة كورونا.. فيما بقي الجنوب مشتتا، الأمر الذي انعكس على الامتحانات والطلاب خلال العام الماضي، ولكن هل المنظومة التعليمية ومدارسها مهيأة لذلك؟

يجيب على ذلك السؤال بوضوح مؤشر جودة التعليم العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي دافوس لعام 2020م الذي أظهر خروج ليبيا من نطاق التقييم للعام الخامس على التوالي، وذلك بسبب الافتقار لمعايير الجودة نظرًا لما تمر به البلاد من تقلبات.

وبالنسبة للمدارس فلازالت العديد منها غير مهيأة لاستقبال الطلاب، ففي الشرق مثلا هناك نقص في المدارس العامة ما اضطر الوزارة للاستعانة بمقار المدارس الخاصة لاستضافة تلاميذ المرحلة الإعدادية لإجراء الامتحانات، علاوة على انهيار البنية التحتية للعديد من المدارس في الغرب بسبب الحرب الأخيرة.

وفي هذا الصدد ذكرت مصادر رسمية، أن هناك أكثر من 100 مدرسة في طرابلس وحدها، تعرضت للدمار الكلي أو الجزئي جراء الأعمال العسكرية الأخيرة، وكان وزير التعليم في حكومة السراج عثمان عبد الجليل، قد أكّد في 2017 تضرر قرابة 4500 مدرسة، كلها تحتاج إلى الصيانة والإصلاح بشكل كامل أو جزئي، وخاصة في مناطق سرت والقواليش والعوينية وتاورغاء وككلة وأوباري.

هذه الظروف الصعبة والتي تزداد سوءا يوما بعد يوم دفعت منظمة اليونيسف عن التعبير عن قلقها من حرمان أكثر من 200 ألف طفل في ليبيا من التعليم، بسبب الأعمال العسكرية الأخيرة، مبدية مخاوفها مما وصفته “المستقبل المظلم للأطفال الليبيين”.

ولا ننسى أن العديد من المدارس أصبحت ملجأ للنازحين الفارين من نيران الحرب بعد دمار بيوتهم وتهجيرهم.

لا يقف الأمر عند هذا الحد، فمنظمة الصحة العالمية حذرت من نقص حاد “في اللقاحات الأساسية للأطفال”، كما أنّ العديد من مراكز التطعيم في البلاد أجبرت على الإغلاق بسبب نقص معدات الحماية الشخصية للعاملين الصحيين، ما يجعل أكثر من 250 ألف طفل وطفلة معرضين لخطر الإصابة بأمراض بسبب النقص الحاد في اللقاحات الأساسية، وهو ما يؤكده المسؤول ببرنامج الصحة المدرسية بحكومة الشرق حميدة السنوسي، التي أشارت لنفاد أمصال التلقيح الإجباري لتلاميذ المدارس، مؤكدة أنّ مراكز الصحة المدرسية ستكون عاجزة تماماً عن توفيرها قبل بدء العام الدراسي الجديد.

ظروف التعليم في ليبيا السيئة تجاوزت كل الحدود المادية.. حيث أوردت دراسة أجرتها مؤسسة طرابلس الغرب للدراسات بعنوان إخفاقات النظام التعليمي الليبي، أن أهم المصاعب التي تواجهه تسرب الاطفال من المدارس، تضرر المؤسسات التعليمية بسبب النزاع العسكري، انتشار البطالة واستقطاب الشباب للعمل الحربي، انتشار الأمراض النفسية وأثرها على التحصيل، استمرار انتهازية مؤسسات التعليم الخاص، إضافة إلى تزوير الشهادات والتعيين الجائر، وتأكيد ثقافة الغش ومنح الدرجات العليا، انتشار السلفية الرافضة للعلوم والتكنولوجيا.

ووسط هذا الزخم لا ننسى احتجاجات المعلمين وإضرابهم عن العمل بسبب عدم حصولهم على حقوقهم.

هكذا يبدو المشهد التعليمي في ليبيا.. ما بين نقص الإمكانيات والتخبط الإداري والمالي، والصراع السياسي والعسكري يعيش الطلاب في البلاد ساعين لتخطي هذه الحواجز.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى