قالت دراسة حديثة، للباحث التركي فرحات بولات، أن ليبيا لا تمثل لتركيا فقط بوابة أفريقيا لكنها أيضًا سوق ذات قيمة كبيرة في حد ذاتها، لافتًا إلى أن موقف تركيا في ليبيا يعتبر امتدادًا لوجودها في إفريقيا، والتي بدورها جزء من استراتيجية أكثر عمومية لوضع تركيا كلاعب عالمي في العديد من المجالات، بما في ذلك البناء والصناعات الدفاعية.
وأوضحت الدراسة التي حملت عنوان “استراتيجية تركيا في ليبيا: الأسباب والتحديات”، ونشرها مركز البحوث العالمية TRT، أنه عند هجوم قوات الكرامة على العاصمة طرابلس، في 4 الطير/أبريل 2019م، طلبت حكومة الوفاق غير الشرعية، المساعدة من الولايات المتحدة وبريطانيا وإيطاليا والجزائر وتركيا لمساعدتها في صد الهجوم والدفاع عن مواقفها، مشيرة إلى أنه من الناحية العملية، كانت تركيا فقط، التي استجابت بمساعدة ملموسة.
ووفق الدراسة، فإن مساهمة أنقرة في محاولاتها لتقديم مساعدة عسكرية كبيرة إلى الوفاق، بما في ذلك الطائرات المسلحة بدون طيار وأنظمة الدفاع الجوي، حولت كفة الميزان على الأرض.
وذكرت الدراسة، أن الحكومة التركية لديها مخاوف من أن الحرب الليبية يمكن أن يكون لها تأثير ممتد على المصالح الاقتصادية والجيوستراتيجية وشرق البحر الأبيض المتوسط لتركيا.
ولفتت إلى أن تلك المخاوف، كانت تتمحور حول عدم استقرار على الأمد الطويل، بما يُمكنه أن يمنح القوات المعادية لتركيا نفوذًا أكبر في المنطقة، وأنه نتيجة لذلك، سعت أنقرة لمنع ليبيا من السقوط تحت نفوذ الإمارات ومصر وروسيا وفرنسا.
ونوهت الدراسة، إلى أنه هذا الأمر كان سيضع المصالح الجيوستراتيجية والاقتصادية لتركيا في المنطقة في خطر، معتبرة أن دعم تركيا لحكومة الوفاق، كان عنوانه إعادة التوازن إلى الوضع على الأرض مع الأمل في إنهاء الصراع الليبي وفتح مساحة لليبيين للتوصل إلى اتفاق بين أنفسهم من خلال الحد من الدوافع الأجنبية لعدم الاستقرار في البلد، لكن تركيا في حقيقة الأمر كانت تسعى أيضا للحفاظ على نفسها.
وتحت عنوان “تركيا تسعى أيضا للحفاظ على نفسها في مياه شرق البحر المتوسط”، أكدت الدراسة أن الاتفاقية البحرية التركية الليبية، تتيح لكلا البلدين زيادة مناطقهما البحرية، مستدلة بادعاء رئيس الأركان السابق للبحرية التركية، الأدميرال جهاد يايجي، في سياق حديثه عن “الوطن الأرزق”، بأن تركيا لديها حقوق في 145.000 كيلومتر مربع في منطقة في البحر الأبيض المتوسط مع المنطقة الاقتصادية الخالصة.
وبينت الدراسة، أنه بفضل الاتفاق التركي الليبي، توسعت هذه المنطقة الآن إلى مساحة189000 كم2، وأنه بتوقيع هذه الاتفاقية البحرية الليبية امتدت الولاية القضائية إلى المياه الإقليمية لجزيرة جيريت.
وتحت عنوان “مصالح تركيا في ليبيا”، أشارت الدراسة إلى أنه في أعقاب أحداث عام 2011م، تحولت ليبيا إلى ساحة معركة إقليمية ودولية منافسة، وأنه نتيجة لذلك، واجهت ليبيا في انتقالها إلى الديمقراطية المأمولة عقبات كبيرة تنشأ عن كليهما من داخل وخارج الدولة.
وأضافت، بأن أنقرة تتبع نهجًا قائمًا على الدبلوماسية وزيادة الأنشطة الاقتصادية والتجارية، مردفة: “تركيا لها مصالح مختلفة في ليبيا، ومع ذلك فإن أسباب تدخل تركيا الرئيسي في ليبيا كان من أجل الحفاظ على المصالح الاقتصادية والجيوستراتيجية في البلاد وشرق البحر الأبيض المتوسط”.
ودللت الدراسة على ذلك بتوقيع تركيا مؤخرًا اتفاقية تعاون عسكري مع النيجر تهدف إلى تأمين شراكة ضد الامتداد المحتمل لعدم الاستقرار من ليبيا، منوهة بأن إصرار أنقرة وإصرارها إلى زيادة نفوذ تركيا في الجزائر وتونس واحتمال وجود عسكري تركي دائم في ليبيا يدعم طموحات تركيا في أن تصبح المُتحكمة في السلطة في شمال أفريقيا بهدف تأمينها الاستراتيجي والمكاسب التجارية في المنطقة.
وأوضحت الدراسة، أنه بين 2010 و 2016م، افتتحت تركيا 26 سفارة في أفريقيا وتركيا، مشددة على أن الوجود التركي في ليبيا الآن بمثابة منصة من خلالها يمكن لأنقرة تحسين جهودها الناجحة لتوسيع الوجود الاقتصادي والسياسي لتركيا عبر القارة، وأنه نتيجة لذلك، أثيرت مخاوف في العواصم الإقليمية والدولية الرئيسية، بما في ذلك أبوظبي والقاهرة وباريس وبكين وموسكو؛ حيث “تلعب المصالح الجيوسياسية دورًا في صنع السياسة التركية في ليبيا”.