محلي

صراع بين السراج والإخوان للسيطرة على الموارد المالية للدولة يعمق الأزمة المالية ويزيد الوضع ترديا

يزداد الصراع القائم منذ أشهر بين رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق غير الشرعية، فايز السراج، وجماعة الإخوان ضراوة للسيطرة على الموارد المالية للدولة والتسابق من أجل التحكم في القرار الاقتصادي والنقدي للبلاد .. ويتجه إلى مزيد التصعيد، حيث انضم لحلقة الصراع وحملات التخوين والتشكيك، التي تقودها الأخيرة ضد الأول، عضوا جديدا، وهو مصطفى المانع المستشار القانوني لمحافظ المصرف المركزي الصديق الكبير.
الحلقة الجديدة من سيناريو هذا الصراع بدأت بإصدار السراج يوم الإثنين الماضي في اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء، قرارا يقضي بتشكيل لجنة عمومية تتولى تعيين مجلس إدارة جديد للمصرف الليبي الخارجي، الذي تودع في حساباته إيرادات مبيعات النفط، لكن الصديق الكبير، استنكر القرار، واعتبره مخالف للقوانين واللوائح النافذة، التي تنص على أن تشكيل مجلس الإدارة هو من صلاحيات المركزي.
وأوضح مركزي طرابلس في خطاب موجه إلى السراج، طالعته “أوج” أن القرار يخالف القوانين واللوائح النافذة 68، و72، و100، و120، من القانون رقم 1 لسنة 2005م، بشأن المصارف وتعديلاته، والمادة 258 من القانون التجاري رقم 23 لسنة 2010م، لافتًا إلى أن جميعها ألغت أحكام القانون رقم 18 لسنة 1972م، فيما يتعلق باختصاص مجلس الوزراء بتعيين مجلس إدارة المصرف الليبي الخارجي، حيث تؤكد تلك النصوص قطعًا أن مصرف ليبيا المركزي باعتباره المالك الوحيد للمصرف الليبي الخارجي وحامل أسهمه بالكامل هو الجمعية العمومية‏ ‏للمصرف الليبي الخارجي.
واستنكر الكبير، ما اعتبره إساءة استعمال لسلطة الوظيفة من قبل وزير الاقتصاد بحكومة الوفاق غير الشرعية، وتجاوزه لصلاحياته وتدخله المباشر، بإصدار شهادة سجل تُجاري للمدير العام السابق للمصرف الليبي الخارجي محمد بن يوسف، ما تسبب في إهدار أكثر من مليار دولار من أموال المصرف.
وبين الكبير، أن بن يوسف صدرت بحقه ثلاثة أوامر قبض بعد أن باشرت النيابة العامة تحقيقاتها معه بشأن المخالفات المرتكبة من قبله منذ هانيبال/أغسطس 2016م.
وأضاف الكبير، أن تعمُد مكتب السجل التجاري التابع لوزير الاقتصاد تأخير إصدار شهادة سجل تجاري للجنة الإدارة المؤقتة المكلفة بموجب قرار المحافظ، سيعيق عمل المصرف الليبي الخارجي وسينعكس سلبًا على القطاع المصرفي في تعاملاته الخارجية، وعلاقاته مع شبكة المراسلين، ما اضطر الإدارة المكلفة لمضاعفة الجهود المبذولة للحد من تداعيات تلك الممارسات غير القانونية.
وحمل الكبير السراج، المسؤولية القانونية والتاريخية عن الأضرار التي ستلحق بالمصرف الليبي الخارجي ومساهماته في حال صدور قرار من مجلس الوزراء غير الشرعي وفقًا للبيان الصادر عن المجلس الرئاسي، كما حذر من صدور هكذا قرار على التحقيقات الجنائية الدولية بشأن الأعمال التي تعرض لها المصرف الليبي الخارجي من قبل الإدارة السابقة التي حققت أضرارًا جسيمة بالمال العام.
ونوه المركزي على الدور السلبي الذي يقوم به وزير المالية والاقتصاد لضرب استقلالية المصرف الليبي الخارجي بالمخالفة للقانون وبالمخالفة لفتوى إدارة القانون في الوقت الذي أصدر فيه سجلاً تجاريًا للمدير السابق المقبوض عليه بأمر من مكتب النائب العام.
استنكار ورفض الكبير لم يجد صداه، اذ لحقه رد آخر من الإسلاميون الذين يسيطرون على مراكز القوى المالية والرقابية في طرابلس عبر رئيس ديوان المحاسبة، الذي يقوده الإخواني خالد شكشك، حيث أصدر قرارا بإحالة السراج و 9 أخرين إلى النائب العام في طرابلس بتهمة فساد وإهدار الأموال بـ “صندوق التأمين الصحي العام”.
وكشف تقرير ديوان المحاسبة، الذي طالعته “أوج”، أن الوقائع تتمثل في إنشاء الصندوق ومستخرج السجل التجاري له وملفه الضريبي وقيده لدى هيئة الإشراف على التأمي، وقيام السراج بإنشاء صندوق التامين الصحي العام بموجب قراره رقم 2017/854، بالمخالفة للمادة الثامنة والتاسعة من اتفاق الصخيرات.
وبيّن تسمية مجلس إدارة للصندوق برئاسة طلال محمد عجاج، بموجب قرار السراج رقم 2017/896، بما يخالف المادة 3 من قرار الإنشاء، في إطار اختصاص مجلس الوزراء بتسمية مجلس إدارة الصندوق، وليس المجلس الرئاسي.
وتطرق التقرير، إلى وجود تعارض في تبعية الصندوق، بين قرار المجلس الرئاسي بتسمية رئيس وأعضاء مجلس الإدارة والمدير العام، وبين النظام الأساسي الذي حدد اختصاص التسمية في مجلس الوزراء والقانون التجاري الذي أسند هذا الدور إلى الجمعية العمومية بموجب قرار رئيس المجلس الرئاسي رقم 2019/530، بتاريخ 21 الطير/أبريل 2019م.
وتضمن التقرير، تواطؤ طلال محمد عجاج بصفته رئيس مجلس ادارة ومدير عام الصندوق، مع المسؤولين بالسجل التجاري باستصدار وثائق مضللة تشير لوجود شكلين قانونيين لكيان واحد، وهو صندوق التأمين الصحي العام حيث تم استخراج سجلين تجارين الأول، من السجل التجاري أبوسليم والآخر من السجل التجاري طرابلس.
وكشف أن مقر الصندوق الرئيسي حسب السجل التجاري هو مدينة طرابلس/أبوسليم، بينما المقر الرئيسي هو طرابلس حي الأندلس، والذي ملك بموجب محضر الاستلام والتسليم ما بين لجنة التصرف في أصول وموجودات جهاز التحدي المنحل ورئيس مجلس إدارة الصندوق المؤرخ في 18 الفاتح/سبتمبر 2019م، بالمخالفة للمادة 7 من لائحة السجل التجاري وكذلك للمادة 8.
ووفقًا للتقرير أيضًا، فإن خانة أغراض الشركة تضمنت بمستخرج السجل التجاري طرابلس، تقديم خدمات التامين الصحي وفقا للنظام الأساسي المعتمد بموجب قرار المجلس الرئاسي رقم 854، لسنة 2017م، والذي يمثل قرار الإنشاء وليس اعتماد النظام الأساسي بالمخالفة لنص المادة 365 من قانون العقوبات بشأن الإدلاء ببيانات كاذبة ومغلوطة لموظف حكومي.
وبموجب التقرير فإن أعمال التدقيق والمراجعة التي يقوم بها الصندوق في مراجعة مستندية فقط، وأن المنظومة التي يعمل وفقها ماهي إلا منظومة بدائية كمنظومات الأرشفة، ولم يتم التطرق إلى آلية التدقيق الفني الطبي، وبالتالي فإن الموافقة على المطالبات المالية قابلة للتغيير ودفع كافة القيم وأن عمليات التخفيض التي يدعي الصندوق تخفيضها والمحافظة عليها من الهدر غير حقيقية لعدم القيام بالتدقيق فنيًا، وفي حال استيفاء المستندات يحق لمقدم الخدمة الطبية المطالبة بالقيم المستحقة لكون أسباب عدم الاستحقاق غير مستندة على معايير حقيقية وواقعية.
وجاء رد السراج على هذا القرار، بتوجيه ضربته، لحلف “شكشك والكبير”، حيث أصدر قرارا بإقالة مصطفى المانع، من منصبه في المؤسسة الليبية للإستثمار.
والمانع هو أحد أهم القيادات النافذة بتنظيم الإخوان، ويشغل أيضا منصب المستشار القانوني لمحافظ المصرف المركزي الصديق الكبير.
واعتبر الخبير الاقتصادي رمزي الجدي، الخميس، أن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق غير الشرعية فايز السراج، يرى أن المؤسسات المالية أصبحت خارج سلطته بعد سيطرة قيادات تنظيم الإخوان على إدارتها خاصة المؤسسة الليبية للاستثمار.
وأكد الجدي، في تصريح لـ”العربية نت”، طالعته “أوج”، أن المؤسسة الليبية للاستثمار، بات ينخرها الفساد وتدار من قبل مجموعة مغلقة من الليبيين المقيمين في تركيا.
ورأى، أن إقالة مصطفى المانع من منصبه في المؤسسة الليبية للاستثمار، هى محاولة من السراج لتحجيم نفوذ المانع الكبير واستعادة السيطرة على هذا الصندوق السيادي.
وكان مصدر مسؤول بالمؤسسة الليبية للاستثمار، أكد الأربعاء الماضي، إقالة مصطفى المانع، من مجلس إدارة المؤسسة الليبية للاستثمار، وتعيين علي الباني بدلا منها، وذلك خلال الاجتماع الذي تم عقده صباح هذا اليوم بحضور مجلس الأمناء على رأسهم السراج.
ويرى مراقبون، أن التنافس بين السراج والإخوان للسيطرة على الموارد المالية للدولة، خصوصا مع عودة إيرادات النفط إلى التدفقّ، سيزيد من تعميق الأزمة المالية والنقدية أكثر فأكثر ويقضي على أي فرصة لمعالجات ملحة لتحسين الأوضاع المتردية على مستوى الإقتصاد الكلي للدولة الليبية وعلى المستوى الجزئي للمواطنين، وهو ما يتطلب تنسيقا وتعاونا وبرنامجا إقتصاديا يدفع نحو الإستقرار وحل الازمات بدل إشعالها وزيادة حدتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى