عندما هبت حمّى الفوضى العربية عام 2011 على العديد من البلدان العربية المستقرة والراسخة، وفي مقدمتها ليبيا وسوريا ومصر وتونس، كان الرهان في المقام الأول، من جانب الغرب والناتو وقوى الاستعمار، على اجتذاب اصوات دبلوماسية عربية، تكون مؤيدة للفوضى ومحبة بطبعها للخيانة، للحديث عن نجاح المؤامرات ضد الدول العربية واحدة بعد الأخرى، ونجاح خطة ما سمي بالربيع.
وهذا ما حدث في “ليبيا”، عندما كشف عبد الرحمن شلقم، مندوب ليبيا السابق الدائم بالأمم المتحدة، عن وجهه السافر وخيانته بإعلان الانشقاق عن النظام الجماهيري فبراير 2011، وبدء مهاجمة النظام الوطني الليبي، رغم أن “شلقم”، كان واحدا من مئات الدبلوماسيين الذين تخرجوا وكبروا وذاعت شهرتهم الدولية، بفضل القائد الشهيد معمر القذافي، وقيامه ببناء ليبيا الحديثة وهزيمة الاستعمار.
قبِل “شلقم” على الفور التعاون مع الغرب والناتو، وإعلان الخيانة، في حين بقى دبلوماسيون وطنيون آخرون، في مقدمتهم عميد الدبلوماسية السورية، الذي وافته المنية قبل ساعات، وليد المعلم، ثابتا عل مواقفه الوطنية الداعمة للعروبة والاستقلال، مدافعا بأشد قوته على الدولة السورية ضد قوى الناتو والاستعمار.
وفي شتى المحافل كشف وليد المعلم، مؤامرات قطر والأمريكان والكيان الصهيوني على الشعب السوري والرغبة في تدمير مقدرات دولته وإسقاط زعامته وإبعاده عن خط المقاومة العربية.
وليد المعلم، عميد الدبلوماسية السورية، الذي رحل عن عمر يناهز الـ 79 فجر اليوم الاثنين، وفقا لما أعلنته الحكومة السورية في الساعات الأولى من الصباح.
وخلال مسيرته المهنية الطويلة، امتلك “المعلم”، خبرات واسعة في العمل الدبلوماسي، أبرزها عمله 14 عاما في منصب وزير الخارجية.
التحق وليد المعلم، بوزارة الخارجية السورية، لأول مرة عام 1964 بعد عام من حصوله على بكالوريوس الاقتصاد من جامعة القاهرة، وتنقل في مناصب عدة أبرزها سفير دمشق لدى واشنطن بين عامي 1990 و1999، ثم وزيرا للخارجية منذ 2006، وعُين نائبا لرئيس مجلس الوزراء وزيرا للخارجية والمغتربين منذ عام 2012.
شارك المعلم، وهو متزوج ولديه 3 أبناء، في مفاوضات أمام الكيان الصهيوني، في التسعينيات بشأن اتفاق سلام لكنها باءت بالفشل، بعدما تكشفت رغبة الكيان الصهيوني في الزعم بعقد اتفاقيات سلام، دون أن يكون مقتنعا بها ولا يعمل في اتجاهها.
ووصفت الحكومة السورية، بالدبلوماسي ذو “المواقف الوطنية المشرفة”. كما كان مناصرا للدولة السورية ولنظام الرئيس بشار الأسد، وشهد كل تفاصيل المؤامرة الاستعمارية القذرة على الدولة السورية وتصدى لها في كل المحافل في الأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية وغيرهما حتى استعادت دمشق كل أراضيها وانكشفت المؤامرة الصهيونية والتركية والقطرية تجاه الوطن السوري.
ودأب وليد المعلم، على توجيه الاتهامات اللاذعة لواشنطن والغرب بالعمل على تأجيج الاضطرابات في دمشق، ودعم “الإرهابيين”، في صراع أودى بحياة مئات الآلاف ودفع ملايين السوريين إلى النزوح داخليا أو اللجوء إلى دول أخرى، بسبب مؤامرة تم دعمها بقوة لاسقاط سوريا عبر مليارات الدولارات، وتصدرها أردوغان وتميم بن حمد وعمل فيها الإرهابيين والدواعش والنصرة بهمة بالغة.
وفي 31 أغسطس 2011، وبسبب مواقفه الوطنية، طالته عقوبات أمريكية، وطالته عقوبات أوروبية في العام اللاحق احتجاجاً على مزاعم قمع دمشق الاحتجاجات بالقوة.
وكانت آخر تصريحات الدبلوماسي العتيد، وليد المعلم، رحمه الله، مهاجمته قانون قيصر، الذي فرضه ترامب،قائلا إنه يهدف لخنق السوريين، وتعهد المعلم، بحصول سوريا في اطار الرد على الاستعمار ولعبة توازن القوى على دعم من روسيا.
وكان آخر ظهور علني له، في افتتاح مؤتمر عودة اللاجئين، الأسبوع الماضي وبدا في حالة صحية سيئة، حيث كان يعاني تدهورا في حالته الصحية منذ سنوات بسبب مشكلات في القلب.
وعزت العديد من الدول سوريا في مصابها الجلل، بوفاة ولد المعلم، وقال المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط ودول أفريقيا: لقد فقدت روسيا صديقا مقربا جدا لها في العالم العربي، لقد كان شريكا موثوقا به وشخصا واسع الاطلاع ودبلوماسيا وسياسيا متمرسا.
كما بعث وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف برسالة إلى رئيس الوزراء السوري معزيا بوفاة المعلم.
وأعربت فنزويلا وكوبا، في برقيتين عن خالص تعازيهما بوفاة وليد المعلم.
قدم وليد المعلم للمكتبة العربية، 4 مؤلفات هي “فلسطين والسلام المسلح 1970″، و”سوريا في مرحلة الانتداب من عام 1917 وحتى عام 1948″، وكتابه “سوريا من الاستقلال إلى الوحدة من عام 1948 وحتى عام 1958″، وكتابه “العالم والشرق الأوسط في المنظور الأميركي”.