اتفاقية باشاغا مع قطر.. تقويض لاتفاق جنيف وتهديد للأمن القومي الليبي مستقبلا
بفرض توافر حسن النوايا ومع العديد من مسارات الحل السياسي في ليبيا، فقد كان من الأولى ألا توقع حكومة السراج غير الشرعية، أي اتفاقيات جديدة مع قطر أو تركيا او غيرهما، لانه من المفترض أنه ستأتي حكومة جديدة، فور انتهاء اجتماعات تونس لاختيار المجلس الرئاسي والحكومة الجديدة، وهذا يعني اسابيع قليلة وترحل هذه الوجوه، فلماذا تكبل ليبيا بكل هذه الاتفاقيات؟ إن كان في النية الرحيل فعلا وتسليم السلطة وفق ما وعد السراج.
هذه هى الأسئلة المباشرة التي انهمرت بمجرد الإطلاع على الاتفاقية الجديدة، التي وقعها فتحي باشاغا وزير داخلية السراج المفوض مع دولة قطر، وفيها وفق ما نشر “بنود كثيرة مشبوهة” كما أن توقيتها يبعث على الريبة.
وكان قد وقع فتحي باشاغا، وزير داخلية السراج في الحكومة غير الشرعية، في العاصمة القطرية الدوحة، “اتفاقية أمنية” للتعاون المشترك وتسري لمدة 6 سنوات، ما لم يطالب أحد الأطراف بالرغبة في الإلغاء قبل 6 شهور من انقضاء المدة.
أي انها لازمة لما يزيد عن 5 سنوات ونصف!
ووفق ما عرض من نصوص الاتفاقية، التي وقعها “باشاغا” بحضور وزير خارجية السراج محمد الطاهر سيالة، عقب لقاء أمير قطر تميم بن حمد، فإنها تتيح للسلطات القطرية، الاطلاع على “الهويات الشخصية” لليبيين بدعوى إنشاء “قاعدة بيانات وطنية”، كما نصت الاتفاقية بين قطر وحكومة السراج غير الشرعية، على تبادل المعلومات حول الأشخاص والتنظيمات الإرهابية بغرض “مكافحة الإرهاب”، وفق المزاعم، وقطر داعم رئيسي للإرهاب وكافة التنظيمات والميليشيات المسلحة الارهابية في ليبيا وبالخصوص التابعة لتنظيم القاعدة الإرهابي ظهرت للنور بدعم قطري.
كما أنه سيتم تشكيل لجنة أمنية مشتركة لمتابعة ما سمته الاتفاقية “المسائل الأمنية”، وحظرت في ذلك لجوء طرفي الاتفاق إلى أي محكم دولي ثالث في حالة النزاع بينهما، وأن تتم التسوية عبر الطرق الدبلوماسية، وهذا معناه أنه لا يحق لأي حكومة قادمة عرضها للتحكيم الدولي!
ووفقاً لـ”الاتفاقية” ستتعاون حكومة السراج غير الشرعية، مع قطر في مجال “التجارة غير المشروعة” و”غسل الأموال”، وتبادل المعلومات في مجال مكافحة المخالفات ذات الطابع الاقتصادي والمالي. أما وفقًا للمادة الثانية من المذكرة، والتي نشرتها “أوج” يتعاون الطرفان في مجال الخبرات والتدريب، وتعزيز بناء القدرات، وفقا للموارد المتاحة لكل طرف في مجالات توثيق الهويات الشخصية، بهدف إنشاء قاعدة بيانات وطنية، وإعداد القيادات الإدارية، والجرائم الإلكترونية والاقتصادية والسبرانية، وتطوير المختبرات والأدلة الجنائية، ونظام الدخول والخروج عن طريق نظام “person-name-record”، والنظام المروري، وأمن السواحل.
أما المادة السادسة، في الاتفاقية فتنص على، أن جميع الالتزامات المالية الناتجة عن تنفيذ أحكام هذه المذكرة؛ يُتفق بشأنها كتابيا، مع مراعاة خصوصية كل حالة على حدة، فيما نصت المادة السابعة على أن أي خلاف قد ينشأ عن تفسير أو تطبيق أحكام هذه المذكرة يتم تسويته وديا عن طريق التشاور أو التفاوض بين الطرفين دونما الحاجة للرجوع إلى طرف ثالث أو إلى التحكيم الدولي، ويتم ذلك بالتنسيق عبر القنوات الدبلوماسية.
وتدخل المذكرة، بحسب المادة الثامنة منها، حيز النفاذ من تاريخ التوقيع عليها، وتسري أحكامها لمدة 3 سنوات، وتجدد تلقائيا لمدد مماثلة، مالم يخطر أحد الطرفين الطرف الآخر كتابيا، عن طريق القنوات الدبلوماسية برغبته في إنهائها قبل 6 أشهر من تاريخ الانتهاء، وفي حال إنهاء هذه المذكرة أو وقف العمل بها تبقى أحكامها سارية المفعول حيال البرامج التدريبية المتفق عليها حتى انتهاء مددها المقررة.
واعتبرت قيادات في قوات “الكرامة” توقيع قطر على اتفاق أمني مع حكومة السراج غير الشرعية، خرقا لاتفاق جنيف، ومحاولة خبيثة لتقويض ما تم الاتفاق عليه في جنيف من وقف لإطلاق النار ووقف التصعيد، وإنهاء التدخل الأجنبي في الشأن الليبي.
وأعلنت وكالة الأنباء القطرية، أن رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الشيخ خالد بن خليفة بن عبد العزيز آل ثاني وقع مع وزير داخلية السراج، فتحي باشاغا، مذكرة تفاهم في مجال التعاون الأمني بين وزارتي الداخلية في البلدين تهدف إلى تعزيز التعاون في المجال الأمني بما يخدم مصلحة الطرفين!!
وقال مراقبون، إن الاتفاقية الأمنية، تقويض لاتفاق جنيف، وتأكيد للوجود القطري في ليبيا، حتى مع مجىء الحكومة الجديدة، علاوة على أنها اتفاقية خطيرة تحيط ببيانات كل أفراد الشعب الليبي في الشرق والغرب، بعد تسليم السلطة المرتقب للحكومة الجديدة، فهى اتفاقية تنغمس من خلالها قطر في كافة تفاصيل الشأن الليبي وأمن ليبيا القومي.