حلم القائد الشهيد الذي أفشلته صراعات المنطقة.. مستشار أمني تونسي يدعو إلى إعادة تفعيل “اتحاد المغرب العربي”
أوج – تونس
رأى المستشار السابق للأمن القومي للرئيس التونسي ومؤسس معهد الاستشراف والدراسات الاستراتيجية والأمنية المتقدمة، كامل عكروت، اليوم الثلاثاء، أن الجزائر منذ أواخر العام الماضي، وهى تظهر دينامية جديدة في مواجهة الأزمة الليبية في ضوء تعاظم الدور التركي وما يشكله من خطر على الأمن القومي الجزائري.
ودعا عكروت، في حوار للمجلة الدورية للمركز الجزائري للدبلوماسية الاقتصادية، نشرته صحيفة “المساء” الجزائرية، وطالعته “أوج”، إلى إقامة “اتحاد اقتصادي” يشمل ليبيا والجزائر وتونس، يهدف إلى تشجيع إعادة تفعيل “اتحاد المغرب العربي”، الذي سعى إليه ونجح في إنشائه القائد الشهيد معمر القذافي، قبل أكثر من ثلاثون عامًا.
وقال عكروت، إنه منذ انتخاب الرئيس الجزائري تبون في الكانون/ديسمبر 2019م، ظهرت دينامية جزائرية جديدة في مواجهة المشكلة الليبية، مشيرًا إلى حفاظ الجزائر على علاقات جيدة مع جميع الليبيين، وهو ما يؤهلها لمسألة وساطتها بين طرفي الصراع فعالة للغاية، حسب قوله.
وأضاف المستشار الأمني الذي تقلد سابقًا منصب المدير العام للأمن العسكري، أن الجزائر تدرك، الوجود التركي على حدودها والخطر الذي تشكله القاعدة التركية في الوطية، التي تقع على بعد بضعة كيلومترات من حدودها، على أمنها وسيادتها، معتبرًا التحذير الذي وصفه بـ “الصارم” للرئيس تبون، عندما أشار إلى أن الجزائر لن تسمح لليبيا بالتوجه إلى المجهول”، هو تحذير هام جدًا ويعكس إدراك تبون لخطورة الأمر.
وتحدث عكروت، عن جملة من القضايا ذات العلاقة بالمغرب العربي، على رأسها المسائل الأمنية، مشيرًا إلى حالة البيئة الجيوسياسية “غير المستقرة للغاية والوضع الأمني الهش” الذي تعيشه المنطقة حاليًا.
وأكد في السياق، أن المنطقة في مواجهة تهديدات متعددة، منها ثلاث رئيسية هي؛ الأزمة الليبية، الإرهاب، والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الداخلية، إضافة إلى قضية الاتجار عبر الحدود، وما تشمله من الاتجار بالأسلحة والمخدرات، والهجرة السرية لاسيما من جنوب الصحراء الكبرى وقضية الصحراء الغربية، فضلا عن المشاكل الاجتماعية الاقتصادية والمناخية في دول الساحل والتدخل الأجنبي.
وذكر المستشار الأمني، أنه باستثناء الجزائر وتونس اللتين اختارتا التعاون الثنائي على حدودهما المشتركة، وهو ما جعل “الإرهاب في المقام الأول بدرجة أقل”، لوجود تنسيق على جميع مستويات قيادة البلدين، إلا أن البلدان الأخرى في المنطقة لا تزال مفككة وتم اختيار المواجهة بشكل فردي، وفقا لتحليله.
وتأسف عكروت في هذا السياق، لكون مبادرة (5 + 5) هي التي تجمع بلدان المغرب العربي حول نفس الطاولة، بعد تجميد الاتحاد المغاربي، مشددًا على القول إن أمن أي دولة مغاربية لا ينفصل عن أمن جيرانها، لأن كل بلد يمثل العمق الاستراتيجي للآخر.
واعتبر المستشار الأمني، أن وضع سياسة أمن واستقرار شاملة على المستوى المغاربي، أمر أساسي ويسمح بالنجاح من حيث الكفاءة وتوفير الوسائل، وكذا يجعل لهذه البلدان ثقلا ومصداقية تجاه أوروبا، مستدلا في هذا الخصوص بكيفية تسيير أزمة الهجرة السرية نحو أوروبا والتي تتم بصفة انفرادية بدل أن تكون جماعية، رغم أنها تمس كل بلدان المغرب العربي.
تجدر الإشارة إلى أنه تم التوقيع على اتفاقية تأسيس اتحاد المغرب العربي في مدينة مراكش المغربية في 17 النوار/فبراير 1989م، من قبل الشهيد القائد معمر القذافي، الذي كان يسعى طوال فترة حكمه، إلى توحيد جسم عربي يكون قادرًا على مواجهة التحديات الكثيرة التي تعانيها المنطقة، والرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد، والرئيس الموريتاني معاوية ولد سيد أحمد الطايع، والملك الحسن الثاني ملك المغرب، والرئيس التونسي زين العابدين بن علي.
وقد تم الاحتفال خلال السنوات الخمس الأولى التي تلت تأسيسه اتحاد المغرب العربي، في جميع البلدان الخمسة بيوم تأسيسه، وكل شهرين تقريبا كان هناك بعض الاجتماعات الوزارية لاتحاد المغرب العربي أو اجتماعات الخبراء التي تركز على زيادة دمج كل جانب من جوانب الحياة بين الدول الأعضاء، إلا أنه نتيجة للخلافات السياسية والنزاعات الإقليمية والاضطرابات السياسية التي تعاني منها المنطقة، قد فشل الاتحاد.