أوج – إسطنبول
قال مستشار الرئيس التركي ياسين أقطاي، إن زيارة وفد بلاده إلى العاصمة طرابلس، ضم وزيري الخارجية والمالية ورئيس الاستخبارات، تعد الأولى على هذا المستوى الرفيع منذ التغيير الكبير في توازن القوى في ليبيا، عقب الدعم التركي للحكومة غير الشرعية.
وأضاف أقطاي، في مقال له موقع الجزية القطري، طالعته “أوج”، أن الوفد التركي ناقش موضوعين؛ الأول اتخاذ تدابير أمنية أكثر جدية، لضمان مستقبل آمِن لليبيا، والثاني الخطوات التي سيتم اتخاذها لإعادة إعمار ليبيا وإنشاء مؤسساتها الحيوية ودعمها من جديد.
وتفاخر بتدخل بلاده في ليبيا، قائلا: “تركيا القوية في كلِّ مكانٍ تدخله، لا تدخل كغيرها بقوة تدميرية، بل تدخل بقوتها الترميمية والتصالحية والبنّاءة، مضيفا: “اليوم -على الأقل- في المناطق المحررة من الانقلابيين، أصبحت إعادة إعمار ليبيا على جدول الأعمال، وقد شمّرت تركيا عن سواعدها لتبذل أقصى جهودها لإعادة بناء هذه الأماكن إنجازا لوعدها الذي قطعته لحكومة الوفاق الوطنية المعترف من قبل الأمم المتحدة”.
وواصل: “رأينا التدخل التركي في ليبيا -بطلب من الحكومة الشرعية- كيف كان تدخُّلا سريعا ونوعيّا وغيّر توازنات القوى في وقت قصير للغاية، وأقام الاستقرار في جزء من ليبيا، ما جعل هذه المناطق الآن أكثر ملاءمة للعيش بالنسبة للشعب الليبي، ولكن شاهدنا جميعا دكتاتور مصر المنقلب على إرادة الشعب المصري (السيسي) يعلن انزعاجه”.
وأكمل هجومه على مصر قائلا: “في حين كان الخطر الحقيقي الذي يستهدف مصر هو الجفاف الشديد والجوع والتهديد الأمني الذي قد ينشأ عن قضية سدّ النهضة الذي بنته إثيوبيا على النيل بمباركة السيسي نفسه، رأيناه يطلق تصريحات تستهدف تركيا التي تنشر الاستقرار والسلم الاجتماعي في ليبيا، ولم تتأخر الإمارات والسعودية في تأييد هذه التصريحات أو التهديدات”.
واستخف بالموقف العربي قائلا: “بالطبع، هذه التصريحات ليست من النوع الذي يجب أخذه على محمل الجد بالنسبة لتركيا، لأن هذه القوى -التي هي السبب الرئيسي في عدم الاستقرار بليبيا- ليس لديها ما تقوله، غير أن موقفها في هذا الصدد دليل جدّي على ذلك”.
وتابع: “إنّ مثل هذا التحالف لن يُوقِفَ تركيا، بل على العكس هي ماضية في إحلال السلم والأمن والمساعدة، بناء على طلب من الحكومة المعترف بها دوليا”، متسائلا: “ما المنطق الذي يعتمد عليه السيسي عند إعلان سرت والجفرة خطا أحمر، وكيف يكون دخول قوات الحكومة الشرعية الليبية إلى مدنها تهديدا لأمنه؟!”.
وحول قول السيسي بأن الليبيين يطالبوه بالتدخل، ذكر: “يقصد مجموعة من الشعب الليبي، طلب منه التدخل ثم يدعوهم إلى التحرّك وأن يعطوه التفويض بالتدخل في ليبيا، وهكذا بالسيناريو نفسه انقلب على إرادة الشعب المصريّ، وهو منهج قطّاع الطرق والانقلابيين والغُزاة في صناعة شرعية مزيفة لهم، وهو في الوقت نفسه المنطق المارق الذي يحكم -مع الأسف- على العالَم الإسلامي كله بعدم الاستقرار والفقر”.
واختتم بقوله: “لا توجد شرعية حقيقية لدعوة السيسي -ومن يقف وراءه- للتدخل في ليبيا، وأمّا آماله وأمنياته في لعبة دعوة العشائر إلى التسليح والتدريب والقتال، فإنّها لن تزيد في تضخم ملفّ جرائمه الدولية إلا قليلا”.
وكان السيسي، أكد خلال تفقده عناصر المنطقة الغربية العسكرية، في سيدي براني بمرسى مطروح، في وقت سابق، استعداد مصر الكامل لتقديم الدعم للشعب الليبي، قائلا: “نحن في مصر نكن لكم احتراما وتقديرا كبيرا ولم نتدخل في شئونكم ودائما مستعدين لتقديم الدعم، من أجل استقرار ليبيا وليس لنا مصلحة ليس إلا أمنكم واستقراركم”.
وصعد السيسي نبرته التهديدية تجاه التغول التركي في ليبيا، قائلا: “تجاوز سرت والجفرة خط أحمر، ولن يدافع عن ليبيا إلا أهل ليبيا ومستعدين نساعد ونساند هذا، مضيفا: “ليبيا دولة عظيمة وشعبها مناضل ومكافح، بنقول الخط اللي وصلت إليه القوات الحالية، سواء من جانب المنطقة الشرقية أو الغربية كلهم أبناء ليبيا ونتكلم مع الشعب الليبي وليس طرفا ضد آخر”.
ووجه الرئيس المصري رسالة لليبيين، قائلا: “انتبهوا أن وجود المليشيات في أي دولة يهدد استقرارها لسنوات طويلة، وتجاوز سرت والجفرة خط أحمر، ونحن لسنا معتدين أوغزاه، واحترمنا الشعب الليبي ولم نتدخل في ليبيا، ليذكر لنا التاريخ أننا لم نتدخل في ليبيا وهي في موقف ضعف، لكن الوضع الآن مختلف، فهناك تهديد للأمن القومي المصري والعربي، لو قولنا للقوات تتقدم ستتقدم، وشيوخ القبائل والقبائل الليبية على رأسها، وتخرج بسلام عند انتهاء مهمتها”.
وأوضح أن مصر ستدخل حال طلب الشعب الليبي من مصر التدخل، قائلا: “مصر وليبيا بلد واحد وأمن واستقرار واحد، ويخطئ من يظن أن التعامل مع الأمور بحلم، وأن الصبر تردد، إحنا صبرنا لاستجلاء الموقف وإيضاح الحقائق، ويخطئ من يظن أن عدم تدخلنا في شئون الدول الأخرى انعزال أو انكفاء”.