أوج – القاهرة
تناولت صحيفة المونيتور الأمريكية تصاعد حدة التدخل التركي في ليبيا، على خلاف توقعات التراجع، لاسيما مع تفشي وباء كورونا بشكل مخيف عالميا، وانشغال كل دولة بأحوالها الداخلية، إلا أن هذه الأمور لا تنسحب على أنقرة التي تتوسع يوميا في أدوارها التدميرية بليبيا.
وأوضحت الصحيفة، في تقرير لها، طالعته وترجمته “أوج”، أن قوات حكومة الوفاق غير الشرعية المدعومة من تركيا شنت هجوما جديدا على قوات الشعب المسلح، فيما أطلقت عليه عملية “عاصفة السلام”، على غرار عمليات ربيع السلام في تركيا وفرع الزيتون لإلغاء الحكم الذاتي الكردي في شمال سوريا، مؤكدة أن الاسم في حد ذاته يتحدث عن نفوذ تركيا في ليبيا.
وأشارت الصحيفة إلى شن قوات الوفاق هجوم بدعم تركي على قاعدة الوطية الجوية جنوب غرب طرابلس، بهدف الاستيلاء عليها، خصوصا أنها تعد ثاني أكثر قاعدة استراتيجية في المنطقة بعد مطار معيتيقة، موضحة أن المشاركة النشطة للطائرات بدون طيار التركية أدت إلى قلب التوازن، حيث شنت قوات الوفاق على طول طريق طرابلس-مصراتة اعتداءات متزامنة على “قوات حفتر” في ورشفانة ومعسكر النقلية بالقرب من طرابلس وأبو قرين والوشكة غرب سرت.
وتابعت الصحيفة أنه في هجوم مضاد يوم 26 الربيع/ مارس الماضي، استعادت قوات الشعب المسلح السيطرة على قاعدة الواطية، بجانب السير نحو زوارة والمستوطنات المحيطة في الشمال ثم إلى الحدود التونسية، والاستيلاء على عدد من البلدات في المنطقة وكذلك معبر رأس أجدير الحدودي، ليتم قطع الطريق إلى تونس على قوات الوفاق التي تلقت ضربة قوية.
وأضافت أنه على طول الساحل، حاصرت قوات الشعب المسلح زوارة من الجنوب والغرب؛ وإذا تمكنت من الاستيلاء على زوارة، غرب طرابلس، سيتم زيادة الضغط على العاصمة المحاصرة من الساحل، وإذا سقطت زوارة، فقد لا تتمكن مدينة الزاوية القريبة من الصمود لفترة طويلة أيضًا، مشيرة إلى استيلاء قوات الشعب على وادي زمزم جنوب شرق طرابلس.
وتطرقت الصحيفة إلى إسقاط طائرة بدون طيار تركية من طراز “بايراكتر تي بي 2” أقلعت من مطار معيتيقة قرب طرابلس في 30 الربيع/ مارس الماضي، مشيرة أيضا إلى الصواريخ التي أطلقت من سفينة حربية تركية قبالة طرابلس استهدفت مواقع “الجيش” في العجيلات يوم 1 الطير/ أبريل الجاري، دون التسبب في خسائر بشرية.
كما تطرقت “المونيتور” أيضا، إلى اعتراض فرقاطة تابعة للبحرية الفرنسية سفينة شحن تركية في البحر المتوسط للاشتباه في أنها كانت تنقل أسلحة، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي، إلى حكومة الوفاق، حيث وقع الحادث قبل أن يطلق الاتحاد الأوروبي في 1 الطير/ أبريل الجاري، بعثة بحرية جديدة أطلق عليها اسم “إيريني” لفرض حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا.
ولفتت إلى انعكاس آخر سلبي لتدخل أنقرة في ليبيا؛ هو ارتفاع عدد القتلى بين المرتزقة الذين نقلتهم تركيا من سوريا، فبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، بلغ عدد المقاتلين السوريين الذين قتلوا في ليبيا 156، بينما يؤكد “الجيش” أن نحو 500 أجنبي قضوا أثناء القتال في صفوف حكومة الوفاق.
وأشارت إلى اعتماد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بشكل كبير على المرتزقة السوريين، الذين جاءوا من مجموعات مختلفة متحالفة مع تركيا في سوريا؛ فبحسب المرصد، فإن عدد المقاتلين السوريين الذين تم نقلهم إلى ليبيا بلغ 4,750 مقاتلا، منهم حوالي 1,900 في تركيا للتدريب، لكن يبدو أن المقاتلين السوريين نادمون على دخول الحرب الليبية، حيث أكد بعضهم أن تركيا لم تدفع لهم الرواتب الشهرية المتفق عليها والبالغة 2000 دولار.
وتابعت أنه بينما لم تسر الحرب في ليبيا كما متوقع لتركيا، إلا أن عبئها المالي مستمر، موضحة أنه من المثير للاهتمام أن الجمهور التركي ليس مستعدًا لمناقشة تكلفة الحرب الليبية أو السورية، لاسيما أن الأصوات الناقدة من المعارضة لم تنضج بعد إلى تجمّع شامل يشكك في سياسات الحكومة.
وتطرقت الصحيفة الأمريكية كذلك إلى حصول أردوغان في 2 آي النار/ يناير الماضي، على موافقة برلمانية للانتشار العسكري في ليبيا، بعد وقت قصير من توقيع اتفاقيات وصفتها بـ”مثيرة للجدل” حول الحدود البحرية والتعاون العسكري مع حكومة الوفاق في أواخر الحرث/ نوفمبر الماضي، موضحة أنه وبينما أصبح تورط تركيا في ليبيا واضحًا بشكل متزايد، فإن الشروط التعاقدية لشحنات معداتها العسكرية لا تزال مجهولة.
وذكرت أن المعدات التركية الصنع مثل المركبات المدرعة كيربي، وطائرات بايراكتارTB2 -، أصبحت عنصرا حاسما في الحرب الليبية، معتقدة أن هذه المعدات لا تقدم كمنح، حيث لا تزال تكلفة الأنشطة العسكرية الأخرى ومصدر الأموال المدفوعة للمقاتلين السوريين غير معروفة أيضًا، خصوصا أن الحكومة كانت مشددة بشأن ميزانيتها، متجاهلة أسئلة برلمانية مكتوبة من قبل المعارضة بشأن هذه القضية.
وبيّنت الصحيفة أنه في الكانون/ ديسمبر الماضي، وضع أردوغان حدًا أقصى قدره 20 مليون ليرة تركية (حوالي 3 ملايين دولار) للمنتجات والخدمات التي سيتم توفيرها للدول الصديقة والحليفة في عام 2020م، بما فيها الأسلحة والذخيرة، مشككة في هذا الحد من حيث الشحنات العسكرية المرسلة إلى ليبيا، والتي شملت حتى نظام الدفاع الجوي “هوك”.
وأشارت الصحيفة إلى تقديم نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض، أونال سيفيكوز، سؤالًا برلمانيًا حول هذه المسألة في الكانون/ ديسمبر الماضي، لكن مكتب الرئيس لم يرد بعد، كما قدم في 3 الطير/ أبريل الجاري، سؤالاً كتابياً آخر، هذه المرة إلى وزير الخارجية، يطالب سيفيكوز بإجابات حول المبلغ الذي أنفقته تركيا على الحرب الليبية ومن المستفيدون من هذا الإنفاق، وكم دفعت حكومة الوفاق مقابل معدات مثل الطائرات بدون طيار والمركبات المدرعة، وكم دفعت تركيا للمقاتلين المنقولين من سوريا، وما هي أموال الميزانية المستخدمة لتغطية مثل هذا الإنفاق، وعدد القوات التركية التي تم نشرها في ليبيا وعدد القتلى.
واختتمت الصحيفة بالتأكيد على رفض الحكومة التركية دعوات الشفافية بشأن الملف الليبي حتى الآن، في مواجهة الأسئلة والانتقادات، حيث اقتصر ردها على الإشارة إلى الشحنات الإماراتية لـ”قوات حفتر”، والقول إن تركيا تفعل ما يلزم لحماية مصالحها الاستراتيجية الخاصة.
وتشهد المنطقة حالة من التوتر المتصاعد، بسبب الأزمة الليبية، لاسيما بعد موافقة البرلمان التركي، على تفويض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بإسال قوات عسكرية تركية إلى العاصمة الليبية طرابلس، لدعم حكومة الوفاق غير الشرعية.
يذكر أن خليفة حفتر، أعلن يوم 4 الطير/أبريل الماضي، إطلاق عملية لـ”تحرير” العاصمة طرابلس من قبضة “الميليشيات والجماعات المسلحة”، بالتزامن مع إعلان المبعوث الأممي في ليبيا، عن عقد الملتقى الوطني الجامع، بين 14- 16 الطير/أبريل الماضي بمدينة غدامس.
وكان الأمين العام للجامعة العربية دعا جميع الأطراف الليبية لضبط النفس وخفض حالة التصعيد الميدانية الناتجة عن التحركات العسكرية الأخيرة في المناطق الغربية من البلاد، والالتزام بالمسار السياسي باعتباره السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة في ليبيا، والعودة إلى الحوار الهادف للتوصل لتسوية وطنية خالصة لإخراج البلاد من الأزمة التي تعيشها.
وتمر ليبيا بأزمة سياسية عسكرية مستمرة، منذ العام 2011م، حيث يتنازع على السلطة حاليًا طرفان، هما؛ حكومة الوفاق غير الشرعية، بقيادة فائز السراج، والطرف الثاني، الحكومة المؤقتة، والتي يدعمها مجلس النواب المنعقد في مدينة طبرق.