أوج – القاهرة
قال الصهيوني الفرنسي من أصل جزائري، وعراب ما يسمى بالربيع العربي برنارد هنري ليفي، إن رئيس تحالف القوى الوطنية ورئيس المكتب التنفيذي المنبثق عن المجلس الوطني الانتقالي السابق محمود جبريل، لقى حتفه بسبب فيروس كورونا، مشيرًا إلى أنه لم يتم الاهتمام بهذه الواقعة ولم تُسلط عليها الأضواء.
وأضاف الصهيوني، الذي كان مقربًا من جبريل وكان محركًا للأحداث 2011م، في مقالة له بعنوان “تكريمًا لمحمود جبريل”، طالعتها وترجمتها “أوج”، أنه رأي جبريل لأول مرة بقصر الإليزيه في فرنسا، مع رئيس وزراء الحكومة المؤقتة الأسبق، على زيدان ومتمرد ليبي آخر، في مقابلة مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي.
وأشار ليفي، إلى أن جبريل كان يتحدث أمام ساركوزي عن الدبابات التي تندفع إلى بنغازي، أنهار الدم التي بدأت بالفعل في التدفق في طريقها، وأنه أخبر ساركوزي أن القائد الشهيد معمر القذافي ونجله اللذان دعما ساركوزي قبل أربع سنوات لن يتراجعا قبل المذبحة، مؤكدًا أن كلمات جبريل في ذلك اليوم 11 الربيع/مارس 2011م، أثرت في قلب الرئيس الفرنسي.
وكشف ليفي في مقالته، أن ساركوزي قال لجبريل: “فرنسا تعتبركم الآن الممثلين الشرعيين للشعب الليبي”، مشيرًا إلى أن جبريل قال لساركوزي إن القانون الدولي، في مثل هذه الحالة، يفرض مسؤولية الحماية وأنه لا شك في أن فرنسا تتنصل منه.
وأشار ليفي، إلى أنه يتذكر، بعد ثمانية أيام، زيارة جبريل الثانية إلى باريس، للاجتماع مع وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، والتي قام ليفي بتنظيمها في فندق ويستن، لافتًا إلى أن جبريل خرج من المقابلة، بوجه أسود، عاقدًا حاجبيه وكأنه عائد من المعركة، يصرخ في ممرات الطابق العلوي أنه بحاجة إلى باب خلفي لأنه كان فشل في إقناع وزير الخارجية ولا يريد أن يلتقي الصحفيين.
وتابع ليفي: “لكن هيلاري كلينتون روت في صفحات مذكراتها أنها كرست نفسها من هذه اللحظة للبحث عن حل لليبيا وأنها اهتزت من داخلها للكلمات في تلك المقابلة، وبينما كنا نبحث عن باب الخروج الخلفي اتصلت بباراك أوباما لإخباره بالتفاصيل فقالت: “كأم، وكأمريكية، وأيضًا كمسؤولة عن دبلوماسية أعظم ديمقراطية في العالم، أقنعني هذا الرجل ويجب علينا أن نفعل كل شيء، وأن الفرنسيون والبريطانيون أعلنوا التحرك لوقف المجزرة في ليبيا”، مؤكدًا أن هناك أمور كثيرة تم إساءة فهمها وتأثيرات كبيرة وتاريخ صنعه بعض الرجال في ليبيا وكانوا لا يعرفون أنهم يصنعون التاريخ.
وفي سياق مقالته، استعرض ليفي محادثة هاتفية مع جبريل في 25 الربيع/مارس 2011م، موضحًا أن جبريل كان يريد أن يشكر فرنسا التي دمرت طائراتها الدبابات الأولى التي دخلت بنغازي بلا حماية، مشيرًا إلى أنه أقترح وأصر على ذلك في الإعلان الذي نكتبه وأنه تحالف بين العرب والأوروبيين والأمريكيين، وكذلك توجيه التحية لطياري الحلفاء، مؤكدًا أن النص النهائي، كان بعنوان: “ليبيا الحرة تعترف بالدور البارز لفرنسا”، قائلاً إنه أخبر جبريل: سأرسله بالفاكس إلى نيكولا ساركوزي، ثم إلى إتيان موجوت، الذي سينشره في صحيفة لوفيجارو في اليوم التالي، وأن هذه هي الوثيقة الرسمية الأولى الصادرة عن المجلس الوطني الانتقالي.
وأضاف ليفي: “أتذكر مكالمة أخرى مع جبريل في 12 هانيبال/أغسطس 2011م، كنت حينها أحتفل بعيد ميلاد صديقي جان نوفيل في قرية في بروفانس، فرن هاتفي، وكان جبريل يطلب مني أن أبلغ الحلفاء أن وقت الانتفاضة النهائية في طرابلس قريب، وأنه لم يبق لأنصار القذافي إلا حوالي عشرين موقعًا هجوميًا يمكنهم من خلاله الانطلاق والتي لا يمكن إلا للطائرات الفرنسية تحييدها”.
وواصل: “كنت أشعر بالقلق في تلك الليلة، ولم يكن من المؤكد أن يسيطر على ليبيا الإسلام الراديكالي أو الشريعة، هذه اليد التي يُعتقد أنها وراء اغتيال قائد الجيش عبد الفتاح يونس، فليست بالضرورة يد القذافي”.
وأردف: “في 25 التمور/أكتوبر، كان آخر اجتماع حقيقي لنا، إنه يوم النصر، كنت أنا وجيل هيرتزوج –ممول فيلم ليفي عن ليبيا-، في قلب المعركة أسفل المنحدر الذي يصل إلى أقسام الطوارئ في مستشفى طرابلس وتصل المروحيات الخمس، الأخيرة من هذه الحرب، التي تجلب ساركوزي وكاميرون وتثير، عند الهبوط، عواصف من الغبار والرمل المتسخ، وكان جبريل مثلنا جميعًا، يُخفض رأسه لكن هذه هي المرة الأخيرة التي أستطيع أن أرى في عينيه أنه لن يخفض رأسه مرة أخرى”.
ولفت إلى أنه وسط التدافع رأى جبريل يبتسم قائلاً: هذا هو اليوم الأول للحرية، رأيت جبريل الرهيب يتحول إلى رفيق مبتهج، يتدافع، ويعدل نظارته التي تسقط تقريبًا، ويمزح ونسي ما كان عليه كما لو أنه لم يعد يرى السحب فوق رأسه.
ونعى ليفي جبريل قائلا: “لا أعرف من الذي في هذه الأوقات، سيكون لديه القلب ليهتم بهذا الموت البعيد، ويشهد على هذا الفراق، ولا يذكر اسمه أي شخص، لكنني أعلم أنه حتى أنفاسه الأخيرة ظل مخلصًا للقسم الذي أقسمه، من طبرق إلى مصراتة والكفرة، أنصار ليبيا حرة وديمقراطية ومسالمة”.
واختتم: “أنا منشغل بفكرة أنه، كما كان العالم من قبل ستبقى ليبيا المسكينة واحدة من مراكزه، لكن عندما تكون رياح الانقسام السيئة وتسوية الحسابات بين الفصائل والفرقة موجودة لا أشك في أنها ستنتهي، لكن في هذا الوقت البالغ من العمر عشر سنوات تقريبًا، لن يكون محمود جبريل موجودًا لتذوق انتصاره مع أصدقائه