أوج – طرابلس
قال رئيس حزب العدالة والبناء الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، محمد صوان، إن ما وصفه بـ”انقلاب خليفة حفتر” بمثابة إعلان واضح للهزيمة، موضحًا أن سقفه تراجع أمام داعميه الإقليميين والدوليين.
وذكر في مداخلة هاتفية له، عبر فضائية “ليبيا بانوراما”، تابعتها “أوج”، أن ما توصل إليه حفتر من خلال محاولة يائسة لأكثر من سنة، وما ضحى به من ليبيون تسبب في وفاتهم ودمارهم، هو حجم مهول من الدمار في الأرواح والنسيج الاجتماعي.
وأكد صوان أن: “البعض لا يدرك أن هذه بوادر هزيمة حفتر بعد تحرير أغلب المناطق، ولم يبق إلا قليل، فهو يفكر في رجوعه إلى الرجمة، ويدرك أن دوره السياسي بعد هذا الفشل سيبقى في التناقض، وإذا كانت هناك تسوية سياسية لن يكن له الدور الأساسي، وعلى الجميع أن يفهم بأن هذه المحاولة الانقلابية، محاولة من حفتر حتى يخلو له وجه المنطقة الشرقية دون منازع حتى من بقايا مجلس النواب”.
وفيما يخص عقيلة صالح، قال: “ينطبق عليه المثل من أعان ظالمًا سلطه الله عليه، فهو المستهدف بهذا الانقلاب لأن سقف حفتر تراجع أمام داعميه الإقليميين والدوليين، وليس سرًا أن هناك ضغوطات دولية على حفتر بأنه لا حل سوى المسار السياسي، وتم الإيعاز لعقيلة صالح بإعادة طرح مبادرة بشكل أو بآخر لاستئناف المسار السياسي”.
وأكمل صوان: “الخلاصة هي إعلان هزيمة، وحفتر بالنسبة لهذا الإعلان فهو انتهى من حيث بدأ عندما جمد الإعلان الدستوري في 2014م، والآن يعلن تجميد الاتفاق السياسي، وهذه الخطوة ليست لها قيمة في المنطقة لتقف على جبهة الحرب مع حفتر، وهذه الخطوة خاصة بالمنطقة التي يقع فيها نفوذ حفتر وكأنه يقول أنه هو الشرعية الوحيدة ويريد التخلص من بقية مجلس النواب”.
ورأى أن ما يحدث بمثابة مسرحية هزلية ولكنها سيئة الإخراج، مُتابعًا: “كما أطلق البعض، فهذا التفويض أسرع من فحص فيروس كورونا، وفي السابق كان هناك مجلس نواب شكلي، يستمد منه الشرعية حسب زعمه، والآن أصبحت توجد شرعية الأمر الواقع، وعسكريًا حفتر يسيطر على بعض المناطق التي تقع تحت نفوذه، والتفويض المقصود به هذه المناطق، بحيث إذا جلس الليبيون على طاولة المفاوضات، لا يخرج من “المولد بلا حمص” ويقول إذا كنتم تريدون تسوية سياسية فها هي هذه المناطق تحت نفوذي”.
وتطرق إلى العملية السياسية في ليبيا، قائلاً: “الأفق السياسي في ليبيا شبه مسدود ونحن غير مطمئنين لمستقبل العملية السياسية، والوضع القائم الآن، هو وجود المجلس الرئاسي، وهذه الأجسام المشلولة تبعث القلق في نفس أي مواطن ليبي، فإلى متى سيستمر هذا الحال؟، وهل هذه الحكومة قادرة على إعادة الحياة للمؤسسات السيادية والقيام بواجبها في توحيد ليبيا؟، فالحقيقة إنها تحتاج إلى الكثير وإصلاحات مهمة”.
واستفاض صوان: “على الرغم من الجهود التي قام بها المجلس الرئاسي، إلا أن هذه الحكومة لا ترتقي لمستوى الأزمة، ولم تطمئن الليبيين لمستقبلهم السياسي، والأجسام التي استمدت شرعيتها من الاتفاق السياسي أصيبت بالترهل، وتحديدًا مجلس النواب، والجميع يرى أن هذه الأجسام لن تستطيع رسم خارطة طريق أو إخراج ليبيا من هذه المرحلة البائسة، وربما يكون هذا المشهد فرصة لإلتقاط الخيط من هذه الأجسام والعودة بالمشهد السياسي وتقديم شيئًا يعيد ثقة الليبيين”.
وسرد: “هذا الوضع لصالح الأجسام الموجودة، ونحن لا نقبل أن يكون المجلس الرئاسي متواجد، ولا توجد أي آلية لتغييره، ويبقى مجلس النواب متواجد ويحصل على الرواتب، ولكن مجلس الدولة منضبط وقادر على القيام بدوره إلا أن الإعلان الدستوري لا يمكنه من القيام بأي شيء منفرد، ويشترك معه مجلس النواب في الكثير من القضايا”.
واختتم صوان: “رغم الإحباط إلا أن المشهد السياسي يضع هذه الأجسام في فرصة أخرى لعلها تتنصل من هيمنة المجلس الرئاسي، ويجب على مجلسي النواب والدولة ألا يقعوا فريسة تحت المجلس الرئاسي، لأنه جسم معني بالأمور التنفيذية، والتئام المجلسين قد ينتج عنه تغيير المجلس الرئاسي، وضياع هذه الفرصة سيدخلنا في تسوية أخرى، وتدعو الأمم المتحدة الأطراف السياسية من جديد وتدعو أطرافًا أخرى”.
وأعلن خليفة حفتر، في بيان مرئي له، مساء الإثنين، أن الاتفاق السياسي دمر البلاد وقادها إلى منزلقات خطيرة، مُتابعًا: “نعبر عن اعتزازنا بتفويض القيادة العامة لقيادة شؤون البلاد واستجابتنا لإرادة الشعب”.
كما أعلن أيضًا تجميد العمل بالاتفاق السياسي الموقع في مدينة الصخيرات المغربية برعاية الأمم المتحدة، وأعلن تنصيب نفسه بديلاً للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق “غير الشرعية” لتسيير أمور البلاد السياسية والاقتصادية والأمنية.
وكان خليفة حفتر، طالب في كلمة مرئية له، الخميس الماضي، الشعب بالخروج وإسقاط الاتفاق السياسي واختيار الجهة التي يرونها مناسبة لقيادة المرحلة، مؤكدًا أن “القوات المسلحة ستكون الضامن بعد الله في حماية اختياراتهم”.
يذكر أن خليفة حفتر، أعلن يوم 4 الطير/أبريل 2019م، إطلاق عملية لـ”تحرير” العاصمة طرابلس من قبضة “الميليشيات والجماعات المسلحة”، بالتزامن مع إعلان المبعوث الأممي في ليبيا، عن عقد الملتقى الوطني الجامع، بين 14- 16 الطير/أبريل 2019م بمدينة غدامس.
وكان الأمين العام للجامعة العربية دعا جميع الأطراف الليبية لضبط النفس وخفض حالة التصعيد الميدانية الناتجة عن التحركات العسكرية الأخيرة في المناطق الغربية من البلاد، والالتزام بالمسار السياسي باعتباره السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة في ليبيا، والعودة إلى الحوار الهادف للتوصل لتسوية وطنية خالصة لإخراج البلاد من الأزمة التي تعيشها.
وتمر ليبيا بأزمة سياسية عسكرية مستمرة، منذ العام 2011م، حيث يتنازع على السلطة حاليًا طرفان، هما؛ حكومة الوفاق غير الشرعية، بقيادة فائز السراج، والطرف الثاني، الحكومة المؤقتة، والتي يدعمها مجلس النواب المنعقد في مدينة طبرق.