أكد وزير المالية في حكومة الوفاق غير الشرعية، فرج بومطاري، على وجود العديد من المؤشرات السلبية على الاقتصاد الليبي، خلال العام الماضي ظهرت من خلال تقارير البنك الدولي، حيث كان هناك توقع لنمو 5,5%، لكن الرقم انعكس على انكماش لـ006%، موضحا أن جميع المؤشرات الإيجابية التي تحققت خلال العام 2018م بدأت تتقلص.
وأضاف بومطاري، خلال مؤتمر صحفي حول الوضع المالي لليبيا، اليوم الثلاثاء، تابعته “أوج”، أن الإصلاحات التي تمت في 2018م، لم تكتمل نتيجة القصور في السياسة النقدية، حيث تواجه ليبيا ثلاث مشكلات تكمن في التوظيف والتضخم وأسعار العملات، مؤكدا أن الأخيرين مسؤولية المصرف المركزي، ولم يتم التنسيق والتعاون الجاد بين السياسات المالية والسياسة النقدية.
وتابع: “عندما تم إعداد الترتيب المالية ونتيجة لغياب التنسيق وعدم وضوح المؤشرات والأرقام المطلوبة لمستويات الاقتصاد الكلي، تم اتباع الطرق التقليدية في إعداد الموازنة العامة لسنة 2020م، وكانت مستويات الإنفاق المتوقعة هي نفسها لسنة 2019م في حدود 46 مليار دينار”، مستطردا أنه بعد إيقاف تصدير النفط، قدمت وزارة المالية مقترحا مخفضا للموازنة، ليكون مستوى الإنفاق 40 مليار دينار لسنة 2020م، بما لا يضدر بالمكون الرئيسي للإنفاق في التوظيف والمرتبات للعاملين في الدولة.
وأردف: “واجهتنا مشاكل حتى هذه اللحظة في التشاور والتنسيق والترتيب لعملية الاعتماد، وأصدرنا القرار بنهاية 2019م، وتم إحالته للمصرف المركزي، لكنه لم يعترف بهذا القرار رغم أنه يستند للقانون المالي للدولة، وحتى الآن مرتبات شهري يناير وفبراير متوقفة رغم توفر الموارد المالية”، مضيفا: “كان هناك إشكالية من قبل المصرف المركزي تتعلق بترشيد الإنفاق وتقليص الباب الأول وتقليل الدعم”.
ولفت إلى إشكالية مازالت قائمة تمثلت أمس في المظاهرات التي حدثت، فيما يتعلق بحقوق بعض الموظفين، والتعيينات التي تمت في السابق ولم يتم الإفراج عنها، بالإضافة إلى الإشكاليات في عمليات النقل والازدواج الوظيفي وغيرها، مؤكدا بدء المراقبة لعمليات الإنفاق العام حتى توفير مليار دينار خلال العام الماضي.
وبخصوص التعيينات الحكومية المعلقة، قال إن غالبيتها تمت بين عامي 2013 و2014م أي قبل مجيء حكومة الوفاق، وتتعدى 200 ألف تعيين، متابعا أنه في السابق الإفراج كان يتم من ديوان المحاسبة باعتباره جهة رقابة وبإمكانه تجاوز بعض القوانين والتشريعات، لكن ديوان المحاسبة أوكل المهمة في مرحلة معينة لوزارة المالية.
وتابع: “لو رجعنا لقانون علاقات العمل والقانون المالي للدولة، ينص صراحة على مجموعة شروط للتعيين في الوظيفة العامة؛ أهم اثنين الملاك الوظيفي والتغطية المالية”، مضيفا: “90% من هذه التعيينات عندما جاءت الوزارة كان ينقصها أحد هذه الشروط، فبالتالي تعجز وزارة المالية عن إدراج هؤلاء الموظفين، وراسلت الوزارة المجلس الرئاسي ليتم إعطاء استثناء لهؤلاء الموظفين، لكن تواجهنا إشكالية مع المصرف المركزي الذي طالما يخاطبنا بتقليص الإنفاق في الباب الأول”.
وفيما يخص موضوع الدعم، ذكر: “أعددنا بعض المقترحات بالتعاون مع وزارة الاقتصاد، تتضمن رفع الدعم عن الوقود لتقليص الفساد والتهريب، من خلال الرفع الجزئي أو الكلي بتعويض نقدي، لكن دون استجابة للسياسة النقدية”.
وحول أزمة مرتبات شهري النوار/ يناير والنوار/ فبراير الماضيين، أوضح أن الوزارة لم يأتها رسالة واضحة من المصرف المركزي، لكنه يصر على عدم وجود تغطية، مؤكدا أن التغطية من خلال حسابتهم متوفرة، فإجمالي الإيرادات المحققة خلال العام الماضي 6,2 مليار دينار.
وأشار إلى وجود احتياطي ميزانية كان يوضع في السابق من قبل وزارة المالية في الترتيبات المالية لعام 2020م دون إيرادها في الميزانية إلى حين اتخاذ قرار بشأنها لأن لديها ضوابط خاصة، وكان الغرض من وضع هذه القيمة مخصصة لإفراجات العاملين والتعيينات الجديدة المتوقع أن تصل إلى مليار و200 ألف إلى 2,5 مليار قيمة المرتبات في حالة الإفراج عن جميع الموظفين الموجودين حاليا تحت الإجراءات.
ولفت إلى تفاوت في مرتبات الموظفين بالهيئات والمؤسسات الحكومية؛ فبعض الموظفين يتقاضى الواحد فيهم حوالي 600 دينار، بينما موظفين في هيئات مماثلة يتقاضى الواحد 6 آلاف دينار، وتم تشكيل لجنة لبحث هذه الإشكالية.
وأكد أن مليون و800 ألف موظف يحصلون على مرتبات من الخزانة العامة للدولة، وتحت الإجراء حوالي 200 ألف موظف فقط، بما يعني أن ليبيا بها 2 مليون موظف، في حين تحتاج من 400 ألى 500 ألف فقط وفقا للمعاير الدولية (8% من عدد السكان).
وكان تقرير صادر عن البنك الدولي، كشف خلال شهر الطير/ أبريل الماضي، أن الوضع السياسي الراهن، الذي يتسم بعدم فعالية المؤسسات وانعدام الأمن مازال قائمًا مما يثير الشكوك حول أي تسوية متوقعة للصراع السياسي، مؤكداً أن موقف الاقتصاد الكلي غير مستقر، وأن النمو متقلب مع ارتفاع معدلات التضخم، مما يؤدي إلى تفاقم معاناة السكان، ومع تأخر إصلاحات المالية العامة وميزان المدفوعات مما يؤدي إلى تآكل المزيد من الاحتياطيات الأجنبية.
وكشف في تبويب له تحت عنوان “أحدث التطورات”، أنه نظرًا لأن قطاع النفط هو المصدر الرئيسي للنمو، فإن الأنشطة الاقتصادية تظل مقيدة بفعل الاشتباكات المتكررة حول مرافق البنية التحتية النفطية، بهدف السيطرة على تلك الثروات.
وتحت عنوان “الآفاق المستقبلية”، كشف التقرير أن تحقيق الاستقرار المستدام أمر غير وارد في سيناريو الوضع الراهن، الذي يحدده التنافس على الموارد، مع التأخر في حل الصراع السياسي، واستمرار الانقسام الداخلي، وعدم قيام المؤسسات بوظائفها، ويزداد ضعف هذا الوضع “الهش”، بحسب التقرير، بسبب الاشتباكات المتكررة حول مرافئ النفط، وفي المدن الكبيرة، والتي تهدف في الغالب إلى السيطرة على الثروة النفطية.
وأشار التقرير، إلى أنه في هذا السياق لا يمكن لليبيا، إلا أن تُبقي على إنتاج النفط عند معدل يبلغ مليون برميل يوميًا خلال عام 2019م، و1.1 مليون برميل يوميًا خلال السنوات القليلة القادمة، وهو ما يمثل ثلثي القدرات الإنتاجية فقط، حيث من المتوقع أن ينمو إجمالي الناتج المحلي بنسبة 4% عام 2019م، و6% عام 2020م “تأثير اللحاق بالركب”، و1.3% في المتوسط في 2021-2022م، ما يعنى ارتفاع نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي بنسبة 64% عن مستوى عام 2010، وحتى عند خط الأساس هذا الذي يحدوه تفاؤل متواضع.
وتحت عنوان “المخاطر والتحديات”، أوضح التقرير، أن الجمود السياسي الحالي والنتائج الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة به، يلقيان بصعوبات شديدة على عاتق المواطنين والمهاجرين الليبيين، وتتفاقم الآثار القاتمة من هذه الصعوبات، مشيرًا إلى أن التحدي الرئيسي الذي يواجه ليبيا هو الحفاظ على البلاد لمنعها من التشرذم، ومن تسريع وتيرة العنف، وأن السيناريو البديل يحتاج إلى قرار سياسي يُمكن دولة متماسكة من تنفيذ السياسات والإصلاحات الحاسمة لتعزيز المؤسسات، وتحقيق الاستقرار في إطار الاقتصاد الكلي، وتنويع الاقتصاد، لتوليد ما يكفي من الوظائف الخاصة، وتحسين رفاهية السكان.
وكشف تقرير البنك الدولي، أن السياسات الرئيسية تشمل تجديد حوكمة الدولة، وإعادة بناء البنية التحتية، واستعادة الخدمات العامة مع تحسين المؤسسات الاقتصادية، من خلال إصلاح نظام الدعم، وترشيد حجم القطاع العام، وإصلاح النظام الضريبي وضبط أوضاع القطاع المالي.