محلي
الجنائية الدولية تقبل دعوى محام مصري ضد الوفاق ودوغة وبن عثمان
أوج – القاهرة
أعلن المحامي الحقوقي المصري، سعيد عبد الحافظ، أن المحكمة الجنائية الدولية، حركت الدعوى التي وصلتها يوم 29 الكانون/ ديسمبر 2019م عبر مكتبها المعنى فى ليبيا إلى المختصين فى المحكمة للبدء فى عملية التقاضى، والتي تتضمن جمع المعلومات وتحليلها عبر خبراء الجنائية الدولية المعنيين بالتحقيق في الملف الليبي.
وتختصم الدعوى القضائية، التي اطلعت على تفاصيلها “أوج”، حكومة الوفاق غير الشرعية، وكلًا من رئيس قناة ليبيا الأحرار، سليمان على سليمان دوغة التى تبث من دولة تركيا والعضو السابق فى الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة فرع تنظيم القاعدة فى ليبيا، نعمان بن عثمان والمقيم فى بريطانيا بالاشتراك فى جريمة التحريض على العنف والقتل عبر خطاب يستخدم مفردات تحض على الكراهية ضد أفراد “الجيش العربى الليبي”، وتحريض الشباب الليبى على حمل السلاح، وارتكاب جرائم القتل الجماعى خارج نطاق القانون.
وتعتبر الاتهامات التي حملتها الدعوى من الجرائم ضد الإنسانية التى تدخل فى اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بحسب المادة 5 من نظام روما الأساسى، والذى ينص على نظر المحكمة لأشد الجرائم خطورة موضع اهتمام المجتمع الدولي، وبينها الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، والتى عرفتها المادة 8 من نظام المحكمة بأنها الجرائم التى ترتكب في إطار خطة أو سياسة عامة أو في إطار عملية ارتكاب واسعة النطاق لهذه الجرائم، بالإضافة إلى الانتهاكات الجسيمة الواردة فى اتفاقيات جنيف المؤرخة 12 هانيبال/ أغسطس 1949م كما يدخل فى اختصاص المحكمة جرائم التحريض على القتل العمد فى حالة وقوع نزاع مسلح غير ذي طابع دولي، وكذلك الانتهاكات الجسيمة للمادة 2 المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربع، وهي الجرائم المرتكبة ضد أشخاص غير مشتركين اشتراكًا فعليًا في الأعمال الحربية، بما في ذلك أفراد “القوات المسلحة” الذين ألقوا سلاحهم، وأولئك الذين أصبحوا عاجزين عن القتال، والتحريض على استعمال العنف ضد الحياة والأشخاص، وبخاصة القتل بجميع أنواعه والتشويه، والمعاملة القاسية، والتعذيب والاعتداء على كرامة الشخص، وبخاصة المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة.
وقالت الدعوى إن تلك الاتهامات تقع فى اختصاص المحكمة وفق قرار مجلس رقم 1970 (2010م)، والذى أحال الوضع في ليبيا منذ 15 النوار/ فبراير 2011م إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، حيث تنظر المحكمة فى الانتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين والأعراف السارية على المنازعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي.
وأكدت الدعوى أن المذكورين ارتكبا جرائم التحريض على العنف والكراهية عبر وسائل الإعلام لدعم الجماعات المسلحة المتحالفة مع حكومة الوفاق التى تشكلت وفق اتفاق الصخيرات ولم يعترف بها البرلمان الليبى المنتخب، وهما من أعضاء التيارات الدينية المتشددة ويستخدمان منابر إعلامية غير شرعية تبثها دولة تركيا للتحريض على جنود الجيش الوطنى الليبى، وقتل خليفة حفتر، وتهديد أفراد الجيش ومن يساندوهم من المدنيين بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية فى حقهم، وهو الأمر الذى ساهم فى تدهور الأوضاع الإنسانية وعزز حالة الفوضى وعدم الاستقرار فى ليبيا، وكان من شأن ذلك التحريض أن أوقع الآلاف القتلى من العسكريين والمدنيين خلال السنوات السابقة.
كما استخدم المذكوران وفق الدعوى منابرهم الإعلامية غير الشرعية فى دعم وتوفير الغطاء الإعلامى لقيام الجماعات المسلحة المتحالفة مع الوفاق بارتكاب جريمة التهجير القسري للمدنيين من قرى ليبية ثم فرض سيطرتهم عليها، كما تقوم قناة ليبيا الأحرار ببث برامج تدعم الجماعات المسلحة، وتقوم بنشر الشائعات وتلفيق الأخبار عبر مواد مصورة، وهو ما يمثل أيضًا انتهاكًا وخرقًا واضحًا للقواعد الأخلاقية التى تعمل بها وسائل الإعلام، وتهديد صريح وواضح لمنظومة حقوق الإنسان التي تحميه من الاستخدامات الضارة لحرية الرأى والتعبير، والتى أوردها مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة “UNHRC” تحت عنوان الحدود “المسموح بها” المتعلقة بحرية التعبير، وهى أن تحمى الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة الناس من التصريحات غير الدقيقة والمسيئة، وتحمى الخصوصية فى ظل ظروف معينة وتتيح للدولة حماية أمنها وتمنع صحافة “الكراهية”، خصوصًا التى تشجع على العنصرية أو الكراهية العرقية أو الدينية كما تمنع الدعاية للحرب.
وقال سعيد عبدالحافظ، تعليقا على الدعوى، في تصريحات نقلتها صحيفة الدستور المصرية، طالعتها “أوج”، إن هذه الجرائم التى ارتكبها المذكوران تضعهما تحت طائلة المادة 25 من نظام المحكمة الأساسي، والذى يعطى للمحكمة اختصاصًا على الأشخاص الطبيعيين الذين ارتكبوا جريمة تدخل في اختصاص المحكمة سواء بصفته الفردية أو بالاشتراك مع آخر أو عن طريق شخص آخر، بغض النظر عما إذا كان ذلك الآخر مسئولًا جنائيًا أو قام بالأمر أو الإغراء بارتكاب، أو الحث على ارتكاب جريمة وقعت بالفعل أو شرع فيها أو قام بتقديم العون أو التحريض أو المساعدة بأي شكل آخر لغرض تيسير ارتكاب هذه الجريمة أو الشروع في ارتكابها، بما في ذلك توفير وسائل ارتكابها وأيضًا المساهمة بأي طريقة أخرى في قيام جماعة من الأشخاص، يعملون بقصد مشترك، بارتكاب هذه الجريمة أو الشروع في ارتكابها، على أن تكون هذه المساهمة متعمدة، وأن تقدم إما بهدف تعزيز النشاط الإجرامي أو الغرض الإجرامي للجماعة، إذا كان هذا النشاط أو الغرض منطويًا على ارتكاب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة أو مع العلم بنية ارتكاب الجريمة لدى هذه الجماعة وبينها ما يتعلق بجريمة الإبادة الجماعية أو التحريض المباشر والعلني على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية .
وأضاف: “يضع دعمهما الصريح لجرائم الميليشيات التابعة لحكومة الوفاق فى منزلة الشريك المتضامن فى كل الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها ميليشيات تلك الحكومة غير الشرعية، وهو ما سبق أن طبقته المحكمة فى قضية الإعلامى الرواندى فرديناند ناهيمانا الذى أدين من المحكمة بالمشاركة في الإبادة الجماعية في رواندا استنادًا لتحريضه على الكراهية والتمييز والقتل عبر وسيلة إعلامية”.
واعتبر عبدالحافظ الممارسات التى ارتكبها المذكوران انتهاكًا لنص المادة 20 الفقرة الثانية من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على حظر أي دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضًا علي التمييز أو العداوة أو العنف، وقد صدر قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1947م يسمح للدولة بمكافحة نشر الأنباء المزيفة والمشوهة وصدر قرار من منظمة اليونسكو سنة 1970م حول إسهام وسائل الإعلام في تعزيز التفاهم والتعاون خدمة للسلام ورفاهية الإنسان ومناهضة الدعاية للعنف في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1978م بمنح الدول أن تتخذ من الاجراءات ما عليها من التزاماتها الخاصة بحرية الإعلام، والتي تم إقرارها دوليًا لمواجهة الظروف الاستثنائية التي تواجهها الدولة، كما أصدرت لجنة القضاء على التمييز العنصري التوصية رقم 35، والتى تقتضي بموجب منطوقها من الدول الأطراف اعتماد تشريعات لمكافحة خطاب التحريض على الكراهية العنصرية ضمن نطاقها.
وأوصت اللجنة بأن تعلن الدول الأطراف أن الجرائم التالية يعاقب عليها القانون وأن تعاقب عليها فعليًا، وهى:
(أ ) كل نشر للأفكار القائمة على التفوق أو الكراهية العنصرية أو الإثنية ، بأي وسيلة من الوسائل.
(أ ) كل نشر للأفكار القائمة على التفوق أو الكراهية العنصرية أو الإثنية ، بأي وسيلة من الوسائل.
(ب ) التحريض على كراهية أفراد أي فئة على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني أو احتقارهم أو التمييز ضدهم.
(ت ) توجيه تهديدات بالعنف ضد أشخاص أو فئات أو التحريض عليه على الأسس المذكورة في (ب) أعلاه.
(ث ) شتم أشخاص أو فئات أو السخرية منهم أو التشهير بهم أو تبرير الكراهية أو الاحتقار أو التمييز على الأسس المذكورة في (ب) أعلاه، عندما يكون واضحًا أنها تصل إلى درجة التحريض على الكراهية أو التمييز.
وتمر ليبيا بأزمة سياسية عسكرية مستمرة، منذ العام 2011م، حيث يتنازع على السلطة حاليًا طرفان، هما؛ حكومة الوفاق غير الشرعية، بقيادة فائز السراج، والطرف الثاني، الحكومة المؤقتة، والتي يدعمها مجلس النواب المنعقد في مدينة طبرق.