جريدة العرب الندنية : تحشيدات مستمرة في طرابلس ومصراتة.. وتركيا تحوّل ليبيا إلى “مكب” للمرتزقة .


قالت مصادر سياسية ليبية إن عمليات الحشد العسكري لقوات حكومة الوفاق المدعومة من نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تتزايد في مصراتة وطرابلس على وقع الحديث عن تحويل اتفاق الهدنة إلى وقف دائم لإطلاق النار.
ويتزامن الحشد العسكري مع إرسال تركيا للمزيد من المرتزقة للقتال إلى جانب الجماعات المسلحة في طرابلس ومصراتة. وكان الجيش الليبي قد حقق تقدما كبيرا على أكثر من محور في هاتين الجبهتين قبيل الذهاب إلى موسكو وبرلين.
وذكرت مصادر ليبية أن التدخلات الخارجية وعلى رأسها التدخل التركي عبر المرتزقة السوريين والمستشارين العسكريين الأتراك حوّل بلدهم إلى “مكبّ للمرتزقة”.
ويواجه التدخل التركي الذي تمادى به أردوغان في ليبيا وسوريا انتقادات واتهامات داخلية وخارجية، الأمر الذي دفع الرئيس التركي إلى وصف المعارضين للوجود العسكري التركي في ليبيا وسوريا والعراق وشرق المتوسط أنهم “لا يدركون تاريخ الأمة التركية وثقافتها وقيمها”.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هاجم السياسة التركية في ليبيا حيث اعتبر في تصريحات صحافية أن نظيره التركي لا يحترم كلامه المتعلق بإنهاء التدخل في الأزمة الليبية ولاسيما عدم إرسال سفن تركية تقل مرتزقة للقتال إلى جانب ميليشيات حكومة الوفاق التي تسيطر على العاصمة طرابلس.
وتستغل أنقرة الهدنة المعلنة والهشة في ليبيا من أجل تعزيز صفوف الجماعات المسلحة بعد النكسات التي تلقتها خلال الأشهر السابقة.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان في تقرير جديد إن تركيا أرسلت إلى ليبيا متشددين سوريين ينتمون إلى جماعات مثل تنظيمي داعش والقاعدة، مشيرا إلى أن تركيا جلبت أكثر من 4 آلاف مقاتل أجنبي إلى طرابلس وإن العشرات منهم ينتمون إلى جماعات متطرفة.
وقال مدير المرصد رامي عبدالرحمن إنه تم رصد ما لا يقل عن 130 من مقاتلي داعش أو القاعدة ضمن ما يقرب من 4700 مرتزق سوري أرسلتهم تركيا لدعم السراج.
وتعم الفوضى في ليبيا منذ سقوط نظام العقيد الليبي معمر القذافي في العام 2011، ويشهد محيط طرابلس معارك بين القوات الموالية لحكومة الوفاق وقوات الجيش الليبي.
وتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في 12 يناير بمبادرة من موسكو وأنقرة، لكنه لايزال هشا ويتبادل الطرفان اتهامات بخرقه. وسعيا إلى تحويل وقف إطلاق النار إلى هدنة دائمة، تعهد مؤتمر دولي عقد في برلين في 19 يناير بوقف التدخلات الخارجية وتسليم الأسلحة لطرفي النزاع.

ويقول موظف حكومي ليبي يدعى نوري بن غرسة “الليبيون سمحوا للأطراف الأجنبية بالتوغل في شؤونهم الداخلية منذ إسقاط نظام القذافي، ومنذ ذاك التاريخ لم يتمكنوا من التحرر من هذه التبعية”.
ويتابع بن غرسة “السياسيون ساهموا في هذه التبعية للأجنبي، نراهم يمتنعون عن الحوار داخل ليبيا، فيما يهرولون إلى عواصم أجنبية لتفرض عليهم أجندة دول بعينها، بدلا من صناعة قرارهم السياسي داخليا بعيدا عن التأثير السلبي الخارجي”.
فوضى برعاية تركية
وسقط القذافي بعد انتفاضة شعبية عارمة ضده تلاها تدخل عسكري شاركت فيه فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة.
وأسفرت المعارك في محيط طرابلس، وتحديداً جنوبها، عن مقتل أكثر من 280 مدنياً، بحسب الأمم المتحدة التي تشير أيضا إلى مقتل أكثر من ألفي مقاتل ونزوح 146 ألف شخص منذ اندلاع المعارك.
ويواصل أعضاء مجلس الأمن الـ15 في نيويورك مناقشة مشروع قرار في شأن ليبيا من دون أن يتوافقوا حتى الآن على نص يطرح للتصويت.

وأعربت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا في بيان صدر نهاية الشهر الماضي، عن “الأسف الشديد (…) للانتهاكات الصارخة المستمرة” في ليبيا.
وأكدت أن”الهدنة الهشة مهددة بما يجري من استمرار نقل المقاتلين الأجانب والأسلحة والمنظومات المتقدمة إلى الأطراف من الدول الأعضاء، من بينها دول شاركت في برلين”.
وتابع البيان “على مدار الأيام العشرة الماضية، شوهدت العديد من طائرات الشحن والرحلات الجوية الأخرى تهبط في المطارات في الأجزاء الغربية والشرقية من ليبيا، لتزويد الأطراف بالأسلحة المتقدمة والمركبات المدرعة والمستشارين والمقاتلين”.
ونشرت في المدة الأخيرة وسائل إعلام محلية صورا ومقاطع فيديو تظهر أسلحة تركية ومقاتلين سوريين موالين لأنقرة وصلوا حديثا إلى طرابلس ليقاتلوا إلى جانب قوات حكومة الوفاق.
واجتمع الثلاثاء للمرة الأولى ممثلون عسكريون عن الطرفين في جنيف، في إطار اللجنة العسكرية المشتركة المنبثقة عن مؤتمر برلين. وأعلن الموفد الدولي إلى ليبيا غسان سلامة في أعقاب الاجتماع أنّ الطرفين وافقا “على مبدأ” تحويل الهدنة “إلى وقف فعلي ودائم لإطلاق النار”.

Exit mobile version