قزيط: مؤتمر جنيف لن ينهي الأزمة الليبية.. ومفاتيح الحل بيد أمريكا

أوج – طرابلس
قال عضو المجلس الأعلى للإخوان المسلمين “مجلس الدولة”، أبو القاسم قزيط، إن مؤتمر جنيف المقرر انعقاده خلال الأيام المقبلة، لن ينهي الأزمة الليبية، لكنه يأمل أن يكون خطوة إلى الإمام، مؤكدا أن الولايات المتحدة الأمريكية هي التي تملك مفاتيح الحل.
وأبدى قزيط في حوار مع “عربي21″، طالعته “أوج”، عدم تفاؤله بوقف دائم لإطلاق النار، مستشهدا بما قاله الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر، عقب الحرب العالمية الثانية: “الحرب انتهت والسلم لم يُولد بعد، ولا أعتقد أنه سيُولد قريبا”.
وأوضح أن المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، لم تكن لديه إطلاقا خطة واقعية لإنهاء الأزمة الليبية، كما أنه فرّط بشكل غير مفهوم في تعديل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق غير الشرعية، وتكوين مجلس يمثل الجميع، موضحا أن الأزمة أصبحت أكبر بكثير من سلامة الذي ساهم في خروج الأمر من يديه بعدم الجدية، والاستمتاع بتوزيع الاتهامات على القوى السياسية الليبية، بحسب تعبيره.
وأضاف أن لجنة (5 + 5) العسكرية تنتظرها مهام شاقة، وستعمل على عودة النازحين، ورأى أن المسار الأمني والسياسي يجب أن تتم معالجتهما وفق مسارات متوازية دون أن يسبق أحدهما الآخر، متابعا أن جهود توحيد المؤسسة العسكرية دُفنت بهجوم يوم 4 الطير/ أبريل 2019م.
وأكد أن أهم شيء الآن هو وقف الحرب، أما الحديث عن تطوير المؤسسات اليوم فيُعد ترفا سياسيا، قائلا: “لا بد أولا من وقف الحرب، وترسيخ سلم دائم، وعندها لكل حادث حديث”.
وتابع: “انتشار السلاح في ليبيا هو أمر بلا شك خطير، لكن ليست هذه مشكلة ليبيا فقط؛ فأمريكا، أكبر دولة في العالم، الناس فيها مدججون بالسلاح”، موضحا أن مشكلة ليبيا سياسية وليست أمنية، وإذا تم حل المشكل السياسي فمؤسسات الدولة من جيش وشرطة تستطيع إنجاز الكثير في الجانب الأمني.
وانتقد أداء حكومة الوفاق غير الشرعية برئاسة فائز السراج، قائلا: “من جلب حفتر إلى تخوم طرابلس هي سياسة الاسترضاءات التي اتبعها السراج، وهي نفس سياسة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق نيفيل تشامبرلين، ورئيس الوزراء الفرنسي الأسبق إدوار دلادييه، في ثلاثينيات القرن الماضي التي حاولوا فيها تجنب الحرب مع ألمانيا، لكن هذه السياسية هي التي شجعت هتلر على خوض الحرب الأكثر تدميرا في التاريخ، وهي الحرب العالمية الثانية”.
وتابع: “في تقديري، هناك ارتباك واضح في قيادة المعركة عسكريا وسياسيا واجتماعيا وإعلاميا، وحكومة الوفاق تنظر للغنيمة قبل النصر، لذلك ترفض أي نوع من المساعدة وتعتبر ذلك محاولة لاعتلاء الركب السياسي، ويصرون على احتكار المشهد لشخوص معينة وتيارات محددة”.
وأكد على ضرورة تشكيل حكومة كفاءات وخالية من الفساد، منوها إلى أن حديث البعض عن تشكيل حكومة ثوار لا معنى له لأن دعوة كهذه تحمل في طياتها نزعة لإقصاء الآخر.
وذكر أن “هجوم حفتر على العاصمة فشل، لأن هدف الهجوم كان الاستيلاء على طرابلس وإسقاط حكومة الوفاق”، زاعما أن حكومة الوفاق هدفها السلام، لكن استعدادها للحرب أعلى بكثير من يوم 4 الطير/ أبريل 2019م بحسب تعبيره.
وأردف: “تعنت حفتر يرجع بالأساس إلى الدعم اللامحدود الذي يتلقاه من داعميه، ولا شك أن سيطرته على مدينتي سرت وترهونة قوى وضعه التفاوضي”، مستدركا بالقول إن “هناك الآن توازنا في القوة بعدما كانت الكفة تميل لحفتر في الأربعة أشهر الأخيرة”.
وحول تحذير رئيس مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في ليبيا، جان بول كافاليري، من وقوع كارثة إنسانية حال انتقلت الاشتباكات المسلحة إلى المناطق ذات الكثافة السكانية المرتفعة، قال: “الآن الاشتباكات توقفت، لكن أقول لهذا المسؤول لماذا لم نسمع منك أي تصريح عندما كان هناك قصف عمدي على المدنيين؟”.
ورفض تماما دعوات إقصاء أنصار حفتر، قائلا: “هؤلاء في المقام الأول والأخير هم ليبيون، ولا يحب إقصاء أحد، ثم إن حكومة الوفاق ليست في وضع يمكنها من إقصاؤهم حتى لو أرادت ذلك”.
وعن إعلان الهيئة الطرابلسية رفضها إقامة أي حوار اقتصادي أو سياسي أو عسكري أو اجتماعي على الأراضي المصرية، ذكر: “من حق الهيئة الطرابلسية إعلان أي موقف تراه مناسبا في إطار حرية الرأي، وهي منظمة أهلية وسط عشرات المنظمات، لكن مصر بلد جار، حتى لو اختلفنا معها في بعض المقاربات فإن من غير المنطقي استعداءها”.
وأوضح أن انشقاق بعض السفراء التابعين لحكومة الوفاق، وإعلان انضمامهم للحكومة المؤقتة، كان محدودا للغاية، ولا قيمة كبيرة له، والحالات التي حصلت رغم أنها معزولة تشير إلى عمق الاستقطاب السياسي، وفقا لقوله.
وبشأن التقارير الدولية التي تتحدث عن ما وصفته بأوضاع مأساوية للاجئين في ليبيا، قال: “لا أنفي ولا أؤكد ذلك، لكن ليبيا اليوم في حالة حرب، والحل هو وقف الحرب أولا، وأعتقد أنه في عهد وزير الداخلية فتحي باشاغا تحسنت الأمور، وإذا ما تمتعنا بحكومة مستقرة مُتفق عليها فإنه مؤكد أن يكون حال الجميع أفضل”، موضحا أن “الهجرة غير الشرعية انخفضت كثيرا عن الأعوام السابقة، لكن من الصعب إيقافها بشكل كامل”.
وحول التدخل التركي في ليبيا، قال إنه جاء بعد 9 أشهر مما أسماه “العدوان على طرابلس”، زاعما أنه “كان عامل ردع وباتفاق مُعلن وواضح”، منوها إلى أنه ليست لديه تفاصيل عن المرتزقة الذين تحدث عنهم الرئيس أردوغان، قائلا: “القوات التي بعثت بها تركيا ترفع العلم التركي”.
وتشهد المنطقة حالة من التوتر المتصاعد، بسبب الأزمة الليبية، لاسيما بعد موافقة البرلمان التركي، على تفويض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بإسال قوات عسكرية تركية إلى العاصمة الليبية طرابلس، لدعم حكومة الوفاق غير الشرعية.
يذكر أن خليفة حفتر، أعلن يوم 4 الطير/أبريل الماضي، إطلاق عملية لـ”تحرير” العاصمة طرابلس من قبضة “الميليشيات والجماعات المسلحة”، بالتزامن مع إعلان المبعوث الأممي في ليبيا، عن عقد الملتقى الوطني الجامع، بين 14- 16 الطير/أبريل الماضي بمدينة غدامس.
وكان الأمين العام للجامعة العربية دعا جميع الأطراف الليبية لضبط النفس وخفض حالة التصعيد الميدانية الناتجة عن التحركات العسكرية الأخيرة في المناطق الغربية من البلاد، والالتزام بالمسار السياسي باعتباره السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة في ليبيا، والعودة إلى الحوار الهادف للتوصل لتسوية وطنية خالصة لإخراج البلاد من الأزمة التي تعيشها.
وتمر ليبيا بأزمة سياسية عسكرية مستمرة، منذ العام 2011م، حيث يتنازع على السلطة حاليًا طرفان، هما؛ حكومة الوفاق غير الشرعية، بقيادة فائز السراج، والطرف الثاني، الحكومة المؤقتة، والتي يدعمها مجلس النواب المنعقد في مدينة طبرق.
Exit mobile version