كشف نائب رئيس الوزراء بالحكومة المؤقتة، الدكتور عبدالسلام البدري، اليوم الخميس تفاصيل الزيارة السرية للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان إلى تونس، مشيرًا إلى أنه طلب من المسؤولين في تونس السماح للمخابرات التركية باستغلال الأراضي التونسية للعمل على عدم استقرار ليبيا.
وقال البدري، في تصريحات لوكالة “سبوتنيك” الروسية، طالعتها “أوج”: “فاجأنا أردوغان بزيارة إلى دولة تونس ويطلب حسب ما هو مسرب من تونس أن تسمح لمخابراته بالعمل على عدم استقرار ليبيا من خلال استغلال تونس الجار لليبيا”.
وأضاف: “الشعب الليبي ليس أمامه سوى مقاومة الغزو التركي، فليبيا لن تكون جزء من إمبراطورية أحلام أردوغان وخسارته لبلدية إسطنبول لن يعوضها بمدينة ليبية”.
وتابع: “ما يردده أردوغان بشأن وجود عناصر غير ليبية ضمن صفوف الجيش الوطني الليبي هو شكل من أشكال الجنون الذي يعاني منه أردوغان منذ فترة، وإذا كان يريد التذكير، فماذا فعل عندما أخذت إسرائيل السفينة التركية مرمرة بعد أن قتلت أثنى عشر شخصا على متنها وتم جرها إلى ميناء حيفا”.
وواصل: “الليبيون سيقاومون المساس بوحدتهم الوطنية وبسلامة أراضيهم واستقلال قرارهم، والجيش الوطني العربي الليبي سوف يتصدى للغزو التركي، فليبيا كانت ضحية للتآمر الدولي منذ أن وقعت تركيا في عام 1912م معاهدة أوشي، التي تم بموجبها تسليم ليبيا لإيطاليا، وفي عام 2011 تدخل حلف شمال الأطلسي ليتم انتشار الفوضى والعبث بكل مقدرات الدولة”.
وأردف: “دول الإسلام السياسي؛ تركيا وقطر قامت باستخدام جميع الوسائل والسبل المتاحة لهم في سبيل وضع ليبيا تحت أقدام الإسلام السياسي، وآخر ما قامت به تركيا هو توقيع اتفاقا مع جهة غير رسمية لا يحق لها تمثيل ليبيا وأبرمت معها اتفاقية لرسم الحدود البحرية مع ليبيا”.
واختتم: “ما يثير الجدل أن هذه الاتفاقية أشترط فيها أن يتم اعتمادها من البرلمان التركي فقط لكي تصبح سارية المفعول، وذلك لمعرفة الجانب التركي أن من وقع معهم الاتفاق هو شخصية عادية ليس له حق تمثيل ليبيا بأي شكل من الإشكال وهو نتاج لمؤتمر الصخيرات المنتهي الصلاحية”.
ووصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تونس أمس الأربعاء، في زيارة غير معلنة لإجراء محادثات مع نظيره التونسي قيس سعيد، ورجحت مصادر أن تكون على خلفية الملف الليبي ومذكرتي التعاون الأمني والبحري الموقعتين مع حكومة الوفاق غير الشرعية، والجهود من أجل احتواء النزاع في البلد الجار لتونس.
يذكر أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أعلن استعداد بلاده إرسال قوات عسكرية تساند حكومة الوفاق المدعومة دوليًا، إذا طلبت ذلك، ما اعتبره كثيرون تهديدًا تركيًا بغزو الأراضي الليبية.
ومن جهته، عقد مجلس الوزراء بحكومة الوفاق المدعومة دوليًا، اجتماعًا استثنائيًا، قبل أيام، تم خلاله الموافقة بالإجماع خلال الجلسة، على تفعيل مذكرة التفاهم للتعاون الأمني والعسكري بين حكومة الوفاق وحكومة جمهورية تركيا الموقعة في 27 الحرث/نوفمبر الماضي.
وأوضح المجلس، في بيانٍ لمكتبه الإعلامي، أن السراج وجه رسائل لرؤساء خمس دول، هي؛ الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وإيطاليا وتركيا والجزائر بتفعيل اتفاقيات التعاون الأمني.
وفي 27 الحرث/نوفمبر الماضي، وقع رئيس المجلس الرئاسي المُنصب من المجتمع الدولي، فائز السراج، مذكرتي تفاهم مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تتعلقان؛ بالتعاون الأمني والعسكري، وتحديد مناطق الصلاحية البحرية.
وصادق البرلمان التركي، على مذكرة التفاهم المتعلقة بتحديد مناطق الصلاحية البحرية مع ليبيا، في 5 الكانون/ديسمبر الجاري، فيما نشرت الجريدة الرسمية للدولة التركية، المذكرة في عددها الصادر يوم 7 من الشهر ذاته.
وفي 5 الكانون/ديسمبر الجاري، أقر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق المُعترف بها دوليًا، مذكرتي التفاهم المُبرمتين مع تركيا حول المجال البحري والتعاون الأمني.
وتتمحور مذكرتي التفاهم الأمني والبحري بين حكومة الوفاق المدعومة دوليا، برئاسة فائز السراج، والنظام التركي بقيادة رجب طيب أردوغان، حول السيطرة على الموارد الليبية، وبالتحديد النفط، خصوصا أن أنقرة تشهد حالة من الضعف الاقتصادي، لاسيما بعد العقوبات الأمريكية، فتحاول تعويض خسائرها من البوابة الليبية.
وفي الوقت الذي تحاول تركيا إنعاش اقتصادها المتداعى بتحقيق أقصى استفادة من الاتفاق المزعوم، يعيش الليبيون حالة صعبة بسبب الحرب الدائرة التي تشعلها حكومة الوفاق وتُفرغ خزائنها على رواتب المرتزقة والميليشيات التي تستخدمها في إذكاء الصراع كمحاولة بائسة للحفاظ على كراسيها التي أصبحت تتهاوى وتذروها الرياح.
الأوضاع الاقتصادية الليبية البائسة لم تتوقف عند نار الحرب الدائرة، بل ترتب عليها أوضاع قاسية مثل غياب السيولة في المصارف والبنوك، فضلا عن تراكم القمامة، وبالتالي انتشار الأمراض المعدية، على رأسها الليشمانيا، التي تنتشر بين الليبيين كالنار في الهشيم، بالإضافة إلى ظاهرة التسول كزائر جديد على ليبيا التي كانت تشهد حالة من الانتعاش الاقتصادي أيام النظام الجماهيري، لكن يبدو أن الطموح العثماني له رأي آخر بالتعويل على جهود فائز السراج، ذراعهم في ليبيا.
وفقدت حكومة الوفاق شرعيتها، لاسيما أنها لم تُعتمد من مجلس النواب، كما فُرضت على الليبيين من الخارج، وفقا لاتفاق الصخيرات، الذي لم يشارك فيه الجميع، بتاريخ 17 الكانون/ ديسمبر 2015م لمدة عام واحد فقط؛ يمدد لآخر إذا لم تنجز المهمات التي تشكلت من أجلها.
وبمقارنة مشروعية حكومة الوفاق “المفقودة” بصلاحية مجلس النواب، نجد أن الأخير أنتخب من قبل الشعب استنادا إلى الوثيقة الدستورية المؤقتة، على أن تستمر صلاحيته لحين إجراء انتخابات برلمانية جديدة، كما أن اتفاق الصخيرات اعترف بشرعية المجلس بناء على المادة 18 من الوثيقة الدستورية المؤقتة.
وعزز من فقدان شرعية حكومة الوفاق، المنتهية وفقًا لاتفاق الصخيرات نفسه، عام 2016م، سعيها الدؤوب إلى “شرعنة” سلطة جماعة الإخوان المسلمين، على سائر مكونات الشعب الليبي، في الوقت الذي فشلت في إنجاز كل المهام التي تشكلت من أجلها، على رأسها المصالحة الوطنية، بل تكالبت على ثروات البلاد لإثراء وزرائها وتدمير البلاد وتسليمها للأجانب الطامعين في ثروات الشعب الليبي.
واستعانت حكومة الوفاق بالميليشيات المسلحة والمرتزفة من كل حدب وصوب بمبالغ طائلة، وأدخلت البلاد في حروب طاحنة على مدار سنوات لم تنته بعد، حتى أصبحت رائحة الدماء تزاكم الأنوف، وكانت سببا رئيسيا في تدمير البنية التحتية لليبيا والتي تحتاج إلى مليارات الدولارات لإصالحها.