محلي
السراج: حفتر كان يخادع طيلة السنوات الماضية للهجوم على طرابلس وتحقيق مشروعه السلطوي ولا يمكن الجلوس معه مجدداً
أوج – طرابلس
قال رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق المدعومة دوليا، فائز السراج، إن قصف عائلة آمنة تسكن بيتها ووفاة 3 أطفال بمنطقة الفرناج، ليست المرة الأولى لاستهداف المدنيين من قبل ما وصفه بـ”الطرف المعتدي” طيلة 6 أشهر، في حملة “ممنهجة” بدأت 4 الطير/ أبريل الماضي، مؤكدا أنهم يؤدون واجبهم لـ”ردع ودحر المعتدي”، وأن القوات النظامية والمساندة تؤدي عملها على جميع المحاور، لكن هناك تداعيات نتيجة استهداف المقار المدنية ومراكز إيواء المهاجرين، والمستشفيات وسيارات الإسعاف.
وأكد السراج، في حوار مع “فرنس 24” أمس الأربعاء، تابعته “أوج”، على ضرورة أن يكون هناك موقفا واضحا وحازما من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تجاه “المعتدي” وما يقوم به من انتهاكات وأفعال ترقى إلى مستوى جرائم حرب، موضحا أنهم يوثقون هذه الأفعال وإيصالها للجهات الدولية المعنية من أجل محاسبة القائمين والمتطورين في الحرب.
وأشار إلى انقسام في المجتمع الدولي حول ليبيا، لاسيما أن بعض الدول تبحث عن مصالحها، لكن يجب أن تكون عبر الطرق الشرعية لتحقيق هذه المصالح، مؤكدا أنهم منفتحون مع كل الدول ويتواصلون معها، بما فيها المصطفة مع الطرف الآخر، والتي طالبها بمراجعة مواقفها بأنه لا حل عسكري للأزمة الليبية، بل يجب أن يكون سياسيا من خلال مبادرة، كان طرحها في شهر الصيف/ يونيو الماضي، تدعو إلى عقد مؤتمر وطني جامع تدعمه البعثة الأممية؛ تمهيدا لانتخابات عامة، لكن دون ذلك ستستمر الأوضاع مشتعلة وسيدفع الثمن الشعب الليبي.
وحول مؤتمر برلين المقرر عقده خلال الفترة المقبلة، قال إنهم يدعمون كل الجهود السياسية التي تبحث عن حل للأزمة الليبية، لكن من خلال ثوابت تم تحديدها لأي عملية سياسية؛ من خلال التركيز على إجراء حوار ليبي داخلي، قبل الحوار الدولي، مضيفا أن الثوابت السياسية اختلفت بعد 4 الطير/ أبريل، في ظل وجود الخروقات والانتهاكات التي ترقى إلى مستوى جرائم حرب، ويجب محاسبة من ارتكبها.
وتمنى أن يكون مؤتمر برلين مختلفا عن باليرمو وباريس، وأن يكون قصة نجاح لدعم واستقرار ليبيا، مؤكدا أنهم طلبوا بضرورة حضور من لهم علاقة بالملف الليبي من دون إقصاء لأي دولة لها علاقة بالأمر حتى يمكن أن يحقق المؤتمر النجاح المأمول منه، مشيرا إلى عدم وجود ترتيب لحضور أطراف ليبية من عدمه للمؤتمر، كما انتقد السراج، التدخلات الدولية السلبية في الملف الليبي.
وحول إمكانية اجتماعه مع خليفة حفتر، أشار إلى اللقاءات التي أجريت معه خلال السنوات الماضية، لكنهم وجدوا أنه كان “يخادع” طيلة الفترة الماضية، حتى يتحين الفرصة لـ”العدوان على طرابلس”، خصوصا أن ليبيا كان تستعد لمؤتمر وطني جامع في 15 الطير/ أبريل الماضي، وكان مأمول أن يحدث نقلة في العملية السياسية بليبيا تمهيدا لانتخابات عامة، لكن “عدوان حفتر” نسف المسار السياسي، ولا يمكن الجلوس معه بعد ارتكاب كل هذه الجرائم، في محاولة لتحقيق مشروعه السلطوي، بحسب تعبيره، لافتا إلى ضرورة تحديد ملامح العملية السياسية، التي يجب أن يجتمع فيها من يريد الدولة المدنية.
وحول ملف الهجرة غير الشرعية، أكد أنه ملف شائك ومعقد وليس وليد اليوم، بل له أبعاد أمنية واقتصادية وسياسية واجتماعية، موضحا أن عدد المهاجرين في ليبيا قدر بـ800 ألف، وأن وبعض مراكز إيواء لا يتعدى الموجودين فيها 10 أو 15 ألف مهاجر غير شرعي، معربا عن استغرابه من انتقاد ولوم بعض دول المقصد على ليبيا لدورها في الملف، في حين أن بعض الدول ترفض استقبال أي مهاجر غير شرعي بأي طريقة، وإلقاء الملف بثقله على كاهل ليبيا، التي تعيش فترة صعبة.
وأكد أنهم يحاولون بكل ما يستطيعون في ظل هذه الإمكانيات المحدودة، لكنهم على يقين بضرورة إدارة الملف بطريقة مختلفة؛ من خلال التركيز على دول المصدر وتنميتها وإيجاد فرض عمل للشباب، وحتى يحدث ذلك، يتم التركيز حاليا على شبكات التهريب والاتجار بالبشر ومتابعتها ووضعها تحت قائمة العقوبات، مثلما حدث خلال السنة الماضية، لافتا إلى ضرورة أن يكون الدعم المقدم إلى ليبيا واضحا، خصوصا أن ما يقدم الآن لا يرقى إلى حجم ملف الهجرة غير الشرعية؛ فلا يمكن إلقاء اللوم على ليبيا ودولة أوروبية فقط.
وأوضح أن الحرب التي تشهدها ليبيا حاليا، زادت من تواجد الجماعات الإرهابية، منتقدا ما يسوقه خليفة حفتر بأن عملياته على طرابلس لمحاربة الإرهاب، في حين أن من يشن هجوما عليهم – في إشارة إلى الوفاق- هزموا الإرهاب في سرت وحققوا قصة نجاح، مؤكدا أنهم مازالوا يحاربون الإرهاب بالتعاون مع الأجهزة الخارجية، مثل “أفريكوم”؛ من خلال تتبع الخلايا التي فرت من سرت وتحاول حاليا إعادة نشاطها، متابعا أن “الحرب على طرابلس” تخلق المناخ المناسب لعودة النشاطات الإرهابية، فضلا عن ثقل ملف الهجرة غير الشرعية، والسيطرة على إمدادات النفط.
وحول وجود مرتزقة أجانب تقاتل إلى جانب طرفي الصراع، نفى استعمالهم أي مرتزقة، زاعماً أنهم يدافعون عن أنفسهم من خلال وحدات جيش نظامية وقوات مساندة وشباب ليبي، متهما الطرف الآخر بالاستعانة بمرتزقة من دول أفريقية وغيرها.
وأشار إلى وجود أمل كبير في تحقيق تقدم سياسي في الملف الليبي، في ظل إحراز تقدمات على المستوى الميداني، مؤكدا أن موقفهم واضح على المسار السياسي من خلال تشكيل حكومة شرعية.
واختتم حواره بتوجيه رسالة إلى خليفة حفتر، قائلا: “قف عن العبث والإجرام وقصف الليبيين، لأن هذا لن يؤدي إلى نتيجة، بل سيؤدي إلى أحداث شرخ بين الليبيين الذين سيحاسبونك هم والتاريخ”.
يذكر أن خليفة حفتر، أعلن يوم 4 الطير/أبريل الماضي، إطلاق عملية لـ “تحرير” العاصمة طرابلس من قبضة “الميليشيات والجماعات المسلحة”، بالتزامن مع إعلان المبعوث الأممي في ليبيا، عن عقد الملتقى الوطني الجامع، بين 14- 16 الطير/أبريل الماضي بمدينة غدامس.
وكان الأمين العام للجامعة العربية قد دعا، كافة الأطراف الليبية لضبط النفس وخفض حالة التصعيد الميدانية الناتجة عن التحركات العسكرية الأخيرة في المناطق الغربية من البلاد، والالتزام بالمسار السياسي باعتباره السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة في ليبيا، والعودة إلى الحوار الهادف للتوصل لتسوية وطنية خالصة لإخراج البلاد من الأزمة التي تعيشها.
وتمر ليبيا بأزمة سياسية عسكرية مستمرة، منذ العام 2011م، حيث يتنازع على السلطة حاليًا طرفان، هما؛ حكومة الوفاق المدعومة دوليًا، بقيادة فائز السراج، والطرف الثاني، حكومة شرق ليبيا المؤقتة، والتي يدعمها مجلس النواب المنعقد في مدينة طبرق.