محلي

بشهادات للتاريخ.. الذكرى الثامنة لقصف رتل سيف الإسلام القذافي في وادي زمزم تفضح عملاء الناتو ومدعي حقوق الإنسان

أوج – بن وليد
ينص القانون الدولي الإنساني على أن المدنيين في كل الظروف والأحوال يجب أن تُوفر لهم الحماية، وأن يُعاملوا معاملة إنسانية دون أي تمييز، بل إن الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي كثيرًا ما يلوحان ويهددان بالعقوبات الدولية ضد ما تشهده بعض مناطق النزاع والحروب تجاه المدنيين، ويشددان على حمايتهم ضد كل أشكال العنف والمعاملة المهينة بما فيها القتل والتعذيب، ويكفلا لهم حال محاكمتهم، الخضوع لمحاكمة عادلة توفر لهم جميع الضمانات القضائية الأساسية.
لكن الغرب الذي طالما تغنى بالقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، لا يكيل بمكيالين فقط، فربما كان لديه عشرات المكاييل التي تعتمد فقط على المصالح، وربما في بعض الأحيان على الانتقام ممن نغصوا عليه مخططات التقسيم والتخريب واستنزاف الثروات في أوقات سابقة، فقوات حلف شمال الأطلسي “الناتو” التي رفعت شعارات؛ حرية الشعوب، وحماية المدنيين، لم تتوان منذ ثمان سنوات في مثل هذا اليوم، 17 التمور/أكتوبر 2011م، عن قصف موكب الدكتور سيف الإسلام معمر القذافي، ورفاقه المدنيين الذين هموا بالانتقال من مدينة بني وليد إلى مدينة سرت، وذلك بعدما اشتدت الضربات والقصف على بني وليد.
ووفق شاهد عيان، نجا من القصف، أن الدكتور سيف الإسلام، قرر الخروج من مدينة بنى وليد عقب تكثيف ضربات حلف الناتو على المدينة، وأثناء مرورهم بمنطقة وادي زمزم، توقف الموكب الذي تكون من تسع سيارات مدنية، على متنها 30 مرافقًا كلهم مدنيين، ما عدا شخصين عسكريين، لكنهما لا يحملان أية أسلحة”.
وأضاف الشاهد: “أثناء توقف الموكب، وعقب غروب شمس يوم 17 التمور/أكتوبر 2011م، رصدت طائرات حلف الناتو، السيارات التي تخفت تحت أشجار الطلح بوادي زمزم، ونزل من كان بها لأخذ قسط من الراحة واستطلاع الموقع، فأطلقت طائرة بدون طيار تابعة للناتو الصاروخ الأول ثم الثاني الذي استهدف سيارة الدكتور سيف الإسلام، مما أدى إلى إصابته بشظية نتج عنها قطع أطراف يده اليمنى واصابته في جنبه، ثم تبعهم قصف طائرات نفاثة”.
ووفق الشهود، كان الشهيد فرج محمد بن نيران القذافي، الذي أصاب أول صاروخ انطلق من طائرات الناتو الغاشم سيارته، أُصيب على إثرها إصابة بالغة، وبعدها بثوان معدودة أصاب الصاروخ الثاني سيارة سيف الإسلام التي كان خارجها، فأصيب في يده اليمنى، إلا أنه اتجه لإسعاف الشهيد فرج، الذي لاحظ إصابة سيف الإسلام، فقال له: سيدي أنت تنزف بشدة فخذ قميصي لتضمد به جراحك”.
واستكمل الشاهد: “حُمل الشهيد فرج بن نيران، رفقة جرحى آخرين، حيث ساهم سيف الإسلام في وضعهم بسيارة لنقلهم لأقرب مكان لإسعافهم، لكن صواريخ الناتو كانت أقرب واستشهد جميع الجرحى بما فيهم فرج بن نيران، كما تحول سائق السيارة، عبد الرحيم الشيبونية، إلى هيكل عظمي جراء القصف”.
وتابع الشاهد: “توالت الضربات الجوية المكثفة على الموكب، حتى تم تدميره بشكل كامل، فاستشهد في هذه الغارة 27 شهيدًا”، مؤكدًا أن الموكب لم يكن يهدد حياة المدنيين حتى يكون سببًا لاستهدافه.
وواصل: “لم ينج من الاستهداف سوى ثلاثة مرافقين، في الوقت الذي كانت فيه يد الدكتور سيف الإسلام تنزف، وبعد توقف الضربات، وفي صباح اليوم التالي توافد أهالي المنطقة القاطنين بجوار مكان الاعتداء لاستطلاع آثار الضربات الجوية، وعندها وجدوا الدكتور سيف الإسلام مصابًا وتم علاجه بطرق بدائية أولية، فقرر الانتقال إلى مدينة سرت لغرض العلاج فلم يستطع”.
واستكمل الشاهد: “انتقل سيف الإسلام إلى سبها والشاطئ، وأثناء وجوده بمدينة الشاطئ للعلاج تم الاتفاق مع بعض أهالي المنطقة من أجل الترتيب للانتقال إلى الجنوب الليبي بمثلث سلفادور، لاستقدام طبيب من النيجر ليلتقي به في المثلث الحدودي لتلقي العلاج”.
وكشف أحد أفراد كتيبة أبوبكر الصديق، فضل عدم ذكر اسمه أنه في يوم 19 الحرث/نوفمبر 2011م، قرر سيف الإسلام الخروج برفقة سيارتين مدنيتين وأثناء مرورهم على منطقة الرملة بأوباري التقي بكتيبة أبوبكر الصديق، وأفصح لهم عن هويته وبعد التعرف على شخصيته طلب منهم قتله إذا أرادوا ذلك، قائلاً: “قلنا له نحن لن نقتلك.. بل إن أحدنا قال له نصاً: نحن نموت دونك.. ما يطق فيك حد ونحن حيين.. والحمد لله نجوت من القوم الظالمين.. ونحن سنعالج جراحك”.
وأكد أنهم نقلوه لمستشفى ميداني، وأحضروا أطباء وتخدير، وبأقل الإمكانات تم معالجة إصابته، نافيًا صحة الشائعات المتداولة بأنهم قطعوا أصابعه، مؤكدًا أنهم لم يعتدوا عليه إطلاقًا.
وتضمنت قائمة شهداء رتل زمزم 27 شهيدًا تحصلت “أوج” منهم على ما يلي:
1 محمد مصباح الجروشي العماري
2 عماد القذافي محمود اطبيقة
3 أحمد امحمد الطبولي
4 عبدالرحيم حمد الشيبونية
5 أحمد محمد يونس الفقهي
6 حسين ميلاد الفقهي
7 خالد صالح المحجوب الفايدي
8 فرج أحمد بن نيران القذافي
9 مفتاح صالح أبو شناف الطبولي
10 معمر صالح أبو شناف الطبولي
11 عبدالحميد الدكام الطبولي
12 موسى هيبلو الزليتيني
13 هشام محمد عمر الطبولي
14 عوض عبد الستار الفايدي القذافي
15 حمزة كامل مصباح
16 ربيع مسعود الغليظ
17 حمزة عبدالسيد
18 أحمد محمد عبدالسلام العلاقي ذو الـ17 ربيعًا
19 أبوعجيلة عمران
20 مروان الزليطني
21 محمد العماري
22 محمد التاورغي
23 يحيى التاورغي
24 محمد أبوشعفة
25 حسن غيث مفتاح الجديد المقرحي
26 دخيل أبو كراع الورفلي
27 أحمد محمد الزرقي
وكشف الشخص الذي أخرج الدكتور سيف الإسلام من مكان القصف إلى مدينة زمزم، في تصريحات خاصة لـ”أوج”، والذي فضل عدم ذكر إسمه لدواعي أمنية، أنه كان يمر على الطريق بجوار الوادي، في اليوم التالي للقصف، وفي حدود الساعة العاشرة صباحًا يوم 18 التمور/أكتوبر 2011م، مشيرًا إلى أنهم كانوا قد سمعوا قصف الرتل بالقرب من “فسقية السد” بوادي زمزم، فجاءوا لمعرفة ماذا حدث؟
وأضاف: “رأيت شخص ظهر ثم اختفى خلف إحدى الأشجار، فقلت لمن معي، فلما اقتربنا، وجدناه مصاب بشظية في أحد أضلاعه وأخبرنا أنهم كانوا مجموعة خرجوا من بني وليد وقصفهم الناتو، وقلنا له أننا من ورفلة من زمزم، فقال لنا إن معنا الدكتور، فظننت أنه يقصد الدكتور موسى إبراهيم، ثم توجهنا معه إلى المصابين فوجدنا الدكتور سيف الإسلام القذافي، ومعه شخصين؛ ترهوني، وزليطني، ثم جاء ثالث تاورغي، فكل من بقي من رفاقه هؤلاء الأربعة”.
وتابع: “هنا من يكذبون ويقولون بأن من عثروا على الدكتور سيف الإسلام هم من قطعوا أصابعه، لكن الحقيقة أن شظية من قصف الناتو هي ما أصابت يد الدكتور سيف الإسلام”.
واستكمل: “وجدنا ما يقرب من 29 شهيدًا في موضع القصف، والجرحى في حدود 4 أشخاص، وقامت مجموعة من زمزم بنقل الشهداء في نفس اليوم، وقبل مغرب 18 التمور/أكتوبر 2011م، تم دفنهم في منطقة الغرانية في زمزم”، مضيفًا: “علمت أنه ليلة القصف جاء بعض الأشخاص ممكن كانوا يعلمون بقدوم الرتل ولما وجدوا القصف حركوا الدكتور سيف الإسلام بعيدًا عن القصف ناحية الشجرة، وأعطوه الماء ليشرب فقال لهم: إذا كنتم تريدون المروءة فاسقوا رفاقي الجرحى وكأنني شربت”.
وواصل: “هؤلاء الأشخاص أيضًا الذين جاءوا لاستقبال الرتل، تم قصف سيارتهم، وبقي هذا الشخص الذي سقاهم فقط، وهو الزليطني الذي كان مع الدكتور سيف الإسلام عندما وصلت إليه”.

مقبرة زمزم التي دفن فيها شهداء موكب سيف الإسلام المدني

وأردف: “عندما أخذت الدكتور سيف الإسلام، ورفاقه الثلاثة في السيارة إلى زمزم، سألني الدكتور سيف الإسلام عن زمزم وأوضاعها، وقال أريد أن أذهب إما إلى سرت أو سبها أو الجفرة، باعتبار أن بهم مستشفيات، فأخبرته أن سبها استُبيحت، والجفرة كذلك، والحصار قائم حول سرت ويتم قصفها، لكن أفضل شيء أمنيًا أن نذهب للشويرف، لكننا لم نذهب إليها، لأن الميليشيات توافدت على موضع ضرب الرتل من مصراتة وصبراتة، وغيرها، والغريب أن جميعهم جاءوا بإحداثيات على موضع الضرب”.
واستطرد: “أحد أرتال الميليشيات التي جاءت كان بها مهندس مصري، ومعه حاسب محمول، ومعه إحداثيات، وأخذ يحركهم لنحو حوالي 10 كيلو مترات، حيث كان يعتقدون وجود إحدى الآليات العسكرية”.
وقال الشخص الذي أخرج الدكتور سيف الإسلام: “وصلنا إلى زمزم وأنزلنا الدكتور سيف الإسلام في روضة الحاج سالم في زمزم، وأخبرته أنه في أمان معنا، فترك الأمر لنا وأعلمت أهل الثقة فقط وأحضرنا أحد الأشخاص لعلاجه بما يستطيع، وبقى 8 أيام في زمزم حيث انتقل سيف الإسلام إلى جارف، ومنها إلى الغربيات ثم إلى سبها، ورفاقه اتجهوا إلى ترهونة”.
وأضاف: “كنا نجلس مع الدكتور سيف الإسلام، قبل مغادرته زمزم، يوم 18 التمور/أكتوبر 2011م، ونستمع للتلفاز، ورأينا خبر عاجل على قناة الجزيرة القطرية بأنه تم القبض على سيف الإسلام القذافي جنوب زليتن وهو يفر من بني وليد، ثم تناولت الخبر المذيعة خديجة بن قنة، مع فيديو مفبرك من الزاوية، وأذاعوا هذا الخبر مرة واحدة، وأجروا مداخلة هاتفية مع آمر كتيبة ثوار زليتن، ليؤكد أنه قام بالقبض على سيف الإسلام”.
وتابع: “رغم كل الأكاذيب التي روجت عن حقائب الذهب والمجوهرات والأموال، إلا أننا عندما وجدنا الدكتور سيف الإسلام القذافي لم يكن معه أي شيء، ولم يكن معه سوى زجاجة عطر تباع في المحلات بدينار ونصف، ولم يكن مع الزليطني سوى مبلغ لا يتجاوز من 500 إلى 700 دينار، فكل ما يتردد عن دفع سيف الإسلام لأي أموال مقابل إطلاق سراحه كذب فأنا أول من رأيته ومن أخرجته”.
وواصل: “أحد الأشخاص وجد هاتف الثريا الذي كان مع الدكتور سيف الإسلام، وأشعل فيه النيران في منزله، فجاء رتل من الميليشيات لمحاصرة المنزل بعد أن جاءتهم إشارة من الناتو بأنه ربما يكون موجود في هذا المكان، فلم يجدوا سوى الهاتف المحروق، الذي التقطوا إشارته”.
وحصلت “أوج” على شهادة حصرية لأحد رفاق الدكتور سيف الإسلام القذافي، أثناء قصف الناتو للرتل، الذي التقاه في مستشفى بني وليد ثم رافقه بعد ذلك، فأكد أن المقاومة ظلت في بني وليد لمدة شهرين، قائلاً: “يوم 16 التمور/أكتوبر 2011م كان يومًأ عنيفًا، حيث هاجمنا الناتو وعملائه من 5 محاور تحت قصف الطيران، فانقسمنا لمجموعتين، وانقطع الاتصال، وكنا في إحدى المجموعات التي تتكون من 60 إلى 70 شخص ومعنا الدكتور سيف الإسلام، فقررنا الخروج باتجاه الجنوب لضعف إمكانياتنا”.
وأضاف: “يوم 17 التمور/أكتوبر 2011م، خرجنا وكنا 13 سيارة بحوالي 62 شخص، وكان معظمنا شباب مدنية وطلاب من مختلف مناطق ليبيا، ونزلنا بوادي زمزم بعد أن فقدنا سيارتين في الطريق نتيجة أعطال، فأصبحنا 11 سيارة، وأقمنا عند “فسقية السد”، حيث كان الجميع مرهق ومنهم المصاب، حيث وصلنا الساعة 2.30 ظهرًا، وخرجت سيارتين منا واحدة لتأمين المنطقة والأخرى توجهت لمنطقة أخري، فأصبحنا 9 سيارات”.
وتابع: “كان الناتو يرصدنا منذ خروجنا من بني وليد، فلم يكن في المقاومة غير سرت وبني وليد، ويعرفون أن بني وليد بها الدكتور سيف الإسلام، وسرت بها الشهيد المعتصم بالله معمر القذافي، وفي حدود الساعة التاسعة مساء وبمجرد بدء الاستطلاع بدأ القصف المتواصل، ومنا من كان نائمًا في السيارات أو تحت الأشجار، أحد الصواريخ استهدف سيارة سيف الإسلام الذي كان بالمصادفة على بعد أمتار منها”.
وواصل: “أصيب الدكتور سيف الإسلام في يده، وأدت تلك الإصابة لبتر أصابعه وفي جانبه إصابة خفيفة، واستشهد 27 شهيد، واستمر القصف حتى الساعات الأولى من النهار، وجاء الناس في تلك الساعات لإسعاف الجرحى والمصابين، وحضر الناس ولا زالت الطائرات تحوم حول المكان، والغريب أن كانت لدينا إحدى السيارات التي غنمناها مكتوب عليها حرف N والذي غالبًا ما يضعه عملاء الناتو على سياراتهم، وهي السيارة الوحيدة التي لم يتم قصفها، وظلت موجودة حتى جاء العملاء في اليوم التالي وأخذوها”.
واستكمل: “كان هناك 7 من جثث الشهداء متفحمة و20 عرفناهم من ملامح الوجه أو علامة في الجسد، وتم دفنهم بوادي زمزم، وعولج الدكتور سيف الإسلام بإمكانيات بسيطة، وبقينا في وادي زمزم حوالي 8 أو 9 أيام، وحوصرت المنطقة بعملاء مصراتة وغيرهم الذين وصلت بهم الدرجة للرغبة في استخراج جثامين الشهداء للاطلاع عليهم ليروا ما إذا كان سيف الإسلام حيًا أم ميتًا، لكن أهل المنطقة تصدوا لهم، فبدأوا في تفتيش المنطقة بحثًا عنه، لكنه خرج واتجه للجارف ومنها إلى سبها، ثم وادي الشاطئ، وتم التنسيق مع شخص اسمه الحرماني، خبير بالصحراء ليأخذه للعلاج”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى