محلي
في ذكرى استشهاده.. سياسي أمريكي: شبح القذافي لازال يطارد صناع السياسة في الولايات المتحدة بخطأ الناتو
قال المدير السابق للجنة الفرعية التابعة لمجلس النواب الأمريكي حول أفريقيا، وأقدم مستشاري الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية للحوكمة في إفريقيا، ستيفن وايزمان، إنه قبل ثماني سنوات من اليوم، تعرض موكب الزعيم الليبي الراحل، معمر القذافي، لهجوم من طائرة استطلاع أمريكية وطائرة فرنسية، مشيرًا إلى أنه بعد الخروج من الحطام، تم القبض على القذافي من قبل المتمردين المدعومين من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، وتعرض للضرب والتعذيب، ومن ثم التصفية.
وأضاف وايزمان، في مقالة له نشرتها صحيفة “ذا هيل” الأمريكية، طالعتها وترجمتها “أوج”: “في واشنطن، احتفل صانعو السياسة من الحزبين السياسيين الديمقراطي والجمهوري، بنجاح تغيير النظام الذي تقوده الولايات المتحدة، بدعوى حماية حقوق الإنسان والديمقراطية، لكنهم كانوا خاطئين في تقييمهم”.
وتابع أستاذ العلوم السياسية بجامعة تكساس وفوردهام وليبر دو كونغو: “من المعترف به على نطاق واسع اليوم أن ليبيا الجديدة سرعان ما خضعت لحكم الميليشيات الخارجة عن القانون وانحدرت إلى حرب أهلية جديدة وأزمة اللاجئين التي تستمر إلى اليوم”.
ولفت وايزمان، إلى أن القليل من صانعوا السياسة الأمريكيين يقدرون الضرر الذي ألحقه تدخل الولايات المتحدة بالمصالح القومية الأمريكية الكبيرة، المتمثلة في؛ مقاومة التطرف الإسلامي، إدارة العلاقة المعقدة مع روسيا المسلحة نوويًا، وتعزيز عدم الانتشار النووي في إيران وكوريا الشمالية.
وواصل: “إذا كان شبح القذافي حاضرًا في عيد الهالوين هذا، فقد تسمع صوته مكتومًا، ومن ثم يجب تطبيق الدروس المستفادة من المغامرة الأمريكية في تغيير النظام في ليبيا، على سياسات اليوم في أماكن مثل إيران وسوريا وفنزويلا وكوريا الشمالية”.
واستكمل أستاذ العلوم السياسية: “رسميًا، قُتل ما يتراوح بين 12000 و30000 ليبي خلال تدخل الناتو المباشر عام 2011م، كما مات الآلاف من الليبيين واللاجئين منذ ذلك الحين بسبب عنف الميليشيات، وتجدد الحرب الأهلية، وكذلك مع انهيار ضوابط الهجرة الساحلية، والغرق على الطريق البحري إلى أوروبا”.
وأردف: “يتحمل صانعو السياسة الأمريكيون وغيرهم من المسؤولين الغربيين مسؤولية كبيرة عن هذه النتائج، ومع إيلاء القليل من الاهتمام للواقع السياسي الليبي والتجربة التاريخية، ظهرت قيادة متمردة حديثة ذات سيطرة ضعيفة على المقاتلين اللامركزيين لحكم بلد لم يكن عمره سوى 60 عامًا، مع وجود مؤسسات وطنية ضعيفة، ولا يوجد تاريخ للانتخابات الحرة، والتوترات الإقليمية والقبلية القوية وحركة إسلامية طويلة الأمد”.
واستدرك: “هؤلاء المتمردون حصلوا على أسلحة جيش القذافي بعد تدخل الناتو وحدوث الفوضى التي تلت ذلك، فظهرت تلك الأسلحة التي حملها المقاتلون المتطرفون الإسلاميون، إلى شمال وغرب إفريقيا والشرق الأوسط، ما عزز الجماعات الجهادية في تلك المناطق”.
وأشار وايزمان، إلى أن مجموعتان مسلحتان استحوذتا بسرعة على نصف دولة مالي، لافتًا إلى أن القوات الفرنسية والأفريقية وقوات الأمم المتحدة تحارب الجهاديين هناك اليوم.
وقال وايزمان: “ربما كان التأثير الأكثر ضررًا للتدخل الليبي هو تمزيق الشبكة الهشة للتعاون الأمريكي – الروسي التي أنشأتها سياسة إعادة ضبط إدارة أوباما، حيث عملت واشنطن وموسكو سويًا لمكافحة الإرهاب الدولي في أفغانستان، وقللت من خطر نشوب حرب كارثية من خلال معاهدة ستارت الجديدة للحد المتبادل من الأسلحة النووية الاستراتيجية التي تنتهي في 2021، وتعزيز عدم انتشار الأسلحة النووية من خلال عقوبات الأمم المتحدة ضد إيران وكوريا الشمالية والتفاوض بشأن الاتفاق الدولي لمنع “الاختراق” الإيراني، لكن الولايات المتحدة واصلت في الوقت نفسه انتقادها القوي لاستبداد روسيا المتزايد”.
وأضاف: “الولايات المتحدة حطمت تأكيد الرئيس أوباما الشخصي للرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف بأن التدخل المصرح به من قبل الأمم المتحدة في ليبيا من شأنه أن يحمي المدنيين المهددين بالهجوم، وليس تأثير تغيير النظام الذي تخشى روسيا عن حق، من أن يطلق العنان للفوضى والتطرف الإسلامي”.
وتابع: “ميدفيديف، الذي امتنع عن استخدام حق النقض ضد قرار الأمم المتحدة، انزعج من هذه الخيانة، ورداً على ذلك، اعترضت روسيا على قرار الأمم المتحدة الذي يهدد الحكومة السورية بعقوبات اقتصادية ودبلوماسية، وليس القوة العسكرية، لقمع المتظاهرين المدنيين بعنف”.
وواصل: “إن الحل الفوضوي للإجماع الدولي بشأن ليبيا قد وضع جدولاً لحرب بالوكالة في سوريا، مما جعل الولايات المتحدة وحلفائها العرب ضد روسيا وإيران وحزب الله، حيث قال بوتين في الطير/أبريل 2014: كما تعلمون، ليس الأمر أن إعادة التعيين قد انتهت الآن، بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، فالأمر انتهى في وقت سابق، مباشرة بعد الأحداث في ليبيا”.
واستكمل أستاذ العلوم السياسية: “لقد أدى تغيير النظام الأمريكي في ليبيا والحرب بالوكالة في سوريا إلى تجميد سياسة إعادة التعيين؛ فالعدوان الروسي في أوكرانيا والتدخل في الانتخابات الأمريكية 2016 قتل هذه السياسة”.
وأردف: “لم يخفق صانعو السياسة في الولايات المتحدة في توقع رد فعل روسيا على حملة الناتو فحسب، بل قللوا من تقدير تأثيرها على أهدافهم المتعلقة بعدم الانتشار النووي”.
واستدرك: “لقد ضحى القذافي ببرنامجه الناشئ للأسلحة النووية لاستئناف الانخراط الدبلوماسي والاقتصادي الغربي، وفجأة أطاح الناتو بنظامه”.
وكان المسؤولون في إيران وكوريا الشمالية فهموا صراحةً الدرس الواضح بأن التخلي الكامل عن جهودهم النووية قد يؤدي إلى الإطاحة بحكوماتهم برعاية غربية.
وفي وقت لاحق، تعرض مستشار الأمن القومي السابق للرئيس ترامب جون بولتون، الذي دفع كوريا الشمالية لنزع السلاح النووي، لانتقادات شديدة بسبب الإشارة غير الواضحة إلى “النموذج الليبي”، ومع ذلك، كان يرفع تحذيرًا تدركه كوريا الشمالية بالفعل تمامًا.
واختتم وايزمان: “تحتوي قصة الأشباح هذه على تحذيرات شديدة لصانعي السياسة الذين يفكرون في العمل العسكري أو التدابير الاقتصادية القاسية لتحل محل الأنظمة، فالمبرر الأخلاقي والسياسي ليس كافيًا، فيجب أن تعرف على تاريخ البلد المستهدف والواقع السياسي، والأهم من ذلك كله، توسيع حساب التفاضل والتكامل الخاص بك لفهم مجموعة واسعة من المصالح الأمريكية التي قد تتعرض للخطر”.
وقبل ثماني سنوات نفذت فرنسا مخططها مع دويلة قطر، للتخلص من القائد الشهيد، وأظهرت الأدلة والوثائق تورط تنظيم الحمدين في تمويل ودعم المليشيات الإرهابية وجماعة الإسلام السياسي، لنشر الفوضى في البلاد.
وبدأ سيناريو التدخل القطري الفرنسي لتدمير ليبيا، ليس فقط بإثارة الفتن في البلاد، بل أيضا بدعم التدخل العسكري لحلف شمال الأطلسي “الناتو”، وصولا إلى القصف العنيف والعشوائي على سرت واغتيال القائد في الـ20 من شهر التمور/ أكتوبر 2011م.
وتمر ليبيا بأزمة سياسية عسكرية مستمرة، منذ العام 2011م، حيث يتنازع على السلطة حاليًا طرفان، هما؛ حكومة الوفاق المدعومة دوليًا، بقيادة فائز السراج، والطرف الثاني، حكومة شرق ليبيا المؤقتة، والتي يدعمها مجلس النواب المنعقد في مدينة طبرق.