محلي
من منصة الأمم المتحدة.. السراج يطالب بلجنة أممية لتوثيق “جرائم حفتر” ووضعه على قائمة العقوبات الدولية
أوج – طرابلس
اتهم رئيس المجلس الرئاسي المنصب من المجتمع الدولي، فائز السراج، مصر والإمارات وفرنسا، بالتدخل في شؤون ليبيا ودعم خليفة حفتر.
وقال السراج، إن ما شجع “مجرم الحرب على العدوان على العاصمة طرابلس”، هو ما تحصل عليه من دعم عسكري ومالي من بعض الدول على مدى سنوات، في انتهاك صارخ لقرار مجلس الامن الدولي بحظر التسلح.
وأعرب السراج، خلال كلمته أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة، أمس الأربعاء، تابعتها “أوج”، عن أسفه إزاء تدخل دولة الإمارات، المباشر في شؤون ليبيا ودعم العدوان، عندما سمحت بأن تكون أراضيها منصة إعلامية للمعتدي وقياداته، ليشن منها خطاب الكراهية والتحريض على سفك دماء الليبيين.
واستكمل متهما الدول بدعم حفتر، مبرزا العثور على صواريخ جافلين، التابعة لفرنسا بعد استعادة مدينة غريان مركز قيادة عمليات الكرامة.
وأوضح أن جمهورية مصر العربية، “تصر” على التدخل في شؤون البلاد وتعطي الليبيين دروسا في أسس الديمقراطية والدولة المدنية والاقتصاد وكيفية توزيع الثروات، مستنكرا هذه التصرفات، الداعمة لمجرم الحرب، والمساندة للمنقلبين على الحكومة الشرعية، والذي يعتبر خرقا صارخا لقرارات مجلس الأمن بالخصوص، على حد تعبيره.
وشدد على الاستمرار في ما أسماه “ردع المعتدي ودحره”، مهما كان حجم الدعم المقدم له، ونحمل من يسانده المسؤولية الأخلاقية والقانونية لذلك.
وحمل رئيس المجلس الرئاسي، حفتر مسؤولية اختفاء النائبة سهام سرقيوة، معتبرا أنه تغييبا قسريا، معددا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان التي تحدث في المناطق التي يسيطر عليها حفتر، وتشمل القتل خارج نطاق القانون، ومصادرة الرأي الآخر، والقضاء على المعارضة السياسية.
واستفاض في ذكر خسائر الحرب في طرابلس وما حولها في الرابع من الطير/ أبريل الماضي، فقال إن الخسائر لا تعوض في أرواح الشباب الليبي، تقدر بنحو ثلاثة آلاف حتى الآن، فضلا عن عمليات نزوح واسعة لمئات الآلاف من مناطق القتال، كما ارتكبت القوات المعتدية العديد من الانتهاكات الموثقة، والتي تعتبر وفقا للقانون الدولي جرائم حرب، مثلما حدث في طرابلس وضواحيها وفي مدينة مرزق، من قصف عشوائي للأحياء السكنية واستهداف المطارات المدنية، وقصف المستشفيات والأطقم الطبية وسيارات الإسعاف، والبنية التحتية، وتجنيد الأطفال.
وجدد طلبه بوضع خليفة حفتر على قائمة العقوبات الدولية، ومحاسبة داعميه وملاحقتهم قانونياً لما ساهموا فيه من قتل ودمار، كما طالب الأمم المتحدة بضرورة الإسراع في إرسال بعثة أممية لتقصي الحقائق لتوثيق هذه الانتهاكات الجسيمة، داعيا المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية أن تسرع في تحقيقاتها بالخصوص.
واستطرد: “يجب أن يمثل المنطقة الشرقية نخبة من المفكرين والسياسيين والفعاليات الاجتماعية، لتساهم مع ممثلي المناطق الأخرى في مسار الحل السياسي التوافقي، الذي يضمن الحقوق، والتبادل السلمي للسلطة، في إطار الدولة المدنية الحديثة”.
ورحب بقرار مجلس الأمن الصادر في 13 الفاتح/سبتمبر الجاري، الخاص بتمديد مهمة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، والذي أكد الاستمرار في الاتفاق السياسي، ووقف التعامل مع الأجسام الموازية، واستكمال العملية الدستورية وتنظيم الانتخابات.
وأكد في هذا الصدد على موقف حكومته من مسألة الحوار والعودة للمسار السياسي، التي يجب أن تكون وفق آليات جديدة، وأن تأخذ في الاعتبار المعطيات التي أفرزها الاعتداء بعد الرابع من الطير/أبريل الماضي، مشددا على أنهم لن يجلس مجدداً مع “مجرم الحرب حفتر”، فهو ليس شريكا للسلام.
وفي سياق الرد على الاتهامات الموجه للرئاسي، دفع بالقول إن الميزانية المعتمدة لحكومته، يصرف منها على جميع مناطق ليبيا، بعدل وتوازن ودون استثناء أو تهميش، كما تدفع منها رواتب جميع العاملين بالدولة الليبية، بعكس ما يحاول تسويقه البعض، من التفرقة بين منطقة وأخرى.
واتهم الحكومة المؤقتة، بارتكاب تجاوزات مالية “خطيرة”، خاصة ما يتعلق بطباعتها للعملة خارج سلطة ونظام إصدار العملة، محذرا من محاولات بيع النفط الليبي خارج نطاق الشرعية، فالنفط هو ثروة جميع الليبيين، وتقع مسؤولية إدارته على عاتق المؤسسة الوطنية للنفط، ولحكومة الوفاق وحدها سلطة الإشراف على المؤسسات المالية والاقتصادية للدولة.
ودعا إلى تكليف لجنة فنية من المؤسسات الدولية المتخصصة وتحت إشراف الأمم المتحدة، لمراجعة أعمال المصرف المركزي في طرابلس وفرع المركزي في البيضاء.
كما أفاد السراج، بتحسن الوضع الأمني، ما شجع البعثات الدبلوماسية على العودة للعمل من طرابلس، وكذلك احتواء جُل التشكيلات المسلحة، مبرزا أنه وضع برنامجا وآليات لجمع السلاح، ودمج عناصر التشكيلات المسلحة في مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية، وتوفير فرص العمل والتأهيل لمن يرغب الاندماج في الحياة المدنية.
وأثار مسألة الهجرة غير الشرعية، مؤكدة أن “العدوان” فاقم من استفحال هذه الظاهرة، بقصفها مركز إيواء للمهاجرين والذي أدى إلى مقتل وجرح العشرات بينهم نساء وأطفال، في ظل صمت دولي وتهرب من إدانة مرتكب هذه الجريمة البشعة بشكل مباشر.
وأبدى ترحيبه، بالتعاون مع أي جهود إقليمية ودولية لمعالجة هذه الظاهرة، لافتا إلى ضرورة تكاتف الجهود بين الدول كافة سواء دول المصدر أو المعبر أو المقصد، والتركيز على الأبعاد المتعددة للهجرة، وعدم التركيز على البعد الأمني وحسب، والاتجاه إلى تقديم الدعم والمساعدة في تنمية دول المصدر .
وطالب بتوفير الدعم السياسي والعون بما يتناسب وحجم المشكلة وخطورتها، لبناء المؤسسات القادرة على ضبط الحدود والمنافذ، للحد من هذه الظاهرة، والتقليل من مآسيها وتداعياتها الخطيرة، مشيرا إلى أن ما يقدم إليهم لا يذكر مقارنة بما يقدم لدول أخرى، تواجه مشاكل هجرة أقل بكثير مما تتعرض له ليبيا.
وثمن جهود خفر السواحل التابع لحكومته، بما ساهم ولازال يساهم في إنقاذ حياة آلاف المهاجرين في عرض البحر رغم قلة الإمكانيات والحذر المفروض عليهم، وأعرب عن تطلعه في التعاون مع مؤسسات الأمم المتحدة المتخصصة، بما لديها من الخبرة الفنية التقنية في مجال حقوق الإنسان.
وعلى صعيد دولي، أعرب عن قلقه إزاء انتشار أسلحة الدمار الشامل، لاسيما النووية منها، وما يشكله ذلك من تهديد للسلم والأمن الدوليين، مؤكدا دعم حكومته مسألة إصلاح مجلس الأمن، وزيادة عدد المقاعد من الفئتين الدائمة وغير دائمة العضوية، وتعزيز حق الدول غير دائمة العضوية في المجلس، ممن لها الصلة المباشرة بالقضايا المطروحة في المشاركة المباشرة في أعمال المجلس، وشدد على ضرورة الاعتراف بحق القارة الأفريقية في التمثيل الدائم العضوية في مجلس الأمن.
ولفت إلى أنه لم ولن يدخر جهدا لدعم قضية الشعب الفلسطيني، وحقه في إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف، وفقا للمبادرة العربية لحل القضية الفلسطينية.
وذكر بأن ليبيا تدعم كل الجهود الرامية إلى إيجاد تسوية سلمية في كل من سوريا واليمن الشقيقين، لكي تبعد عنهم مخاطر التفكك والانقسام نتيجة الصراع المدمر، وتحقق طموحات شعوبهم في العيش الكريم، في ظل نظام ديمقراطي يحترم القانون، ويصون حقوق الإنسان.
ودعا السراج، جميع الدول “التي يهمها استقرار ليبيا” إلى التعاون مع حكومته، ومع مبادرات الأمم المتحدة، وإلى احترام القانون الدولي، ومساعدة الشعب الليبي على المضي قدمًا على طريق السلام والأمن والتوافق .