محلي
رايتس ووتش: مهاجرون محتجزون عرضة للخطر في اشتباكات طرابلس
أوج – طرابلس
قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن الهجوم الذي شنه مسلحون على طالبي لجوء ومهاجرين في مركز احتجاز في 23 الطير/أبريل، يسلط الضوء على الخطر المتزايد على آلاف المحتجزين، خلال القتال المستمر في طرابلس.
وأوضحت المنظمة في تقرير لها اليوم الجمعة، والذي طالعته “أوج”، أن بعض مراكز احتجاز المهاجرين تقع قرب “قواعد الميليشيات” وهي أهداف سهلة أثناء القتال، لافتاً إلى تقارير غير مؤكدة تفيد بأن “عناصر من الميليشيات المدعومة من حكومة الوفاق”، أجبروا بعض المهاجرين المحتجزين على نقل الأسلحة وتجهيزها.
وطالبت هيومن رايتس ووتش حكومة الوفاق المدعومة دولياً لضمان نقل المهاجرين وطالبي اللجوء المحتجزين لديها بعيدا عن الأذى، والإفراج عن جميع المعتقلين بشكل تعسفي.
وقالت جوديث سندرلاند، المديرة المشاركة لقسم أوروبا وآسيا الوسطى في هيومن رايتس ووتش، أن “آلاف المهاجرين وطالبي اللجوء المحتجزين في ظروف مروعة يجدون أنفسهم محاصرين على الخطوط الأمامية للنزاع أو قربها، وإن أي عنصر من الميليشيات يجبرهم على نقل الأسلحة أو تجهيزها أو صيانتها يفاقم وضعهم المأساوي، وقد يكون ضالعا في جرائم حرب.”
ودعت المنظمة أعضاء الاتحاد الأوروبي والدول الأخرى، لحثّ الأطراف المتصارعة على احترام التزاماتها القانونية، وإبعاد جميع المدنيين الخاضعين لسيطرتها، بمن فيهم المهاجرون المحتجزون، عن المناطق المجاورة للأهداف العسكرية، مؤكدة على ضرورة أن تساعد هذه الدول في ضمان إطلاق سراح جميع المهاجرين أو نقلهم إلى أماكن آمنة في مراكز احتجاز حكومة الوفاق، بما فيها عمليات الإجلاء خارج البلاد.
وأشار التقرير إلى وجود نحو 6 آلاف مهاجر وطالب لجوء محتجزين في مراكز الاحتجاز الليبية، وفق أرقام الأمم المتحدة، منهم أكثر من 3 آلاف شخص معرضين للخطر الناتج عن المعركة للسيطرة على طرابلس.
ولفت إلى أن العديد من مراكز الاحتجاز تقع في الغرب الليبي والتي تديرها ميليشيات مسلحة محلية متحالفة مع حكومة الوفاق، موضحاً أن الميليشيات تحتحز المعتقلين إلى أجل غير مسمى دون مراجعة قضائية، ويتعرضون لخطر الانتهاكات الجسيمة، بما فيها التعذيب، والحرمان من الطعام، والرعاية الطبية، والعمل القسري، والابتزاز، والعنف الجنسي.
وبيّن التقرير أن مسلحين هاجموا المحتجزين في مركز الاحتجاز في قصر بن غشير في 23 الجاري، حيث نقلت “منظمة العفو الدولية” عن المفوضية الأممية للاجئين قولها إن 12 على الأقل من المصابين نُقلوا إلى المستشفى، مشيراً إلى التقارير التي أفادت بأن مهاجمين أطلقوا النار لكنها تختلف حول ما إذا كان أي من المصابين قد أصيب بالرصاص، مضيفاً إنه لم يتضح بعد من الذي نفذ الهجوم.
وأضاف التقرير أن هيومن رايتس ووتش جمعت معلومات مباشرة وبشكل فردي من شخصين قالا إنهما كانا محتُجزين حينها في مركز احتجاز تاجوراء، إحدى ضواحي طرابلس الشرقية، وشخص ثالث قال إنه كان محتُجزا في مركز اعتقال طريق السكة في قلب طرابلس، وتحفظت هيومن رايتس ووتش على أسمائهم لحمايتهم.
وقال المعتقلان في تاجوراء إنه منذ 4 الطير/أبريل، أجبرهما مسلحون مع غيرهما من المحتجزين معهما على إصلاح مركبات عسكرية في منشأة قريبة من الميليشيات، وتحميل الأسلحة وإنزالها وتنظيفها، وقال أحد المحتجزين إن الأسلحة شملت الرشاشات، وتحدث عن إحضاره مع محتجزين آخرين من قبل مسلحين لإنزال الأسلحة في منطقة شهدت قتالا متكررا منذ اليوم الأول من بدء القتال.
وفي معتقل طريق السكة بطرابلس، خزّن أعضاء الميليشيات الأسلحة والذخائر بما فيها الصواريخ المحمولة على الكتف والقنابل اليدوية والرصاص قرب مكان إيواء المحتجزين، وأجبِر المحتجزون على المساعدة في نقلها، بحسب أحد المحتجزين.
وسمعت هيومن رايتس ووتش أحاديث موثوقة من مصادر عديدة بأن الميليشيات المسلحة في طرابلس أجبرت المهاجرين أو طالبي اللجوء المحتجزين على العمل بطريقة مماثلة، خلال القتال السابق بين الميليشيات في ليبيا، خلال شهري هانيبال/أغسطس والفاتح/سبتمبر 2018م.
وأشار التقرير إلى أن أطراف النزاع التي تجبر المهاجرين المحتجزين على التعامل مع الأسلحة، وتخزن الأسلحة في أماكن احتجاز المهاجرين، وتقوم بأنشطة عسكرية في المجمعات التي يحتجز فيها مهاجرون، من المحتمل أن تنتهك قوانين النزاع المسلح، مُذكراً أن استخدام المدنيين كدروع بشرية أو أخذ رهائن تعد جرائم حرب.
وأضاف أن القتال اندلع منذ الرابع من الشهر الجاري قرب عدة مراكز احتجاز، وفقا لمصادر هيومن رايتس ووتش وتقارير الأمم المتحدة، ونقلت المفوضية الأممية للاجئين 300 معتقل على الأقل من مركزَي احتجاز عين زارة وأبو سليم إلى مرفق سكني مؤقت تابع للأمم المتحدة منذ 9 الطير/أبريل، لكنها أعربت عن مخاوفها بشأن المحتجزين عموما، ودعت إلى إطلاق سراح جميع اللاجئين والمهاجرين، وفي 19 الطير/أبري، أجلت المفوضية 163 محتجزا بطائرة إلى النيجر.
وأوضح إنه حتى 24 الطير/أبريل، أفادت تقارير بأن السلطات في مركز احتجاز تاجوراء فتحت أبوابها للسماح للمحتجزين هناك بالمغادرة، حيث نقلت وكالات الأمم المتحدة للاجئين والهجرة حوالي 325 محتجزا من مركز قصر بن غشير، حيث وقع هجوم في اليوم السابق، إلى مركز احتجاز في مدينة الزاوية الساحلية التي تبعد حوالي 45 كيلومترا غرب طرابلس.
وبيّن التقرير إنه من الصعب التحقق من المعلومات حول مراكز احتجاز المهاجرين في ليبيا في أوقات الأزمات، وحتى في الظروف العادية، حيث تسيطر سلطات حكومة الوفاق بإحكام على وصول وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والباحثين الدوليين، مشيراً إلى أن المحتجزين يشعرون بالقلق من التحدث علنا، معللين ذلك بالخوف من الانتقام.
ولفت الى أن قوات الكرامة سيطرت على جزء كبير من شرق ليبيا منذ 2014م فيما أسماه “حملة ضد الإرهاب”، وهو متحالف مع حكومة منافسة لحكومة الوفاق، مضيفاً إنه في 4 الطير/أبريل، تقدمت قواته المعروفة باسم “الجيش الوطني الليبي” في طرابلس بهدف معلن هو الاستيلاء على المدينة.
وقُتل 278 شخصا على الأقل حتى الآن في القتال وأصيب 1,332 شخصا، بينهم 21 و69 مدنيا على الأقل على التوالي، ونزح حوالي 34,975 من منازلهم، وفقا لبيانات الأمم المتحدة حتى 25 الجاري.
وأوضح أن القتال في حال تصاعد منذ 20 الجاري، مع تقارير عن وقوع اشتباكات في الضواحي الجنوبية لطرابلس، تلتها غارة جوية ليلية استهدفت قاعدة للميليشيات، وتقع القاعدة على بعد كيلومتر واحد من مركز السبعة، حيث يُحتَجز مهاجرون وطالبو لجوء حاليا، وفقا لمعلومات هيومن رايتس ووتش.
وأشار إلى إنه منذ سنة 2015م، ساهم الاتحاد الأوروبي في الانتهاكات بحق المهاجرين وطالبي اللجوء في ليبيا من خلال دعمه لحرس السواحل الليبي المتحالف مع حكومة الوفاق، والذين يسلمون كل من ينقذونه أو يعترضونه لمراكز الاحتجاز التعسفية في ليبيا.
في الوقت نفسه، لدى الجماعات المسلحة في غرب ليبيا سجل من الانتهاكات، منها عدم اتخاذ تدابير لحماية المدنيين أثناء القتال، وتهجير الأشخاص قسرا دون حاجة عسكرية، ومنع عودتهم، وأفادت تقارير بأن قوات الكرامة منعت مدنيين من مغادرة مناطق محاصرة، وحرقت منازل ونهبتها، ونفذت إعدامات بإجراءات موجزة.
ولفت التقرير إلى أن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت مذكرة اعتقال بحق القائد في قوات حفتر محمود الورفلي، لدوره المزعوم في قتل 33 شخصا، ومذكرة ثانية لتورطه المزعوم في حادثة أخرى، مشيراً إلى أن مكانه غير معروف.
وطالبت المنظمة جميع أطراف النزاع لاتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لحماية المدنيين، بمن فيهم المهاجرون وآلاف الليبيين المحتجزين تعسفا في مرافق في جميع أنحاء البلاد، والذين قد يتعرضون للخطر أيضا، كما يجب العمل على إبعاد كل من يخضع لسيطرتها، بمن فيهم المحتجزون، عن التعرض لخطر القتال المسلح، والامتناع عن إجبار المهاجرين على المشاركة في الأنشطة أو العمليات العسكرية.
ودعت الاتحاد الأوروبي للعمل السريع، بناءً على تعهد مسؤولة الشؤون الخارجية فيديريكا موغيريني بالمساعدة في إجلاء المهاجرين المحتجزين وطالبي اللجوء من ليبيا، أو نقلهم إلى مناطق أكثر أمانا داخل ليبيا، لافتة إلى إنه بالإمكان أن يشمل هذا الإجراء الإجلاء إلى أوروبا.