أوج – طرابلس
شهدت الساحة الخضراء، بالعاصمة الليبية طرابلس، يوم أمس، تظاهرات ضمت آلاف الليبيين، الذين ارتدوا سترات صفراء، منددين بهجوم قوات الكرامة على طرابلس، معربين عن غضبهم من موقف فرنسا الداعم لقائد قوات الكرامة، خليفة حفتر.
وحمل المشاركين في التظاهرة صورًا لخليفة حفتر، كُتب عليها عبارة “مطلوب”، وصورًا أخرى للعاهل السعودي، سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وللرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، مشطوبة باللون الأحمر.
وقام المتظاهرون، بحرق علم فرنسا، وصور رئيسها، إيمانويل ماكرون، بعد أن داسوها بالأقدام، معربين عن تنديدهم بالمواقف الفرنسية والسعودية والمصرية، متهمين تلك الدول بدعم خليفة حفتر.
وكان المؤيدون للقوات الموالية لحكومة الوفاق المدعومة دوليًا، خرجوا في تظاهرة مماثلة، يوم الثلاثاء الماضي، منددين بتلك المواقف.
وكان المؤيدون للقوات الموالية لحكومة الوفاق المدعومة دوليًا، خرجوا في تظاهرة مماثلة، يوم الثلاثاء الماضي، منددين بتلك المواقف.
موقف غير واضح تجاه أمريكا
فيما لم تُشر التظاهرات، من قريب أو بعيد، للموقف الأمريكي، الذي أعلن قبل أيام دعمه لخليفة حفتر، ودعمه للدور الذي يقوم به من حرب على الإرهاب، حيث تلقى حفتر اتصالاً هاتفيًا من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، للتأكيد على هذا الدور، لتتوالي بعد ذلك التصريحات الأمريكية الداعمة لقوات كرامة.
وكان خليفة حفتر قد قام بزيارة إلى السعودية التقى خلالها بالعاهل السعودي وولي عهده محمد بن سلمان، قبيل هجومه على طرابلس، في حين أكد الرئيس المصري على الدور المهم لقوات الكرامة بمحاربة الإرهاب ودحر التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة من ليبيا، عقب زيارته إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث التقى بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، وتلقى بعدها خليفة حفتر اتصالاً من ترامب والذي أشاد بدوره على أهمية العمليات التي تقوم بها قوات الكرامة في مجال محاربة الإرهاب.
فرنسا والوفاق على وفاق
على جانبٍ آخر، نفت فرنسا دعمها لقوات الكرامة، في هجومها على العاصمة الليبية طرابلس، عقب قرار رسمي لوزير الداخلية بحكومة الوفاق المدعومة دوليًا، فتحي باشاغا، بوقف التعامل مع الدولة الفرنسية، حيث قامت سفيرة فرنسا لدى ليبيا، بزيارة لرئيس المجلس الرئاسي المُنصب من المجتمع الدولي، فائز السراج، أكدت خلالها على دعم بلادها لحكومة الوفاق.
ورأى كثير من المراقبين، أن فرنسا كانت دومًا وحتى اللحظة، تؤكد أنها في صف حكومة الوفاق، والتي لاقت شكرًا وتقديرًا من مسئوليها، ومن الجماعات المسلحة عقب الإطاحة بالنظام الجماهيري، حيث يشار الى أن الساحة الخضراء شهدت تظاهرات عدة، أعرب من خلالها المشاركون عن شكرهم وامتنانهم لفرنسا، ورئيسها السابق، نيكولا ساركوزي، والذي كان رأس حربة إلى جانب حلف شمال الأطلسي بقصف ليبيا وقتل أبنائها وإسقاط نظامها الشرعي.
وشهدت مناطق عدة من ليبيا، تظاهرات مماثلة عام 2011م، وكانت أبرزها في مدينتي بنغازي ومصراته، وحيث تفنن المشاركون بأساليب الشكر والامتنان لفرنسا يومها، معبرين عن امتنانهم لفرنسا وساركوزي، بارتداء ملابس تجسد العلم الفرنسي، ورسمت بعض النسوة العلم الفرنسي على وجوههن وحملنّ لافتات كتب عليها عبارة “شكراً فرنسا، شكراً ساركوزي”، كما عبر الكثيرين يومها عن شكرهم بالدموع.
وأفادت شبكة “بي بي سي” البريطانية، أن الساحة الخضراء قد شهدت عقب الإطاحة بالنظام الجماهيري عام 2011م، احتفالات لليبيين يهتفون ويرددون: “ليبيا حرة.. شكرًا ساركوزي.. شكرًا أوباما”، مشيرة إلى أن أحد “الثوار” قال: “نريد أن نقول شكرًا لساركوزي، وللفرنسيين الذين كانوا الأوائل، قبل الأميركيين في دعم الليبيين”.
وكشفت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، أن “الثوار الليبيين”، أعربوا عن عميق امتنانهم تجاه فرنسا وذلك بعد قيامها بإلقاء أسلحة بالمظلات، إلى المقاتلين ضد الجيش الليبي عام 2011م بغرب ليبيا.
وقال عبد الحفيظ غوقة، نائب رئيس المجلس الوطني الانتقالي آنذاك، للصحيفة الفرنسية: “ما من شك في أن الليبيين في جبال نفوسة “غرب”، يعيشون اليوم بأمان بفضل شجاعة وبطولة الثوار، وأيضًا حكمة فرنسا ودعمها”.
وقال عبد الحفيظ غوقة، نائب رئيس المجلس الوطني الانتقالي آنذاك، للصحيفة الفرنسية: “ما من شك في أن الليبيين في جبال نفوسة “غرب”، يعيشون اليوم بأمان بفضل شجاعة وبطولة الثوار، وأيضًا حكمة فرنسا ودعمها”.
السلاح الفرنسي بيد الجماعات المسلحة
واقرت فرنسا انها زودت الجماعات المسلحة في منطقة الجبل الغربي جنوب غرب العاصمة طرابلس، بالسلاح.
وأكدت الصحيفة، أن فرنسا سلمت في تلك المنطقة التي تبعد عشرات الكيلومترات جنوب العاصمة قاذفات صواريخ وبنادق هجومية ورشاشات وصواريخ مضادة للدبابات من طراز ميلان.
واشار “مصدر فرنسي رفيع المستوى” للصحيفة”، إلى أن عمليات إلقاء الأسلحة دلت على إرادة باريس إعطاء زخم لحركة التمرد على هذه الجبهة الجنوبية، وأن الجيش الفرنسي كان لديه خطة واضحة لإلقاء الأسلحة بالمظلات، وأن فرنسا أخذت هذا التحرك دون دعم حلفائها.
واوضحت “لوفيغارو”، وقتها، أن مسئولين فرنسيين أملوا أن يتيح تقدم “الثوار” على هذه الجبهة الجنوبية المساعدة على سقوط طرابلس، حيث قال مسئول فرنسي كبير: “إذا وصل المتمردون الى مشارف طرابلس فان العاصمة لن تتردد في التمرد على القذافي”.
ساركوزي طبرق
وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، أن ليبيًا في طبرق سمى نجله “ساركوزي”، كتعبير عن شكره للدور الذي قام به الرئيس الفرنسي من دعم لفبراير ومد “الثوار” بالأسلحة لإسقاط النظام والسيطرة على طرابلس.
واسترجع نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، ذكريات الاعتداء الغاشم لحلف الناتو على ليبيا، كاشفين أنهم كانوا مغيبين، ولم يكتشفوا الفخ الذي نصبته لهم فرنسا بإسقاط النظام الليبي، لأجل مصالحها في الأساس، ولأجل عقود النفط، وعقود إعادة الإعمار مع حليف بديل ينصاع لأوامرها.
وكان النشطاء، قد تداولوا أيضًا، صورة لرسالة بين برناردليفي وساركوزي، يخبره فيها بتسمية أحد أبناء طبرق، باسم ساركوزي، مؤكدين أنه بغض النظر عن الرسالة وصحتها، فإن الواقعة ذاتها قائمة، تشهد عليها سجلات طبرق.
وانتقد مراقبون، تلك المواقف المتباينة، مؤكدين أن الليبيين ربما لم يكونون على علم أن دموع الفرح التي ذرفوها على أشلاء أبناء جلدتهم، ستتحول إلى دموع حزن وقهر، على وطن باعوه في مزاد علني دولي، مشيرين إلى أنهم قد يمضون عمرًا في “شحت” سيادته المخطوفة، من على أقدام زعماء الأمم الذين قاموا باستخدامهم وقتلهم، من أجل تحقيق مصالح دولهم وشعوبهم فقط.
وانتقد مراقبون، تلك المواقف المتباينة، مؤكدين أن الليبيين ربما لم يكونون على علم أن دموع الفرح التي ذرفوها على أشلاء أبناء جلدتهم، ستتحول إلى دموع حزن وقهر، على وطن باعوه في مزاد علني دولي، مشيرين إلى أنهم قد يمضون عمرًا في “شحت” سيادته المخطوفة، من على أقدام زعماء الأمم الذين قاموا باستخدامهم وقتلهم، من أجل تحقيق مصالح دولهم وشعوبهم فقط.